تراجعات ومراجعات ورقة في تأريخ التجربة المغربية داخل السجون

كاتب مغربي معتقل سياسي سابق

بين يدي     التجربة

بعد سبع سنين من خروجي من السجن.. حيث خلّفت من ورائي حديث المراجعات والتراجعات وكان يغص بالشجون...

جائني  ضابط أمن  في جهاز المخابرات طلب اللقاء بي...  كان الحديث مليئا  بالتبريرات لما حصل   بعد  أحداث تفجيرات الدار البيضاء انتهى الحديث بمطلب...

{{ نريد رؤيتك للمراجعات  في السجون  فلدينا النية لطي هذا الملف}}

  لا أدري لحظتها لم تذكرت   مسرحية للأديب الحضرمي   علي أحمد باكثير

 عنوانها   يحمل كل خلاصات تجربة السنوات العاصفة ما بعد   احداث 16 ماي 2003م

{{ السلسلة والغفران..}}

  قلت له ان السلسلة التي اوصلتنا  من 2003 الى مشارف  نهايات 2013م

ستمتد بنا طويلا ان لم تنتهي بغفران حقيقي....

  ثم اعتذرت عن أي مشاركة  في  رؤية  للمراجعات أو التراجعات في السجون بعد ان غاذرتها لسبب بسيط أنني كنت رافضا لها لاعتبارات كثيرة...

سألني عن  تبرير   واحد   للرفض

  فأجبت {{ إنه شأن سجوني,,   من يبث فيه هم أصحاب العتمة   }}

بعد سنين من هذا اللقاء..شهدت فيه اعتقالا  جديدا ثم خروجا من السجن

 ومرت بعده الأعوام..

    شهد ت فيه السنوات العتيدة المديدة الكثير من التحولات,  أصبحت معها رؤيتي لتلك المرحلة اكثر اتزانا وحيادية   بعيدا عن   تجاذبات السجون و شلليتها و{{ قهر رجالها}}...

  هنا سأحاول ان اكتب شيئا في التاريخ عن تلك المرحلة التي شهدت خطاب تراجعات   حينا ومراجعات أحيانا

  كنت   رافضا لها في كثير من المنعطفات السجونية...

  لكن بعد كل هذه السنوات هل كان قرار الرفض  موفقا؟؟

  لماذا فشلت التراجعات والمراجعات  معا في السجون؟؟؟

  وهل   تم انجاحها مع تراجعات حسن الخطاب التي انتهت   باطلاق سراحه مع العديد من  المعتقلين  المنخرطين فيها؟؟

حرقة الأسئلة   تتفاقم كلما عادت بي الذاكرة لذلك الزمن...

  إنها قراءة في التجربة والتأريخ لها ..  ربما تكون {وثيقة }إضافية عن تلك المرحلة  بالموازاة مع ما كتبه الآخرون  عن تلك التراجعات و المراجعات.....

  غايتنا منها ان نقدم تجربة خالية  من الحقد.. تستهدف الحقيقة لا الانتصار للذات

  الحقيقة التي تقود للحق...  وتترك مساحة ليشع النور   ويمتد الضياء

البدايات

مما لاشك فيه أن هاجس المراجعة  للتجربة قبل  دخول السجن .. كانت قوية لدى قطاع كبير من المعتقلين  من   بدايات الاعتقال..  لكن  الحديث عنها كان مكتوما  وخاصا يمور بين  جوانح  من   كانت  المراجعة  لديهم بداية تكتيك

  او   تحول..  او انتقال ...من موقع لموقع آخر

{{الحقيقة ان لحوار   بين الجهت المنية والشيوخ لم تنقطع يوما   قبل النطق بالاحكام}}

هكذا قل محاوري في الزنزانة...  وان بدايت المراجعة  وإعادة لتفكير في تجربة قدتنا للسجون فقيما يخص  من كان منشغلا بالعمل الحركي ...  او متعاطفا مع التنظيمات الجهادية    كالقعدة  بل ان القاعدة نالت  النصيب الأكبر من النقذ من البدايات

