حبل من الله ..أم حبل من الناس ؟

قال الله ، عزّ وجلّ ، عن اليهود :

(ضُربتْ عليهم الذِلّة إين ماثُقِفوا إلاّ بحبلٍ من الله وحبلٍ من الناس وباءوا بغضبٍ من الله وضُربتْ عليهم المَسكنةُ ذلك بأنّهم كانوا يَكفرون بآيات الله ويَقتلون الأنبياءَ بغير حقّ ذلك يما عَصَوا وكانوا يَعتدون) .

تتحدث الآية الكريمة ، عن عقاب الله لليهود ـ في الدنيا ، بضرب الذلّة عليهم ، وغضبه ، سبحانه، عليهم ، وضَرب المَسكنة عليهم ؛ وذلك ، بسبب كفرهم بآيات الله ، وقتلهم الأنبياء ، بغير حقّ .. وكلّ ذلك ، بسبب عصيانهم  لربّهم ، وعدوانهم ! 

وإذا كانت هذه الآية ، خاصّة باليهود ، بصورة عامّة ، فما يهمّنا منها ، هنا ، مايمكن أن يُستأنَس به، عند الحديث عن المؤمنين ، الذين آمنوا بمحمّد ، نبيّاً ورسولاً !

وما يهمّنا ، تحديد اً ، هو (ضرب الذِلّة عليهم ، أينما ثقفوا ، إلاّ بحبل من الله ، وحبل من الناس) ؛  لأن جرائم اليهود ، بحقّ أنبيائهم ، خاصّةٌ بهم ! أمّا المعاصي ، والآثام ، والانحراف عن منهج الله، فقد يتشابه فيها اليهود ، وغيرهم  من الأمم !  

 فهل تتشابه أخلاق المسلمين ، اليوم ، وأخلاق اليهود ، في بعض المعاصي ، التي تسبّب ضرب الدلّة وعدم النصر، إلاّ بحبل من الله ، وحبل من الناس ؟

لانجزم بذلك ، ولا نحسب أن من حقّ أحد الجزم بذلك ؛ لاختلاف الملّتين ، إلى حدّ كبير، من ناحية، ولأن أمة اليهود – من ناحية ثانية – محصورة ، بحسب الأصل ، في بني إسرائيل ، بينما تشمل أمّة  الإسلام ، سائر الشعوب والأعراق ، في كلّ زمان ومكان ، وإلى قيام الساعة !

فالحديث ، عن إمكانية الاشتراك ، أو التشابه ، في العقوبة ، إنّما يأتي ، على سبيل الاستئناس ؛ ولاسيّما ، أن واقع حال المسلمين ، اليوم ، يشير إلى ذلك ! ونذكّر، بأن المقصود ، هنا ، هو الاستئناس ، بمضمون جزء ، من الآية الكريمة ، وهو الذي يَذكر( ضربَ الذلّة ، إلاّ بحبل من الله، وحبل من الناس)!

في النظر، إلى واقع المسلمين ، اليوم ، نرى مايلي :

هم محارَبون ، من قبَل أكثر قوى الأرض ؛ لأنهم مسلمون ، حتى لو كان بعضهم ، لايعرف شيئاً ، عن الإسلام ، وحتى لوكان بعضهم ،لايؤمن بالإسلام ، وحتى لو كان بعضهم ، معادياً للإسلام ، برغم كونه محسوباً ، على أمّة الإسلام !

وهم لايحرصون ، على النصر من الله ؛ لِما هم فيه ، من المعاصي ، والانحرافات عن منهج الله ، الواضح ، في كتابه الكريم ، وسنة نبيّه المشرّفة !

ومن أبرز معاصيهم : الحكم بغير ما أنزل الله – التفرّق والتشتّت ؛ بخلاف ما أمر الله به ، من وحدة الصفّ المؤمن !

فهل ينصرهم الله بحبله ، أو يرفع الذلّة عنهم بحبله ، وقد ابتعدوا ، عن هذا الحبل ؟ أم يُنصَرون بحبال الناس ؛ والناس تنظر إليهم ، نظرات شكّ وعداوة ؟(ولا سيّما أن اليهود ، الموصوفين في القرآن ، بأنهم - ومعهم المشركون - أشدّ الناس عداوة ، للذين أمنوا .. هؤلاء اليهود ، اعتصموا ، بحبال الناس ، وعلى رأس هؤلاء الناس أمريكا ، فباتوا يشكّلون أداة ضغط هائلة ، على الدول النصرانية ، في العالم ، لإثارة العداوة ، ضدّ المسلمين ، في أنحاء العالم ، تحت مسمّيات متنوّعة، ومن أهمّها ، وفي مقدّمتها ، مسمّى : الإرهاب ، وما يشابهه ، ويتّصل به)!

ثمّ : هل يهيّء الله لهم ، قادة أفذاذاً، يُعيدونهم ، إلى حبل الله ، من ناحية ، ويَسعون ، متّكلين على الله،  إلى البحث ، عن أفضل الأساليب والوسائل ، في توظيف حبال الناس ، في السعي ، إلى تحقيق أهدافهم .. من ناحية ثانية ؟ نرجو ذلك ، ونرجو ألاّ يكون بعيداً !

وسوم: العدد 858