تعليقا على قول الرئيس أردوغان " نسلم منبج لأصحابها..."

المطلوب في عملية " نبع السلام "

سرعة الحسم في سباق الزمن - ومبادرة الثوار في الحضور الإيجابي  الفاعل

مما قرأت في خطط عملية " نبع السلام " أنها بنيت على ثلاث مراحل .

 المرحلة الأولى ومدتها عشرة أيام للتحرير . وتكاد تكون الأيام العشرة قد انتهت.

والمرحلة الثانية للتمكن من المحرر . ببناء القواعد والنقاط وتثبيتها وتجهيزها ، ومدتها أيضا على ذمة من كتب عشرة أخرى ..

والمرحلة الثالثة مرحلة مفتوحة ، في تكريس التحرير ، وبناء البنية التحتية فيه ، وتجهيزه لتحسين سبل العيش ولاستقبال المزيد من الراغبين .

ومهما يكن من دقة التقديرات الزمنية ولاسيما للمرحلتين الأولى والثانية ، فإن الذي يظهر لأعيننا أن سير العمليات على الأرض لا يساند هذا الكلام الذي تحدث عنه  مصدر تركي الأصل أن يكون مطلعا . وقد كتبه  مع انطلاق العملية  في اليوم الأول .

ولا يغيب عن الذهن أيضا ، أن السير الرفيق بالعملية هو جزء من الحرص الضروري والمشروع على سلامة المدنيين من سكان المنطقة ، وهذا الحرص يتطلب المزيد من الوقت والمزيد من الحكمة والرصانة في التقدم وفي التنفيذ .

ومع هذا الإدراك الذي يجب أن نظل مصطحبين له في كل الظروف ؛ وأمام الهبة العنيفة لعش الدبابير الدولي الذي يقوده اللوبي الصهيوني ضد العملية ، وضد الشعب السوري ، وضد الدولة التركية ؛ يبقى أن تستشعر القيادة القائمة على العملية أن عامل  الوقت ليس في صالحها . وأن وقتها مضيّق للتنفيذ . وأن عليها أن تبادر إلى تنفيذ خططها وحسم معاركها على عجل ، دون أن يكون ذلك على حساب أمن وسلامة المدنيين .  ذلك أن علينا أن نستحضر أن القرارات الدولية من مصادرها المختلفة تترصد العملية الجميلة ، لتقطع الطريق عليها . ولا بد أن ندرك أن مواجهة التحديات الدولية أسهل على الشعوب منه على الدول بضروراتها والتزاماتها . وهذه الحقيقة ربما لا يدركها الكثير من المستجدين على فضاءات العمل السياسي .

إن من قواعد العمل السياسي المقررة  أن للشعوب خياراتها وأن للحكومات ضروراتها. ولذلك كان من غير المحبذ لقوى المقاومة أن تفرح "باعتراف دولي " قبل أن تقوى ويشتد عودها ، وتقف على قدميها مالكة قرارها المستقل بجرأة واقتدار .

نتذكر كيف فعلوا معنا في المجلس الوطني غداة اعترفوا به ليرْسموه ويرّسموه . ثم وضعوا على بابه بوابا ، وأعادوا تسميته ، ورسم ملامح وجهه على الطريقة التي يريدون . ومن قبل قالها أبو الطيب

ويلمها خطة ويلم قابلها .. لمثلها خلق المهرية القود

إذن على قيادة نبع السلام بشقيها التركي والسوري أن تدرك أنها في سباق مع الزمن . وأن تدرك أن المعطى الزمني الأولي المتصور لتنفيذها  لن يظل ثابتا ؛ بل ما أسرع ما سيتقلص تحت وطأة الهبة المصطنعة لتحالف شياطين الإنس على خطوط الطول والعرض حول العالم .

البازار الدولي ساخن ، والأخذ والرد حول " نبع السلام " يشتد . وحقيقة الحقائق حول هذا الصراع أن " الكف لمن سطرو " وأنهم لو سطروه في 2012 لما وصلنا في 2019 إلى هنا ، ولكنهم كانوا بكل تأكيد سيصلون إلى دمشق قبل الروسي والإيراني وحتى قبل متاولة كسروان .

" كان متاولة كسروان أيام شيخ الإسلام ابن تيمية يسرقون أطفال المسلمين ونساءهم وخيولهم  ويبيعونهم في قبرص . ولشيخ الإسلام الرسالة القبرصية أرسلها إلى ملك قبرص يطالبه بوقف تجارة الرقيق الأبيض التي ما تزال دأبهم . "  ونعود 

ولكي يتحقق المطلوب في استنجاز النصر وتحقيقه  في عملية نبع السلام ، يجب أن تكون هناك مبادرة مباشرة للقوى الوطنية السورية السياسية والثورية على السواء . مبادرة حقيقية لملء الفراغات ، ومطاردة الفلول ، والقبض على الإرهابيين الفارين من السجون وكذا من الصفوف ، وتحرير المواقع الهشة ، وكسب تأييد السكان من جميع المكونات ، وإشاعة فأل السلام والحب والإخاء والوحدة والأمن والرخاء ، والأخذ على يد المسيئين باسم الثورة أو باسم أهلها  ، وقطع الطريق على عصابات الميليشيات الأسدية والإيرانية والروسية ..

وعندما يقول الرئيس رجب طيب أردوغان لا مانع لدينا أن تعود منبج لأهلها فيجب على أهلها الحقيقيين وليس المزيفين أن يتقدموا وأن يكونوا حاضرين . وأن يسدوا الثغرة ، ويملؤوا العين ، ويفرضوا الإرادة . وأن ينبذوا سير أهل التنبلة على سواء.

من حقنا أن نتحمل مسئولية قرارنا كشعب حر أبي مستقل ..

ليس من حقنا أن نحمل الرئيس أردوغان ولا الدولة التركية ولا الشعب التركي  مسئولية تحررنا أو الحفاظ على المحرر من أرضنا . وهم غير مسئولين عنا وعنها عمليا أمام الدول والحكومات ..

التواكل لا يأتي بخير ، وهو ليس من شأن أهل العزم ... كلام عربي مبين.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 847