 أذكر انني عندما إلتقيت بأحد المعتقلين من قدامى المشاركين في   الجهاد الافغاني قال  لي بالحرف{{  كل مجرى من جريرة الظواهري...}}  وظل ينتقذ القاعدة حتى  اشفقت عليه  عندما أخبرته{{ أن   هذا النقذ مهما يكن   سلبا أوايجابا لن يثمر   لك فرجا ويعيدك لبيتك....}}

   في البداية كانت  المراجعة لدى الكثيرين  شخصية   هكذا بدأت ظلت   فردية مكتومة  ..   بين  المعتقل ونفسه او   بين اثنين  او ثلاثة ..

  السجون  بما فيها من عوالم مقيتة هي عالم مظلم  مغلق شديد الخصوصية وإن   إ

تصل بالاعتقال والسجن السياسي يصبح  الوضع  أشد قتامة وضحالة وترهلا...

في بداية الاعتقال لوّح  المخزن بورقة الحوار مع العلماء لتكون البوابة   الكبرى لإنهاء محنة الاعتقال السياسي

  كانت  المشكلة الكبرى انهم كانوا أمام تيار   غير منسجم  وشيوخ غير  متفقين و  مقدمين في التيار الجهادي  مختلفين على   كثير  من الأشياء   الكبرى...  

 من هنا  كان التباطؤ في الحسم  او تبني الدولة لهذا الخيار ...

ثم كان السؤال الكبير من لنظم ومن العقلاء

{{  هل اعتقلونا لنتراجع ونراجع انفسنا   ؟؟؟؟

بانسبة لهم هل اعتقلناهم ليتراجعوا او يراجعو انفسهم أم لنستأصل  شفتهم   ونقتلعها من الجذور؟؟}}

كان عامل الزمن هو رهان الجميع...

 وكان الجميع ت يومها تحت وقع صدمة الأحكام  حتى أن الحدوشي أخبرنا   وأقسم باغلظ الايمان أن مكثنا في السجون  لن  يمتد  اكثر من عامين  .. 

  سنتين  ثم سنخرج..

 المتشائمون قالوا خمسة  سنوتات والأكثر تشائما مثلي   ممن لازالت  تجربة اعتقال الإخوة في الشبيبة الاسلمية وحركة المجهدين شاخصة في حسهم ووجداناتهم

 قالوا       {ربما ازيد من عشر سنين وربما لن تأتي  أبدا....}

تحربة   لم تتم...

أذكر يوم  أن اجتمعنا   أنا والأخ عبد الرحمان العطشان  في زنزانة واحدة   كان   الحوار   بيننا متواصلا....

  صحيح ان الثقة لم تكن  قد وصلت  ذروتها كطبيعة  تلازم الانسان من سنوات الأسر والاعتقال السياسي  لكننا  وصلنا الى   نقاط مشتركة...  انتجت  ثلاثة بيانات ....

أولها     رسالة للشعب المغربي   في توضيح من نحن وبراءتنا من احداث الدار البيضاء... ثم     رؤية للحل  كورقة مشروع انقاذ...

  كان عبد الرحمان العطشان   واسع الاطلاع على التجارب الإسلامية  مثقفا    مؤهلا  للنقاش   والقدرة على الاقناع  وانتاج أفكار...  ذلك أن القلة ممن كانوا في السجن يومها   من كانت لديهم   مقوّمات  تؤهلهم للرسو بسفينتهم في عالم الأفكار..

  اقترح  علي أن نشرك عبد الكريم الشاذلي في   تصورنا لهذا المشروع.. الذي كان  مشروعا   فكريا سجونيا

 لم يتنبنى  خطاب المراجعات   كمحاكاة  لتجربة الجماعة الإسلامية  بمصر بل  ظل   قوة مقترحية...ورسلة توضيخ للناس  من نحن وم هي حقيقة احداث الدار البيضاء

    لم  يطل  انتظا رنا لرد  عبد الكريم الشاذلي الذي تحمس للمشروع    إذ وافق على التوقيع  على البيان  الأول

   ثم اقترحت ان نعرض المشروع  على حسن الخطاب.. الحقيقة أن العطشان تردد كثيرا في ذلك لما عرف حينها عن الخطاب  من ميول للغلو..  لكنني اصررت على اشراكه في تلك الرؤية...

