أيّهم أخطرُ، سارقُ : الأموال ، أم الأوقات ، أم الجهود ، أم النفوس ، أم السيادة؟

سؤال مطروح بقوّة :

أيّ اللصوص أشدّ خطَراً ، على الأفراد والمجتمعات: سارقُ أموال الناس، أم سارق أوقاتِهم، أم سارق جهودِهم، أم سارق نفوسهم..أم سارق السيادةِ عليهم، دون حقّ له بها، ولا أهلية لديه، لها؟

لص المال: قد يسرق اللصّ مالاً ، نقدياً أو عينياً .. وقد يكون محتاجاً إليه ، لينفق على بيته ، أو ليعالج مريضاً لديه ! وقد يكون صاحب المال فقيراً، لايملك غير المال، الذي يسرقه اللصّ ، أو  ثرياً ، ليس بحاجة إلى المال المسروق ! وتختلف الأحوال والظروف ، بين أنواع المسروقات، وأوضاع السارق ، والمسروق منه !

لصّ الوقت : الوقت هو عمر الإنسان ! وقد يكون صاحبه ، كثير الاعمال ! وبعض الناس يكتبون ، على أبواب مكاتبهم  (الواجبات أكثر من الأوقات) وعبارات من هذا القبيل ، تعبّر عن كثرة أعمالهم ! وقد جرت عادة كثير من الناس ، على اقتحام بيوت غيرهم ، أو مكاتبهم ، أو مقرّات عملهم ، دون إذن ، أو إخبار، أو تنسيق معهم ؛ فيسبّب ذلك ، حرجاً لهم ؛ بين استقبال الزائر، والاعتذار عن عدم استقباله ! وقد حلّت وسائل التواصل ، كالهاتف وغيره ، هذه المشكلة! ومَن أصرّ، على إحراج الناس ، فعليه تحمّل النتائج !

لصّ الجهود : بعض الناس يسطون ، على جهود غيرهم ، فيسرقونها ، وينسبونها إلى أنفسهم! وقد تكون هذه الجهود قيّمة ، أو صعبة المنال، يبذل فيها أصحابها، أوقاتا كثيرة : كالمخترعات، والكتب المؤلّفة والمحقّقة ، والبحوث العلمية أو الأدبية .. أو نحو ذلك ! وقد انتشرت ظاهرة سرقة المؤلّفات ، في العصور المتأخرة ؛ إذ يجد صاحب الجهد ، جهده الذي أنفق فيه ، سنين من عمره ، قد نُسب إلى فلان أو فلان ؛ ممّا يسبّب له كارثة ، في بعض الأحيان !

لصّ النفوس : قد يسرق بعض الناس ، نفوس غيرهم ، عبر القتل العلني ، أو الاغتيال ، أو التعذيب في السجون .. ونحو ذلك ! وقد يكون الحاكم الظالم ، هو مَن يسرق نفوس مواطنيه ! كما قد يكون سارق النفوس ، مرتزقاً مستأجراً للقتل ، مقابل المال! وقد يكون سارق النفس الآدمية ، إنما يسرقها ، ثأراً لنفس ، سُرقت من قبل ! وتظل سرقة النفوس ، كغيرها، خاضعة لظروف كثيرة ، يحكمها الشرع والقانون ! وتتغوّل القوى الغاشمة ، في كثير من الأحيان ، فتنتزع نفوس الناس ، دون حقّ ، وتفلت من عقاب الدنيا ، لتنال جزاءها ، في الآخرة !

لصّ السيادة : هذا لصّ من نوع خاصّ ، مميّز، فليس سائر الناس قادرين ، على انتزاع سيادة ليست لهم ! والسيادة قد تكون على قبيلة ، أو دولة ، يستولي عليها اللصّ ، بقوّة رجاله ، أو بقوّة السلاح ، أو بقوّة المكر والخديعة .. وهكذا !

وأصحاب الانقلابات العسكرية ، هم أكثر الناس سرقة للسيادة ، من أصحابها الشرعيين ! وهم، بسرقة السلطة ، يسرقون أشياء كثيرة وهامّة ؛ فسرقة السلطة ، تتيح لهم ، سرقة سائر الأشياء المذكورة ، آنفاً ، من أموال وأوقات ، وجهود ونفوس ! وتُعدّ سرقة السلطة ، بالتالي ، أخطر أنواع السرقة ، وأشدّها إجراماً ، وأكثرها إيذاء للناس ، وإيلاماً.. وقد تسبّب كارثة ، لدولة كاملة ، في حاضرها ومستقبلها ، بكلّ مَن فيها ، وما فيها !

وسوم: العدد 831