مشروع الجماعة لنهضة الأمة 1+2

الإمام الشهيد حسن البنا

فكر الإمام حسن البنا ...أمل النهضة

 (١ /٩)

إذا نظر الباحث المنصف إلى ظواهر البعث والإحياء والنهضة والتجديد والإصلاح، والمشروعات الحضارية النهضوية، وحركاتها وتنظيماتها

على امتداد أوطان الأمة الإسلامية، وفي خارجها حيث توجد الأقليات الإسلامية، فسيجد أن ظاهرة الصحوة الإسلامية ومشروعها الحضاري، هي أقوى ظواهر هذا العصر الذي نعيش فيه وأعمقها!.

ولا يوجد خلاف على أن الشيخ حسن البنا يمثل الأبوة والريادة بالنسبة لهذه الظاهرة الكبرى، التي تمثل أمل النهضة لدى الإسلاميين. وقد كانت إمامة البنا وريادته لهذا الإحياء الإسلامي المعاصر، يمثل الحلقة المعاصرة في سلسلة حلقات هذا الإحياء الإسلامي الحديث، فقد كان امتدادا متطورا لمرحلة "النشأة" و"التبلور" التي تمثلت في حركة "الجامعة الإسلامية" التي تزعمها رائد الإحياء الإسلامي في العصر الحديث: جمال الدين الأفغاني، وكان الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده المهندس الأول لتجديدها الفكري، كما مثل الشيخ محمد رشيد رضا الامتداد، الذي حمل رسالتها –عبر مجلة (المنار)– إلى العالم الإسلامي على امتداد أربعين عاما، ثم أسلم أمانتها إلى الشيخ حسن البنا، الذي واصل إصدار (المنار) لعدة سنوات، كما أخذ في تفسير القرآن الكريم من حيث انتهى رشيد رضا، الذي سبق وواصل تفسيره من حيث انتهى محمد عبده، والذي حافظ – في البرنامج التثقيفي لجماعته – على تدريس كتب: (رسالة التوحيد) و(الإسلام والنصارنية مع العلم والمدنية) للإمام محمد عبده، و(طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد) لعبد الرحمن الكواكبي (1270-1320 هـ / 1854-1902م). وذلك لتأكيد قسمة "التواصل" و"الامتداد"، مع "التطور" الذي

انتقلت به الظاهرة الإحيائية والتجديدية –على يديه– إلى "الكيف" الجديد والمعاصر، الذي استجاب ويستجيب لمتغيارت الواقع والتحديات.


مشروع الجماعة لنهضة الأمة

 (٢ /٩)

مشروع البنا لنهضة الأمة

وقد كتب المرحوم الدكتور محمد عمارة بحثا عنوانه: (مشروع نهضة الأمة في فكر الإمام الشهيد حسن البنا). تناول فيه أهم معالم المشروع الإصلاحي في فكر الإمام البنا، حيث ذكر الدكتور عمارة أن سنة 1347هـ / 1928م كانت سنة "اللحظة التاريخية" التي مثلت "التطور النوعي" لإنجاز الشيخ حسن البنا في سياق تطور المشروع الإسلامي للنهضة الحضارية، وتجديد دنيا المسلمين بتجديد دين الإسلام، حيث أدرك فيها هذا الرجل أن تصاعدالتحديات، وثغرات الأخلاق، وعموم البلوى، إنما تتطلب الانتقال بالقضية من إطار الصفوة والنخبة–التي كانت عليه منذ(العروة الوثقى) وحتى (الشبان المسلمين) – إلى الدائرة التي تشترك فيها "الأمة" مع "النخبة"، وإلى المستوى الذي تسهم فيه "الجماهير" مع "الصفوة" في

مواجهة التحديات.

وفي بحثه ألقى المرحوم الدكتور محمد عمارة بعض الإضاءات السريعة على معالم المشروع التجديدي للنهضة الحضارية الإسلامية، كما صاغه الإمام البنا لحركة الصحوة الإسلامية المعاصرة، ممثلة في (جماعة الإخوان المسلمين)، مؤكدا تميز الحركة عن المؤسسات الدينية التقليدية التي من وجهة نظره كانت ولا تزال واقفة عند "المتون" و"الحواشي" و"التعليقات" و"الاعتراضات" التي أفرزها عصر التراجع الحضاري –المملوكي، العثماني- والتي أقامت شبه قطيعة معرفية مع عصر الازدهار والإبداع في تاريخنا الحضاري، واتخذت موقفا غير ودي من إبداعات العصر الحديث في التجديد والإحياء؛ ولذلك أعلن حسن البنا أن جماعته هي: دعوة من دعوات التجديد لحياة الأمم والشعوب، وأنها لذلك جامعة لأصول التجديد ولمعالمه، ومستجيبة لملكات الإنسان، وملبية لشرائح الأمة ومكوناتها، وأيضا مراعية لمستوى الجماهير؛ فهي: "دعوة سلفية، وطريقة سنية، وحقيقة صوفية، وهيئة سياسية، وجماعة رياضية، و اربطة علمية ثقافية، وشركة اقتصادية، وفكرة اجتماعية".

وسوم: العدد 870