  لم يعترض حسن الخطاب  يومها على  الورقة التي اتفقنا على نقاطها  مع عدم المساس  بأمور العقيدة  وانها   ورقة سياسية

  لاتتصل بتنازلات بل تسعى  لحل...  معظلة   اعتقالات احداث الدار رالبيضاء وتوضيح  خطاب {{ المظلومية }}

 ولكن  حسن الخطاب كانت  لديه  ملاحظات  على   الوثيقة ...

  كنا نكتب في أوراق الحليب  المعلب بعد تجفيفها  ثم  نسربها لبعضنا البعض    تصل لعبد الكريم الشاذلي عن طريق نافذة مرحاض الزنزانة   المطلة على الفسحة...  او    عن طريق مجموعة من المعتقلين اختاروا الانخراط في الخدمة الطوعية     كتوزيع الأكل والشاي   وتنظيف الممرات ومساعدة الحراس.. {{ معظم   من كان يضطلع بتلك المهمات هم مجموعة التكفير والهجرة }} هؤلاء منهم من كان   ثقة  أو كنا نظنه ثقة   كان وسيلة إيصال الرسالة لحسن خطاب..

  بعد نقاشات طويلة انتهينا إلى صياغة  الوثيقة بشكل نهائي  وحان وقت  تسريبها  خارج السجن ...

  ولكنها لم تخرج بل   سقطت في أيدي الأجهزة الأمنية   التي كانت ترابط في السجن وكان لهم مكتب فيه...

  فيما بعد علمت ان حسن الخطاب كان  يجتهد  في إيجاد وسيلة آمنة للتسريب

فيعطي البيان لموظف  من الحراس كان يسميه {{ مؤمن آل فرعون}}  مؤمن أل فرعون هذا كان وفيا لفرعون    وبالتالي   كانت تكتب  الوثيقة   ثم في النهاية تصل لمكاتب الأمن...

حاولنا اخراج البيانات بطرق أخرى لكنها كانت فاشلة..

 بعد اطلاعهم عليها سعى  ضابط اتصال كانوا يسمونه الحاج الى الحديث مع  حسن الخطاب   عن الوثيقة   ثم  انتقل الى زنزانتي كنت  أثوي فيها أنا والأخ عبد الرحمان العطشان...  طلبنا للتحدث معنا أمام  بوابة الزنزانة ودار بيننا نقاش    لعدة دقائق   تحدث فيها عن صعوبة  ثقة الدولة في التيار السلفي الجهادي وأنه  تيار يمكن لأي فرد فيه اتخاذ قرار  القيام بعمل ما كما حدث في الدار البيضاء ..  {{ كنا يومها على مرمى قوس من اعتقال مجموعة   توفيق الحنوييشي التي نسبت له الكثير من الاحداث ذات علاقة بإراقة الدماء...}}   ما الذي يدعونا للحوار معكم ؟؟  نحن نريد حوارا  يجمع كل الشيوخ  ثم  يتولى هؤلاء الشيوخ  إقناع كل المعتقلين ويضمنونهم...}}

  هنا  وفي تلك المرحلة   أدركت اننا مختلفين تماما في فهم   الوثيقة  وما الجدوى منها...

  بعد حديث من العطشان لم أتكلم الا نزرا يسيرا...  وكان الضابط  شديد المقت لي لا اعرف لماذا ؟؟؟

  لكنه قال لي{{  هل تستطيع اقناع زكرياء الميلودي   بما قلت  لكم}}

  قلت له {{أنا   لا اتحدث هنا نيابة عن احد  امامك   زنزانة الميلودي يمكنك سؤاله   انا   اعتقلت   بمفردي   ومسؤول عن نفسي   والوثيقة  هي   مقترحات  للخروج من  عنق الزجاجة فالسلسلة ستمتد ولن تنتهي الاعتقالات....}}

  الحقيقة ان عطشان تحمس   للموضوع  كما طرحه الحاج

 لكنه انتهى بتلك الطريقة العفوية التي ابتدأ بها ..

