المحجة البيضاء عنوان محمدي وإبداع محمدي وإنجاز محمدي وشريعة محمدية

اللغة والفكر وعلم الدلالة ..

( عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ) إحدى المنن العظيمة التي امتن بها الله على الإنسان . وكان جدل بالأمس من بعض المثقفين في الإنكار على استعمال تعبير " المحجة البيضاء " و ( الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) في غير موضعه !! في محاولة غير حميدة للدفاع عن المميعين لتجريد اللغة من دلالاتها العملية الأصلية والمكتسبة. يتساءل أحدهم إن المحجة في اللغة هي الطريق والبيضاء هي الواضحة فأي بأس في نسبة هذين اللفظين لأي إنسان ؟! .

بنفس الطريقة إذن يستطيع الذي يسب الله " جل الله " عدوا أن يقول : ولماذا تنكر عليّ وهل اسم الله إلا ألف ولام ولام وهاء ، وأي خصوصية في بعض بعض حروف الهجاء !!

أقول للأخ المحاور أو المجادل تعهد ربك إذا رزقك الله بيانا وأنعم عليك به أن توظفه في الدفاع عن الحق الأبلج واحذر أن تكون يوما للظالمين ظهيرا

ابتغ فيما أتاك الله الدفاع عن دين الله. وطريقة الجدل التي تستسيغها هنا تصلح أيضا للدفاع عن صاحب اضرب بالمليان ، ومفتي من حيث تخرج الطلقة دمروا على النساء والأطفال !!

وأعود إلى علم الدلالات اللغوية وعلاقة اللغة بالفكر وعلاقتها بالمفكر أو بالمرسل وعلاقتها بالمتلقي والمستقبل ، لأقول إن فلسفة ونظريات كثيرة قد تداولها علماء وفلاسفة ومنظرون حول الموضوع .

ولن نخوض هنا في تفصيلات علم الدلالة بتجلياته المتعددة وإنما سأشير إلى الدلالة المكتسبة التي تختزنها الألفاظ عبر تاريخها الأنثربولوجي والثقافي الطويل . تكتسب الألفاظ والتعابير معاني إضافية متراكبة عبر السنين .

ألفاظ كثيرة ، ولا أقصد فقط المصطلحات ، يدرس تاريخها حتى قالوا في تطور اللغة العربية لغة المولدين .

 في عالم الأدب نتحدث عّن معجم الأديب و" الشاعر " . نقول من تشبيهات المتنبي ونقول صورة شكسبيرية ونظل نردد حتى أنت يا بروتوس ، وكان اسم بروتس قد اكتسب دلالة خاصة في التعبير عن الخيانة والخذلان ، وكأن اسم شايلوك قد أصبح علما على الجشع بلا حدود ولم يعد اسم علم من شين وألف وياء ...

بالمعيار العلمي نفسه تكتسب الألفاظ دلالاتها الإضافية ومعانيها الرمزية .

يقولون : شرف العلم من شرف المعلوم . وشرف الدال على شرف المدلول .

نتحدث عن المعجم القرآني. وشرف الألفاظ والتعابير القرآنية. ونتحدث عن المعجم النبوي الكريم وقداسته .

ضربت المثل بالأمس عن خطأ خالد محمد خالد الذي اهتزت له مصر يوم كانت مصر.

كتب رجل مقالا يسخر من حديث "نحن أمة أمية "

هو لا يسخر من القول بل من قائله .

الصراط المستقيم الذي ندعو الله في كل ركعة أن يهدينا إليه لا يعرفه أصلا المأفون المأبون الهالك الذي نرفض أن ندخل بينه وبين ربه . ولكننا نعلم أن أي مسلم يثني عليه خيرا في أمر الدين فإنما يقول منكرا من القول وزورا ، ومن الجرأة على الله وعلى كتابه أن ينسب هذا الذي عاش حياته يحاد الله ورسوله إلى الصراط المستقيم الذي قضى حياته يصد عنه ، وعلى من فعل ذلك ان يستغفر الله ويتوب إليه .

والمحجة البيضاء هي عنوان محمدي ، وإبداع محمدي . وإنجاز محمدي . المحجة البيضاء هي الشريعة التي عمل الهالك غير المأسوف عليه ، حياته على نقضها ، وتدمير من يدعو إليها . وفِي إلقاء هذه البردة النبوية المباركة على كتفيه ادعاء و إفك وتزوير وتغرير وصد عن سبيل الله وتضليل لعامة المسلمين .

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 835