أهل الحديث صيادلة والفقهاء هم الأطباء

لا تستفتِ محدِّثاً إلا إذا شهد له فقهاء الزَّمان بأنَّه فقيهٌ..!!!

قال شيخ المحدثين ابن عُيينة: " الحديث مَضَّلة إلا للفقهاء "

✍وأورد القاضي عياض في ترتيب المدارك قال: ▫قال - المحدث ابن وهب: "لولا أنَّ الله أنقذني بمالك والليث لضللتُ "

فقيل له:  كيف ذلك؟

قال: أكثرت من الحديث فحيَّرني، فكنت أعرض ذلك على مالك والليث فيقولان لي: خذ هذا ودع هذا.

✍وقال أبو نُعيم- أحد أئمة الحديث-: "كنت أعرض الأحاديث على زُفر بن الهذيل- الفقيه الرَّباني المجتهد أحد تلاميذ أبي حنيفة- فيقول لي:  هذا ناسخ وهذا منسوخ،

هذا يؤخذ به وهذا يرفض".

فانظر إلى أولئك المحدثين لم يكتفوا بالحديث دون الرُّجوع إلى أئمة الفقه المعتبَرين .

وﻓﻲ زماننا ما نشاهده في وسائل التواصل المختلفة

نجد كثيراً من طلبة العلم خريجي قسم الحديث يتجرَّؤون ويتصدَّرون للفتوى بإجتهادهم دون الاستفادة من فتاوى المذاهب المعتبرة ودون التَّخصص في الفقه وعلم الخلاف وأصول الفقه فأفتَوْا بالعجائب .

وقد قيل: من تكلَّم في غير فنِّه أتى بالعجائب.

الواجب عليهم احترام التَّخصص وإكمال دراستهم في تخصص الفقه وأصوله

والواجب من المتلقي أن يتأكَّد من تخصص المفتي قبل أن يأخذ منه الفتوى

وقديماً وصف أهل الحديث أنفسهم بالصيادلة وأهل الفقه بالأطباء، اعترافاً منهم بعجزهم أمام الفقهاء

قال الأعمش -وهو من كبار المحدثين-للإمام أبي  حنيفة :"يا نعمان ما تقول في كذا وكذا ،قال: كذا وكذا

قال: من أين قلت ؟

قال : أنت حدَّثتنا عن فلان بكذا

قال الأعمش: " أنتم يا معشر الفقهاء الأطباء ونحن الصيادلة "

(انظر ثقات ابن حبان رحمه الله ج8 ص467) 

قال الإمام أحمد بن حنبل :"كان الفقهاء أطباء والمحدثون صيادلة

فجاء محمد بن إدريس الشافعي طبيباً صيدلانياً ما مقلتِ العيون مثلَه أبداً "

(انظر تاريخ دمشق لابن عساكر  ج51 ص 334 )

فتخيَّل الصيدلي عندما يجلس في مكان الطبيب المتخصص ليعالج المرضى وهو يصف لهم الدواء ..!!!

وقد مضى آلاف من المحدثين فيما سبق ولم تكن لهم مذاهب فقهية خاصة ، بل كانوا يتَّبعون مذاهب فقهاء غيرهم لصعوبة الجمع بين الفقه والحديث إلا من وفَّقه الله تعالى لذلك وقليل ما هم..

فهذا الإمام مسلم والترمذي وأبو داوود والنسائي وابن ماجه والحاكم والبيهقي والدارقطني والخطيب البغدادي والعراقي والمنذري والنووي والذهبي وابن حجر والسيوطي وابن رجب وابن عبد البر والطحاوي وقبلهم المحدثون ابن عيينة ووكيع  وعلي بن المديني ويحيى بن معين وغيرهم من آلاف المحدثين لم تكن لهم مذاهب فقهية بل كانوا يتَّبعون إماماً من الأئمة المجتهدين المطلقين الذين شهد لهم القاصي والداني بأهلية الاجتهاد المطلق ..

وهذه قصة حدثت توضِّح المراد :

روى الرامهرمزي في المحدث الفاصل -ص249 - والخطيب في التاريخ ( 6 / 67) عن أحمد بن محمد بن سهيل قال : "وقفتِ امرأةٌ على مجلس فيه يحيى بن معين وأبو خيثمة وخلف بن سالم في جماعة يتذاكرون الحديث فسمعتهم يقولون : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم

ورواه فلان وما حدث فلان .

فسألتهم المرأة عن الحائض تغسِّل الموتى ؟

وكانتْ غاسلة فلم يجبها أحد منهم ،وجعل بعضهم ينظر الى بعض .

فأقبل - الفقيه - أبو ثور فقيل لها : عليك بالمقبل فالتفتتْ إليه

وقد دنا منها فسألته.؟

فقال : نعم تغسِّل الميت لحديث عثمان بن الأحنف عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : "أمَّا إنَّ حيضتك ليست في يدك ".

ولقولها : " كنت أفرق رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالماء وأنا حائض " قال أبو ثور : فاذا فرقت رأس الحي بالماء فالميت أولى به .

فقالوا : نعم رواه فلان ونعرفه من طريق كذا وخاضوا في الطرق والروايات .. ..

اللهم فقِّهنا في الدين وافتح لنا فتوح العارفين وأنظمنا في سلك عبادك المقربين واجعلنا من الصالحين المصلحين.

وسوم: العدد 870