  في حديث طويل لاتنقصه الصراحة   وصلنا الى قناعة ان النظام لا ولم  ولن يقبل مبادرات تكتيكية كما لايمكن ان يقبل حلا في السنة الأولى  او الثانية من السجن

  لهذا كانت رؤيتي هي   الاتفاق على   عمل فكري  نصد به عادية الاعلام الذي سعى في تشويهنا  وألصق بنا  التهم     تلفيقا وتجنيا..

  في الغد  وعلى غير العادة ونحن في الفسحة تم إخراج عبد الكريم الشاذلي من الزنزانة   وأحضروه الى الفسحة  حيث كانت  حصتنا في الترفيه..   ناداني فاتجهت اليه وكان     الحاج غير بعيد عنا.. لم افهم لماذا جيئ به  ؟؟ولم أسأله

    دسّ في يدي ورقة   ثم انصرف...

  بعد ان انتهت الفسحة اتجهنا لزنزاناتنا....

صعدت  للمهجع العلوي   ولم اخبر أحدا  بالورقة وقد كنا في الزنزانة خمسة معتقلين...

فتحت الورقة   ثم اطلعت على فحواها فاذا هي بيان كتبه عبد الكريم الشاذلي

كان البيان  يؤكد اننا لانستهدف اليهود المغاربة ولا اليهود   وحرمة ذلك  ...  فاستعدت   حينها   ما قال لي من فترة ان  هذا البيان  اقترحه ضابط المخابرات  الحاج  على الشاذلي وطلب   منه   ان يكتبه كمبادرة حسن نية ثم نوقعه

واعتقد لو تم التوقيع عليه كانوا سيسمحون بنشره...

ذلك ان البيانات التي   وصلتهم وهي في طريقه للعبور  من السجن الى العالم الخارجي بعد اطلاعهم عليها لو كانت في صالح  تدبيرهم وقتها لسمحوا  لها بالوصول للإعلام وشجعوها أيما تشجيع ...  ولكن شيئا من ذلك لم يحدث

في تلك اللحظة وانا امام استقراء   وإستنطاق   مضامين البيان  جاء للزنزانة   حارس  هو في الأصل  رجل أمن نادني باسمي  فأجبته {نعم ..}

 ابتسم وقال لي  وصلت الامانىة   قلت له {  أي امانة ؟}

قال {الأمانة....} فاعدت عليه ماقلت {{ أي امانة؟}

  سكت وقال لي {{  انت عارف وانا عارف  وصاحبك في الفسحة عارف ونحن عارفين انك عارف بان الأمانة وصلت}}

  هنا قلت له {{ نعم }}

 انصرف وقال لي {{  راك عارف..}}

بيادق في   رقعة شطرنج

كان  الحاج يلعب  بنا وقتها  كبيادق   رقعة الشطرنج      شئنا أم أبينا

أقول  هذا وستنكشف بعدها الكثير من التفاصيل التي  تؤكد اننا كنا  بيادق في رقعة الشطرنج....بطريقة  غير مباشرة

منها على سبيل المثال لا الحصر استدعاء الحاج   للفزازي الى مكتبه   في  حي ميم  

 ثم    انتهى اللقاء بطلب ما من الفزازي واستجاب له... فيما بعد..    ظنا منه ان الأمر سيكون  طي الكتمان مع الحاج  ..  بينما   قام هذا الحاج باستدعاء الشاذلي بعدها ودار بينهما حوار  طويل   سأله عن المشروع الذي كنا  نعده لاصدار بيانات  تستهدف الرأي العام..

    عندما أوضح له الشاذلي رؤيته    قام الحاج  بفتح درج  مكتبه واستخرج  ورقات

  دفعها  له وقال له إقرأها انها بخط يد الفزازي.....

