عملية صيد مكشوفة في الماء العكر للمدعو سعيد لكحل يموه من خلالها على استهداف الشرع

عملية صيد مكشوفة في الماء العكر للمدعو سعيد لكحل يموه من خلالها على استهداف الشرع عن طريق تصفية الحساب مع حزب رئيس الحكومة

طلع علينا مرة أخرى المدعو سعيد لكحل بمقال على موقع هسبريس  تحت عنوان : " صمت الحكومة أمام العنف الزوجي "  أشار فيه إلى نسب تعنيف الأزواج لزوجاتهم في ظرف الحجر التي فرضته جائحة كورونا بدول  تتبنى العلمانية التي لا يتوقف عن الدعاية لها ، وهو يعتبر قوانينها الوضعية بديلا عن شرع الله عز وجل  ، وذكر منها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا ، وأشار إلى أنها فتحت خطوطا هاتفية  لتلقي شكاوى الزوجات اللواتي يتعرضن لعنف أزواجهن ، وذكر أن  تونس أيضا نهجت نهج هذه الدول .

وكان هذا الذي قدم به تمهيدا لما يلي وهو قوله بالحرف دون تصرف فيه :

(كل الحكومات اتخذت تدابير عملية لحماية النساء من العنف المنزلي سوى حكومة البيجيدي التي اكتفت بالإعلان عن مبادرات "صورية" لا تحمي المعنفات ولا توفر لهن الدعم والإيواء. وهذا ليس غريبا على حزب يجعل تعنيف الأزواج لزوجاتهن أمرا مشروعا دينيا ويرفض التضامن مع ضحايا العنف وأسرهن في كثير من الحوادث والجرائم الخطيرة (كل الحوادث المميتة والجرائم التي كانت النساء ضحاياها لم تكلف الوزيرة السابقة، بسيمة الحقاوي، نفسها بزيارة الدعم والمواساة لأسر الضحايا بينما أسرع الأمين العام السابق والحالي للحزب إلى تقديم العزاء في وفاة أعضاء بالحزب )

ودون الخوض في موضوع تصفية صاحب المقال الحساب مع رئيس الحكومة وحزبه ،وهو أمر صارا مألوفا لدى من يتابعون مقالاته ، نريد الإشارة  إلى أن كلامه هذا فيه تمويه عن استهداف شرع الله عز وجل عن طريق أسلوب تصفية الحساب مع حزب البيجيدي الذي يفضل أن يشير إليه بحروف لاتينية  مرسومة بالخط العربي لأن نفسه تستثقل استعمال التعبير العربي في تسميته ، وفي ذلك ما يدل على ما يضمره له من كره  سببه الاختلاف في التوجه .

ويفتضح تمويهه في  قوله : " وهذا ليس غريبا على حزب يجعل تعنيف الأزواج لزوجاتهن أمرا مشروعا دينيا " . وهو يقصد بذلك قول الله عز وجل في آية علاج نشوز الزوجات في سورة النساء :

(( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا ))

هذه الآية الكريمة هي ما يريده لكحل من وراء كتابة ونشر هذا المقال ، وقد ورد استهدافه لها عدة مرات في مقالات سابقة له مع ما يريد من نيل من رئيس الحكومة وهو كم يرمي عصفورين أولا النيل من شرع الله عز وجل الذي لا يساير توجهه العلماني ، وثانيا خوض حملة انتخابية سابقة لأوانها لفائدة الأحزاب ذات التوجه العلماني الحداثي .

أما قوله أن ظرف الحجر رفع من وتيرة تعنيف الأزواج بزوجاتهم ، فيبقى مجرد ادعاء يحتاج إلى دليل بالنسبة لمجتمعنا المغربي الذي يعيش دفئا أسريا في هذا الظرف عكس ما يزعم . وإذا كانت المجتمعات الغربية العلمانية التي سرد علينا نسب العنف الزوجي  فيها ، فذلك شأنها  العلماني لا شأن مجتمعنا  المسلم الذي يدين بدين الإسلام وهو الذي لا توجد قوانين وضعية تضاهيه فيما يتعلق بالطبيعة النموذجية للحياة الزوجية التي يعكسها قول الله تعالى :

(( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ))

فهذا النص القرآني يجعل العلاقة الزوجية في دين الله عز وجل آية من آياته سبحانه وتعالى الدالة عليه بالنسبة لمن لم يهدهم تفكيرهم لقصوره إلى ذلك ، ويصف تلك العلاقة بأنها علاقة سكينة بين الأزواج ، و السكينة  لغة هي الطمأنينة ،والاستقرار، والراحة أو الارتياح ، والعرب تطلق اسم سكينة بصيغة التصغير على المرأة الظريفة الخفيفة الروح . وأشارت الآية إلى جعل إلهي بين الأزواج والزوجات  والجعل كما يقول أهل العلم هو توجيه ما يخلقه الله تعالى لغاية وقصد ، وقوامه مودة  وهي محبة يطبعها الوئام ،هذا عبارة عن توافق وتناسب ، فضلا عن كونه رحمة ،وهي رقة وشفقة . والملاحظ أن الله عز وجل أحاط العلاقة الزوجية بأرق ما يمكن أن توصف به علاقة بين الأزواج والزوجات . وما لم تكن هذه العلاقة كما حددها الله عز وجل ،فلا يمكن أن تسمى علاقة زوجية البتة لأنها  إن لم تكن كذلك ستبطل آية من آيات الله عز وجل دالة على ألوهيته وربوبيته ، كما أنها ستكون خروجا عن طاعته وعبادته، لأنه تعبد عباده بهذه العلاقة كما حددها .

