العاقل يبحث عن هدف : ممكن ، كثير الفائدة ، قليل المخاطر والتكاليف !

العقلاء ، عامّة ، يبحثون ، عن الهدف الممكن المجدي ، الذي لامخاطر له ، أو هو قليل المخاطر والتكاليف ، في الجهد والمال والوقت ، والتضحيات البشرية ، وغيرها!

الرياضيون : يبحثون عن الاهداف السهلة ، في مبارياتهم مع الآخرين !

الشاعر قال ، قديماً :  تَسألُني أمُّ الوَليد جَمَلا   يَمشي الهُوَينا ، ويَجيءُ أوّلا !

إخوة يوسف ، قالوا لأبيهم ؛ كي يقنعوه ، بإرسال أخيهم ، معهم ، كي يكتالوا من مصر: (ونَميرُ أهلَنا ونَحفظُ أخانا ونَزدادُ كيلَ بَعير ذلكَ كَيلٌ يَسير).

إلاّ أن الأمور، لاتجري ، دائماً ، وفق أهواء الناس ! وقد قال الشاعر القديم ، حَوطُ بن رِئاب الأسَدي :

وَنَيتَ للمَجدِ ، والساعونَ قد بَلَغوا   جَهدَ النُفوسِ ، وألقَوا ، دونَه ، الأُزُرا

وكابَدوا المَجدَ ، حتّى مَلّ أكثرُهمْ   وعانَقَ المَجدَ مَن أَوفى ، ومَن صَبَرا

لاتَحسَبِ المَجدَ تَمراً أنتَ آكِلُهُ    لن تَبلُغَ المَجدَ ، حتى تَلعَقَ الصَبِرا

فالتعامل مع الأهداف ، ليس سهلاً، من حيث اختيارُها، ومن حيث القدرةُ ، على الوصول إليها!

فالأهداف تختلف :

 باختلاف الساعين إليها ، من ذوي الهمم : العالية ، والمتوسّطة ، والضعيفة ! فلا يُتوقّع ، من صاحب الهمّة الضعيفة ، أن يختار هدفاً صعباً ، يكلّفه الكثير ، من الوقت والجهد والتضحية !

كما تختلف الأهداف ، من حيث جدواها ، وإمكانية تحقيقها :

فقد يكون الهدف عظيم الجدوى ، لكنه غير ممكن !

وقد يكون الهدف سهل التحقيق ، لكنه قليل الجدوى !

وقد يكون الهدف عظيم الجدوى ، لكنه محفوف بمخاطر عظيمة !

وقد يكون طالب الهدف عظيم الهمّة ، لكنه ضعيف ، في حساب الفوائد والأخطار!

وهكذا يتّضح ، أن في الوصول إلى الأهداف ، معادلات صعبة ، لا بدّ من حسابها ، عقلياً ، قبل السعي إليها .. ولا بدّ من امتلاك العزيمة ، للطموح إلى تحقيقها .. ولا بدّ من تهيئة الظروف المناسبة لتحقيقها ! وبعضهم ينتظر الظروف المناسبة ، وبعضهم يصنعها !

وممّا يُروى ، في كتب التاريخ ، أن أحدهم ، قال للفاتح الكبير، هانيبال : لن تَفتح المدينة الفلانية ، لأن دونها جبالاً صعبة ، لايمكن اجتيازها ! فقال : إذاً ، يجب أن تزول الجبال !

ولدى المسلمين قواعد ، ليست لدى غيرهم ؛ ففي حين يقول نابليون بونابرت : إن الله ينصر الجيش الأقوى عتاداً ؛ تقول الآية القرآنية : (كمْ من فئةٍ قليلةٍ غَلبت فئةً كثيرةً بإذن الله..).

كما أن صبر المقاتل، في الحساب الإسلامي ، يتحوّل في الحرب ، إلى قوّة رجل؛ فالمئة الصابرة تغلب مئتين! وقد كان الحساب ، قبل التخفيف عن المسلمين ، أن المئة تقابل ألفاً ، من المشركين ! وقد خفّف الله العبءَ ، عن المسلمين ، حين بدا عليهم الضعف !

وسوم: العدد 846