   هذا ما اخبرني به   عبد الكريم الشاذلي بنفسه بعدها  أذكر انه قال لي ان الفزازي كتب عني  في تلك الورقات  أشياء لم    يرغب في توضيح طبيعتها.....

  كان هذا  من الكيد  وتحويل المعتقلين الى   بيادق في رقعة الشطرنج للتحريش بينهم وإسقاط هذا وذاك..    لتبقى سياسة فرق تسد هي المهيمنة  على السجن ولاصوت يعلو فيه فوق صوت المعركة المعلنة على الإرهاب....

  الحاج يستكتب هذا في       موضوع   ثم يعطي للآخر  الأوراق ليطلع   على ما كتب صاحبه بالجنب...

  ومن قبيل هذا اللعب  ما قام به في نفس الفترة محمد الفزازي من كتابة بيان  اطلع عليه عمر الحدوشي إن لم تخني الذاكرة واعتذر عن التوقيع عليه لأنهما كانا في زنزانة واحدة..

  ثم تفرد  الفزازي  بكتابة البيان   وسربه مع نفس الموظف {{  مؤمن آل فرعون}}

  الظاهر ان كبار الحجاج اطلعو عليه وكان يضم بين جوانحه  تنازلات    كبيرة ...  لهذا رفض الحدوشي التوقيع في البيان ...  ولكي يحدثوا بلبلة في صفوف المعتقلين كان التدبير ان يتم  تسريبه لشخص لايسكت  عما   فيه بل سيفضح  كل التفاصيل فتشيع في السجن  وتسري فيه سريان النار في الهشيم...

  لم يجدوا أحسن من تسريب البيان لحسن الخطاب  عبر    الموظف وهو رجل أمن{ طانت  سذاجة  من استعمله تعتقد انه مؤمن آل فرعون وذا به  يؤدي دور رأفت الجهان   ولكن داخل السجن  بعشرات الوجوه}}

  اذ افتعل انه  سيفتش من طرف موظفي المخابرات   ثم اتجه لزنزانة حسن خطاب وطلب منه الاحتفاظ  بالبيان  دون تفصيل....  وهكذا وصل للخطاب في  زنزانته   ولأن   سوء الظن كن هاجسا فقد اطلع  الخطاب على الورقات ليكتشف انه    بيان من محمد الفزازي   فأفشى مضامينه  لكل من  له صلة   به داخل السجن...

أنها  من وسائل المكر التي كانت تنجلي اسرارها مع الزمن..

  خلاصة هذا المسهد ان المخزن ومن   يهمهم لمر   لم تكن لهم نية لقبول أي مشروع  سواء لتوضيح حقيقة ما وقع للناس  وتبرئة المعتقلين لأنفسهم...

  او   مشروع تنازلات  صميمة...

  لهذا تم اجهاض   خروج أي بيان من السجن في  تلك المرحلة

  ذلك أن فهم هاته الحقائق هو   الذي سيسهل لنا فهم بقية حلقات ما وقع في السجون على مدى  سنوات...  وهل هي تراجعات  أم مراجعات  والى أين وصلت  وما كان من مآلاتها     مع كرور السنين الطويلة..

في بداية السجن ولكي يضمن  مدير السجن   عبد العاطي بلغازي  إحتواء  المعتقلين وإمتصاص صدمات  المحاكمات  حتى  تنتهي مرحلة   الأحكام   التي تليها الترحيلات سعى  للتبشير  بحل في الأفق وعمد الى   مقابلة عدد من المعتقلين البارزين  في السجن  من أجل ذلك....

قصة بيان التبرئة  من دم اليهود

نواصل سرد قصة الورقة  بعد هذا التفصيل المطلوب لتقريب المشهد  كاملا  في ر ذلك الزمن  الرهيب في سجن سلا ..

المـتأمل في     واقعنا في السجن ومن يعرف كيف يفكر المخزن يدرك انها كانت مراوغات فقط  فارغة من أي محتوى...   فقد  ظل النظام يراهن على عامل الزمن لكسر المعتقلين في السجون...

