حتى لا تختلط الأوراق ... فلسطين قضية إسلامية ..والمسلمون فئة لكل المدافعين عنها

وفي زحمة الحدث الفتنة التي أثارتها وما تزال تصرفات غير مسئولة لأفراد ، آن الأوان أن يُحجر عليهم ؛ بدأ بعض الناس " يسر حسوا في ارتغاء " كما تقول العرب ، فيتحول من نقد الشخص - ولو كان مسئولا - إلى نقد الجماعة ، أو الحركة ، ومن نقد الجماعة والحركة ، إلى نقض القضية ، والتشكيك فيها وفي عدالتها ، وفي التماس المسوغات لأعدائها ، على طريقة من يقول " الجكارة في الطهارة "

يأتي كل هذا مدروسا مخططا ممنهجا مبرمجا مدعوما في إطار الدعوة والدعاية إلى ما يسمى " صفقة القرن " التي تمثل المشروع الصهيوني الموازي للمشروع للصفوي في الخنوع والاستخذاء وتذويب الهوية ، وتضييع الحقوق ..وربما يثير القلق أكثر أن تجد بعض أصحاب النوايا الحسنة ، مدفوعين بألم وقتي غير مبصر في هذا المشروع، أو مشاركين في حمل الحطب إلى موقده ..

إن الذي يجب أن يظل واضحا في جميع العقول والقلوب هو أن حق المسلمين في فلسطين كل فلسطين من نهرها إلى بحرها حق أبلج ناصع ساطع لا يساوم عليه إلا مغموص أو مفتون ..

وأن الدفاع عن الحق الإسلامي في فلسطين ، واجب أولا على أهل فلسطين ، ثم على من يليهم ويليهم حتى تتحرر الأرض وتعود الحقوق . وإن خذلان وتقصير بعض من يلزمهم هذا الحق مقصور عليهم ، دون أن يكون هذا التقصير ذريعة لفتح باب الفتنة التي شهدنا . فالشر لا يأتي بالخير ..كما شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ومنعا للالتباس ، وقطعا للطريق على المتصيدين فإن الذين ذهبوا للعزاء في القاتل قاسم سليماني لا يمثلون فلسطين فيما ذهبوا فيه ، ولا قضيتها ، ولا شعبها ، ولا يمثلون غزة العزة والإباء ولا سكانها ، وليسوا على شيء من أمر القدس والأقصى ، بل هم لا يكادون يمثلون الحركة الطيبة المباركة التي تسودوها غفلة أو فلتة .. ولأمر ما قرر فقهاء الأمة أن القاضي لا يقضي وهو مأزوم " غاضب أو جائع أو عطشان أو حانق " وقرروا أيضا " أن الأسير لا يفاوض " ولو كان خليفة المسلمين . وهؤلاء بين هذا وذاك كما نرى ..

نقول كل ذلك لتبقى جذوة القضية ، قضية فلسطين ، حية متقدة في نفوس أجيال الأمة التي تعيش تحت مطارق أمواج الفتن والمحن متعددة الألوان والأجناس .

ولن نكون أبدا في سوق مزاد للمساوئة بين المجرمين والقتلة وأصحاب المشروعات المريبة : أيهما أسوأ؟! وأيهما أخطر؟! . فالنعل أخت النعل . والأفعى ابنة عم العقرب . ولا يفاضل بينهما إلا الجاهلون أو المأزمون ..

في كل ما نكتب ونطرح ونتداول يجب أن لا نتجاوز في تحميل مسئولية "الإثم "غير صاحبه أو أصحابه كأفراد شذوا عن أمتهم وعن قضيتهم فكان منهم ما كان ...التخلي عن فلسطين وعن القدس وعن الأقصى ليس جواب أصحاب القضايا على ما تفوه به فلان .. أو فلان ؛ بل الجواب الأوفى أن نعيد الكلام على لسان كل أبناء الأمة : نحن أولى بفلسطين والقدس والأقصى وهذه رايتنا لن نتنازل ولن نحيد ، ولن نسمح لأحد أن يتاجر بها ، ولا أن يغسل الدم عن أيدي القتلة المجرمين بماء عمادها الطهور .

ولقد استطار لهب هذه الفتنة ، التي لم يقدر قصار النظر أبعادها ، إلى كل المسلمين على محور طنجة - جاكرتا .. وكانت الرسالة حاسمة واضحة صريحة جلية : لا أحد من المسلمين مستعد أن يساوم على عقيدته ودينه مقابل دعاوى وادعاءات خذل عظيم إفكها المدعين ..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 858