الإسلام للدنيا والآخرة ، لا للآخرة ، وحدَها ! فهل يتّعظ تاركو مصيرهم للشياطين؟

قال تعالى (وَلو أنّ أَهلَ القُرَى آمَنُوا وَاتّقَوا لفتَحنا عليهم بركاتٍ من السماء والأرض ولكن كَذّبُوا فَأخذناهُم بما كانوا يَكسِبونَ) .

إنه دين تُساس به الدنيا ، وتُكسَب الآخرة ! ومعلوم ، عن العلماء المسلمين ، الذين كتبوا في السياسة الشرعية ، أنها سياسة الدنيا بالدين ! وأن مصطلح (الإسلام السياسي) عبث شيطاني، ابتكره لنا أعداء أمّتنا ، ليدمّروها ، بتمزيقها ، بين إسلام سياسي ، وآخر غير سياسي !

وقد قال تعالى :

لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ ۖ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ ۖ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ۚ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ .

وقال تعالى :

وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ. 

في باكستان ، يحشد  الإسلاميون الملايين ، في المظاهرات ، ويكسب غيرهم الانتخابات، فيتحكّموا بمصائر البلاد والعباد ، ببرامج دنيوية ، تَعِد الناس ، بتحسين معاشهم الدنيوي ، بينما الإسلام للدنيا والآخرة ، وهو أحرص على كفاية الناس ، وتأمين حاجاتهم ، من أيّ دين آخر! ويُعَدّ التقصير، في هذا، إثماً عظيماً، يحاسَب عليه صاحبه ، في الآخرة ، بعد أن يحاسب عليه، في الدنيا !

ففي الحديث النبويّ : والله ما آمَن ، مَن بات شبعان ، وجاره إلى جنبه جائع ، وهو يعلم !

وفي الحديث الشريف ، أيضاً :

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :  إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ ، وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا ، فَلْيَغْرِسْهَا !

وقال عليّ بن أبي طالب : عجبتُ ، لمَن لمْ يَجد قوتَ يومه ؛ كيف لايخرج على الناس ، شاهراً سيفَه !

كما ورد عنه القول : اعمل لدنياك ، كأنك تعيش أبداً ، واعمل لآخرتك ، كأنك تموت غداً !

وروي ، عن عمر بن الخطاب: لو أن بغلة زلقت ، على شاطئ دجلة ، لخشيت أن يحاسبني الله عليها ؛ لمَ لمْ أعبّد لها الطريق !

وقد قال ربّنا ، عزّ وجلّ :

ولنْ يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً .

فإن الله ، سبحانه ، لا يجعل للكافرين ، على المؤمنين سبيلا ، إلا أن يتواصَوا بالباطل ، ولا يتناهوا عن المنكر، ويتقاعدوا عن التوبة ، فيكون تسليط العدوّ من قِبلهم ، كما قال تعالى : ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم.

أمّا أن يجعل المؤمنون ، على أنفسهم سبيلاً ، للكافرين ، فيتحكّموا في مصائرهم وأرزاقهم ، عبر الحكم والسلطة .. فهذا تقصير شديد ، بل تفريط عجيب ، سببُه الجهل والفرقة والانانية.. وغير ذلك ، من أمراض القلوب والعقول !

وأمّا حجّة الزهد ، بالحكم والسلطة ، فهي حجّة واهية ، روّجها بعض الجهلة ، عن غباء، ودعمها بعض عملاء السلاطين ، من المحسوبين على الإسلاميين !

فالكفَرة إذا تسلطوا ، على المؤمنين ، عبر السلطة : السياسية والعسكرية والأمنية .. فإنهم لن يَرقبوا، في مؤمن إلاّ ولا ذمّة ! وما نراه ، اليوم ، من فعل الصليبيين ، في بلادنا ، والمشركين، وأعوانهم ، من جهَلة الأمّة ، وسفهائها ، ومنحرفيها..دليل قاطع ، على هذا الذي نقول ، وننقله عمّا ورد في نصوصنا المقدّسة.. وحجّة ساطعة ، تُفحم كلّ مُكابر !

وسوم: العدد 849