في   ذلك  اليوم  تم توجيه عدة رسائل  من خلال ماجرى  بين الحاج وعبد الكريم   الشاذلي.....

أراد  الحاج ممثل المخابرات في السجن   ان يوصل لي  يومها

 ان  خروج عبد الكريم الشاذلي من زنزانته في غير وقته  من تدبيرهم

  و أن حديث عبد الكريم الشاذلي  معي في الفسحة  بموافقتهم

  وان الورقة التي دسها في يدي كانت بمعرفتهم واقتراحهم...

  اخبرت الاخوة معي في الزنزانة بما حدث وظلت قصة {{  راك عارف سمرنا  تلك الليلة }}

    قرات عليهم بيان الشاذلي ... علانية وفي السر لم أتكلم بشيء

  الحقيقة ان عطشان  لامني على ذلك وكان يميل للكتمان  لكنني كنت أعرف طبيعة المعتقلين  والسجون  وسرطان التخوين   فيها  قاتل..

 كان لابد أن يعرفوا كل ماجرى بل حتى فحوى الرسالة

   لأنها مصير...  نعم مصير انسان في السجن

  يغيب فيه الجلاد

 ثم يبرز   وحوش العتمة من   بين جوانح المعتقلين

  وقد كان ومن مر بالسجون يدرك معنى وحقيقة ما أقول ...

وسنميط اللثام في بقية الحلقات عن   المشهد كاملا للتضح الصورة بوضوح..

عندنا سألني العطشان { هل ستوقع البيان }} لم أتردد لحظة واحدة  قلت {{ لا}}

لكن للأمانة عرضته   فيما بعد على الخطاب وكان يشاطرني الرأي في عدم التوقيع عليه....وأن كانت     أسباب رفضنا مختلفة تماما

وصل   للحجاج في المكاتب التي ظلت تشرف علينا في سجن سلا  من خلال المراقبة الحثيثة أننا أصبحنا على خلاف في الرؤى {{  أنا والعطشان والشاذلي والخطاب }}

  خاصة بعد  اعتراض الخطاب على بيان    كان بعنوان {{ نداء حار الى الشعب المغربي المسلم}}

 فقد اعترض على العنوان    واطلاق اسم المسلم على الجميع...

ثم اعتراضي على بيان  التبرئة الذي كان يخص اليهود...

   لقد ادركنا لحظتها ان  وقوع  المعتقل تحت   اردة  جلاده وانصياعه لمطالبه{ اكتب هذا  افعل كذا }يجعل من  هذا المعتقل  جاسوسا حقيرا ينتهي   به المطاف الى مزبلة التاريخ ولايحقق  شيئا مما كان يصبو اليه...  في البدايات  وأدركنا مع هذه الحقيقة أن   قبول  توصية   الحاج     وفكرته  التي اقترحها بداية السقوط  لهذا رفضت   الفكرة تحت  أي واجهة وهو ما    نوقش   يومها واصبح قناعة  كاملة لنا  في منعطف رهيب.... وقاتم...

  ثم إرتأى   العطشان أن نشرك أخا من العائدين من أفغانستان في البيان   الجديد  كمحولة جديدة وسربه له  فارسل هذا الأخ  وهو نور الدين نفيعة  رسالة للعطشان  اطلعت عليها..  

 تضمنت رؤيته   ثم ملاحظاته على البيان  الذي أوصى بالتريث في نشره حتى يحظى بثقة الكثير من الاخوة البارزين في السجن  وعرضه على الشيوخ....

الحقيقة ان ورقة  نور الدين نفيعة كانت   مركزة    بها زخم  من الافكارال واضحة تنم على شخصية   كاتبها وانه  مؤهل  تأهيلا يجعل من    مقترحاته  ذات جدوى ..

  ما استخلصته من الرسالة  أنه    وافق ضمنيا عى   الأفكار التي طرحها العطشان   بل واقترح  ما اسماه إشراك  شق  الإخوة   خارج السجن ...

