الفروق بين المصطلحات ، فروق بين الحقائق ، أوّلاً !

ماالفرق بين كلّ من كلمات: شارد وشريد ومشرَّد..ومُهاجر ومُهجَّر..في صياغاتها ودلالاتها؟

كتبتُ نصّاً ، عنوانُه : علامَ  يُراهن مشرّدو الربيع العربي، في تركيا؟ فاحتجّ أحدهم على العنوان، قائلاً: (أظن أن الكاتب بإطلاقه وصف (المشردون) عن المهاجرين والمهجرين قد خانه التعبير،،، ولم يحالفه التوفيق(...!

هكذا ؛ بهذا الخطّ العريض ، واللغة العريضة ، و(الظنّ) العريض..! وأرجو أن يكون معذوراً!

لستُ ممّن يحتجّون على النقد .. ولكن : أيّ نقد؟ إنه النقد ، الذي يَعي صاحبُه ، جيّداً، مايقرأ، ويوازن بين كلماته ، ويدرك الأسباب ، التي دفعت الكاتب ، إلى اختيار كلمة ، دون غيرها ، وإلى تفضيل هذه الكلمة ، على غيرها ، من حيث : دلالتُها ودلالةُ غيرها ، على الواقع المعبَّر عنه .. ودلالتُها ، على الرسائل ، التي تريد إرسالها ، إلى الناس ؛ ولاسيّما المعنيّين بها!

لو سئل الأخ الفاضل ، المحتجّ على العنوان ، عن الفروق التي يراها ، بين كلمتَي: مهاجِر ومهجَّر، ودلالات كلّ منهما ، على الواقع ، الذي تعبّر عنه .. ثمّ سئل ، عن كلمات : شارد وشريد ومشرَّد.. ودلالات كلّ منها، على الواقع، الذي تريد التعبير عنه ، من وجهة نظره، هو، فربّما استطاع الإجابة ، على ذلك !  

لكن ، لو سئل عمّا يريده الكاتب ، من ذلك ، فهل تكون لديه ، القدرة الفعلية -لا الظنية- على الجزم بذلك؟

ولأريح الأخ الناقد ، من ظنونه ، أوضح له ، ما أردته ، من اختيار العنوان:

(علامَ يُراهن مشرّدو الربيع العربي، في تركيا؟).

أوّلاً : أصرفُ النظر، عن كلمة (يُراهن) ، لأن الناقد لم يحتجّ عليها!

ثانياً : اخيار كلمة(مشرّدون)، التي أثارت الاحتجاج ، جاء عن عمد وتصميم، لأسباب عدّة:

لأنهم مشرّدون ، حقاً ، لا افتراضاً!

ولأن كلمة مشرّد تختلف ، عن كلمتي شارد وشَريد! فالمشرّد هو: من شرّده أحد ما، أو سبب ما! وفي هذا تذكير، للمشرّدين ، بمَن شرّدهم ، أو بما شرّدهم ، وفي التذكير حضّ ، على الفعل المقاوم للتشريد !

ولأن تذكّر المشرّد ، بأنه مشرّد ، يدفعه ، إلى شيء من التواضع ؛ فلا يتفاصح ، على الجهة التي آوَته ، ليعلّمها السياسة والكياسة – وقد يكون جاهلاً بهما ، معاً- ، كما يفعل بعض المشرّدين ، من دولة معيّنة ! ولا يُتصوّر- بالطبع - أن يفعل مثلَ هذا ، سائرُ المشرّدين ، من جنوب العالم العربي ، وشرقه ، وغربه !

ولأن كلمة مشرّد تختلف، عن كلمة مهاجر، أو مهجّر؛ لافي صيغتها، فحسب، بل في دلالتها، أيضاً ! فالمهاجرون ، في دول العالم المختلفة ، من دول العالم المختلفة ، كثيرون ، جدّاً ، و بعضهم هاجر، من دول آمنة مستقرّة ، ليس فيها اضطرابات سياسية واجتماعية ، وليس فيها صواريخ ، وطائرات ، وقاذفات قنابل ، تصبّ حممها ، على رؤوس الآمنين! والكثيرون منهم، لم يهيموا ، على وجوههم ، في الصحارى والقفار، والغابات والبحار.. لاهثين ، يبحثون ، عن أيّ مكان آمن ، يلتجئون إليه ؛ كما حصل - ومازال يحصل- مع المشرّدين ، من دول الربيع العربي !

ولأن الكاتب ، اختار كلمة(مشرّدين)، لأنه رآها ، أنسب كلمة ، تعبّر، عمّا يريد ، دون أن يُلزم بها أحداً! والآخرون ، الذين لم تعجبهم الكلمة ، أحرار، في اختيار الكلمات ، التي تناسبهم، والتي تعبّر، عمّا في أذهانهم ، مثل كلمات : مهاجرين ، ومهجّرين ، ولا جئين ، وهاربين ، وفارّين ، وعائذين ، ولائذين .. ونحو ذلك !

وختاماً : أرجو، أن يطيب ، لمشرّدي الربيع العربي ، عامّة ، المقامُ – الدائمُ ، أو المؤقّت- ، في تركيا ، فلا(يُشرّدوا) منها ، بسبب مباشر، أو غير مباشر.. منهم ، أو مِن غيرهم!

وسوم: العدد 835