وقد يسأل سائل ما بال آية علاج نشوز الزوجات على الأزواج والعلاقة الزوجية قد حددها الله عز وجل بهذا الشكل ؟  فنجيبه لأنها لما كانت هذه العلاقة تكليفا وعبادة وطاعة، فقد أحاطها الله تعالى بما يصونها مما يخرجها عن طبيعتها ، فالنشوز وهو استعلاء لا ينسجم مع الوئام والتوافق والتناسب بل هو اختلال  يخل بهذه الصفات، ومن ثم هو يخل بالعلاقة الزوجية ، لهذا أوجد له الله عز وجل علاجا مناسبا له اعتمد التدرج حسب درجة تأزم النشوز حيث تكون في البداية وعظا، وهو عبارة عن نصح يقوم على التحذير من سوء العواقب ، يليه بعد ذلك هجران، وهو إعراض وعدم مخالطة أومعاشرة  ، وهو علاج معنوي ثم ضرب وهو إيذاء جسدي ، أو علاج مادي من شأنه إزالة النشوز حفاظا على العلاقة الزوجية  من الانهيار التام لأنها آية من آيات الله عز وجل تعبد بها البشر. ومعلوم أن أبغض من أحل الله عز وجل انهيار هذه العلاقة بالطلاق والفراق . وليس نشوز الزوجات على الأزواج هو الخلل الوحيد الذي يعالجه الله عز وجل بالضرب بل يعالج به أيضا جريمة الزنا والقذف الذي هو النيل من أعراض النساء  وكلاهما الزنا والقذف يحطان من كرامة الإنسان ذكرا وأنثى.

ولا يمكن أن يشبه الضرب في شرع الله عز وجل بالضرب خارج شرعه، لأنه في شرع الله عز وجل عبارة عن درء لمفاسد ، بينما هو خارجه مفسدة . ولا يمكن أن يشبه علاج نشوز الزوجات أو جلد الزناة ورماة المحصنات في دين الله عز وجل   بالعنف أو التعنيف. وشتان  بين من يعالج نشوز زوجته صيانة لعلاقة بينهما قوامها المودة والرحمة وبين من يعنفها لأسباب أخرى لا مبرر لها  .

ومن أغرب ما يثيره العلمانيون ما يسمونه بالعنف الجنسي بين الأزواج والزوجات ،وهو ما لم يقل به غيرهم عبر تاريخ البشرية ، علما بأن المعاشرة الجنسية بين الأزواج والزوجات لا يمكن أن تقارن بالمعاشرة  في السفاح  والتي يطبعها  في الغالب العنف لأنها ليست قائمة على مودة ورحمة بل قائمة على شهوة عابرة كما تقدم ذلك الأفلام الإباحية ، وكما هو معروف في علاقة الزنا والسفاح ، ولهذا لا تستقيم تسمية  العنف الجنسي بين من جعل الله عز وجل علاقتهم مودة ورحمة وسكينة ،ذلك أنه لا تجتمع  صفة العنف السلبية  مع هذه الصفات الإجابية.

ونختم بالقول إن ظرف الحجر في مجتمعنا  المغربي المسلم جعل العلاقة الزوجية تزداد مودة ورحمة وسكينة  وتعاطفا وتآزرا ...عكس ما ذهب إليه المدعو لكحل الذي يعمم حكم من يعنفون زوجاتهم من السكارى ومدمني المخدرات والمهلوسات وسيئي الخلق والتربية... وكل أولئك لا يمكن أن يتحمل الإسلام مسؤولية ما يمارسونه من عنف  ضد زوجاتهم ، ولا يمكن إضفاء المشروعية الدينية على ما يفعلون . ومن أظرف ما تداوله المغاربة وهم شعب يطبعه الظرف والدعابة  عبر وسائل التواصل الاجتماعي نوادر تدور حول أثر الحجر في الكشف عن خصال اكتشفها الأزواج والزوجات في بعضهم البعض  لم تكن تلحظ من قبل ، فرووا على سبيل المثال أن زوجة قالت : ما كنت أظن أن زوجي على هذا القدر من الظرف ، وأن زوجا قال : ما كنت أظن أن زوجتي على هذا القدر من الجمال والوسامة ... إلى غير ذلك من الأقوال التي تفند  فكرة سوء العلاقة الزوجية بين الأزواج والزوجات  في ظرف الحجر كما يدعي هذا العلماني صاحب المقال الذي دأب على الصيد في الماء العكر للنيل من الإسلام وعليه يصدق  قول الشاعر :

كناطح صخرة يوما ليوهنها  = فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل

وسوم: العدد 872