 الحقيقة  توقفت ميّا عند هذه النقطة  ولكن  نتمكن من  النقاش  عميق معه  حولها

  ثم إن العطشان   راسل الفزازي الذي لم يتوانى في الرد عليه  .. في رسالة   طويلة  أبدى فيها    قابليته لخوض غمار المراجعات  بالمفهوم الذي  طرحه لاحقا الحاج 

{{  للتاريخ معظم المراسلات احتفظ بها  صاحبها الذي جاءت باسمه وهو الاخ عبد الرحمان العطشان  ولا شك  انها  موجود الى الآن إن تم الاحتفاظ بها }}

  قال لي العطشان بعدها أنه عرض المشروع على الحدوشي والفزازي     .. وأهما لم يعترضا عليه .. 

في تبك المرحلة  كنت  اناقش  معه المستجدات فقط  مكتفيا بما يستجد منها....

 الحقيقة ان طبيعة السجن  لايفهمها الا من مر بها..   الشيوخ    كما كان يسميهم الاعلام كانت رؤيتهم أنهم هم مفتاح الحل للسلفية الجهادية وملفها برمته وكانت هذه قناعة  الكثير من المعتقلين...  ولاشك أنها كانت خاطئة   وهو ما اسفرت عنه الأيام و السنوات.....

  وبالتالي وفق هذه الرؤية  فأي خطوة  لمخاطبة الاعلام أو الرأي العام لابد ان تقتصر عليهم ولاتتجاوزهم ولاتشرك معهم غيرهم ممن لم تكن لهم شهرتهم   ولاذيوع صيتهم

في هذه المرحلة   كانت نهاية   تجربة     حركت المياه الراكدة في سماء   ساحة السجون الضارية..........

  على الأقل كانت محاولة اريد لها ان تكون    مركوبة فانتهت   في مهدها ...

بعد ان استعصت على الركوب للاعتبارات السالفة الذكر

على الأقل عجلت بالوصول للنهايات عندما قرر الحاج تفريقنا لمنعنا من التواصل بيننا... وهكذا انتهت فكرة.. لم تكن   ابدا   سوى محاولة   لاطلاق الصرخة 

 والصرخة هي غاية البلاغ....

  خلاصة  الفكرة التي أروم  ترسيخها   في هذه الحلقة وهي أن أي تكتيك  في السجن  يحاول ان يخرج  المعتقل من عنق الزجاجة   سواء   على المستوى الحقوقي او  توضيح الحقائق وكشف الأباطيل أو حتى    إحداث مراجعة فكرية  للتجربة قبل الدخول للسجن  ..

فالسجن نتيجة لتلك التجربة   ومن الطبيعي ان يقف المرء   وقفة تأمل ليراجع أوراقه   هل كان  هناك خلل وأين الخلل؟؟

  اما السجن فتجربته في طول مدته وما فرز  من تداعيات سجنية...

و حتى  تراجعات   عن قنعاتن  سابقة اما بتبين  خطئها وجدواها   او   قوة  اضرارها  او التخلي عنها  مام قساوة السجن

  كل هذه الخيارات   لاتتركها الجهات المنية دون ان تركبها وتوجهها  .. 

  من العسير جدا ان  تجد فكرة المراجعات   و التراجعات مستقلة   وغير موحهة وهنا مربط الفرس  ..  ام المشكلات .......

°°°°°°°°°°

هنا أروي   وقائع من التاريخ الذي عشته في السجون في ما يتصل بفكرة المراجعات والتراجعات  من  اول سنة  سجن  الى ان أصبحت  مفروضة    بقوة   المخزن

  روتيها من الذاكرة   سواء من  شهادات  المعتقلين الثقاة   او عاشيتها مباشرة

  لا استهدف من خلالها الإساءة لأي شخص ...

  فقد كأدت في البدايات أنها وثيقة ترنو لأن تكون خالية من أي حقد  او خلفيات     كرستها خلافات واصطفافات زمن السجون...

جميع المعتقلين الذين  كانوا معي في المحنة  أقف  منهم على مسافة واحدة

وسوم: العدد 832