كلمات مؤانسة في زمن الوباء

-         الكلمة الأولى: هل لدينا نصيب من المسؤولية في هذا الوباء؟

أول مرة في التاريخ يتوقف الطواف حول الكعبة، أول مرة يُلغى الحج،،لعلها رسالة السماء إلى الأرض تنبه أهلها إلى أنهم غيّروا فغيّر الله حالهم،حدث هذا لأول مرة، وقبله ولأول مرة فُتحت الملاهي ونوادي القمار في الحرم،زُج بالعلماء في السجون وفُسج المجال للفنانين "يلهبون" الجماهير بأغانيهم المعروفة..."واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة"، الفتنة –أي الابتلاء – عامة لا تُصيب الفجار وحدهم خاصة إذا سكت علماء الدين عن قول كلمة الحق، بل خاصة إذا حرّفوا كلام الله وأيدوا الباطل...ما كان أحد يتصوّر أن يمتد التغريب إلى الحرم المكي والمدني، لكنه وقع، فكأنه أثار غضب الله...والمطلوب إذًا أن نتوب نحن المسلمين ونحفظ الدرس ونعود إلى الله في الحرميْن وفي كل مكان...نحن مسؤولون عن البشرية "لتكونوا شهداء على الناس"، فلعلّ توبتنا ترفع البلاء عن الإنسانية كلها.

-         الكلمة الثانية:  هل ظلَمَنا الغربُ أم ظلمنا أنفسنا؟

نشتكي أن الغرب ينكر بغطرسته إسهام المسلمين في العلوم والحضارة، وهذا فيه كثير من الصحة، لكن هل أنصفْنا نحن علماءنا؟ من منا يعرف بالضبط إختراعات وإضافات ابن الهيثم وابن حيان والخوارزني مثلا؟ نجوم الأمة عندنا يدورون بين أبي نواس وأم كلثوم وعبد الحليم حافظ ولاعبي كرة القدم، وقد أدرجت الكتب المدرسية في السنوات الأخيرة معطوب الوناس وآيت منقلات، ونصّب آخرون تمثال ماسينيسا...أين العلماء والباحثون والمخترعون من اهتماماتنا؟ الرسالة التي يسوّقها النافذون – ونحن ضحية ساذجة أو مشاركون في المشكلة – أن النجومية التي يجب أن يسعى إليها النشء هي الفن – خاصة الطرب والسكيتش- واللعب... لقد أعطانا كورونا درسا قاسيا لنعيد ترتيب أولوياتنا، هي مسؤولية الحكومات والجامعات والمربين والبيوت، كفانا مطربين، نريد باحثين ومخترعين ومستكشفين ونوابغ في كل العلوم.

-         الكلمة الثالثة: "فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض".

الزبد يمثله "الفنانون" – مع اعتذاري للفن الرفيع الذي شوّهه هؤلاء – والمطربون واللاعبون، ها قد ذهبوا جفاء، لم يشعر أحد بغيابهم ولا بالحاجة إليهم، بل استرحنا من أخبارهموأصواتهم البشعة وفواحشهم ومنكراتهم.

أما ما ينفع الناس فيمثله من تشرئب الأعناق إليهم في زمن البلاء والأزمة الخانقة: الأطباء، الممرضون، الباحثون، أفراد الجيش والدرك وقوات الأمن وعمال النظافة وعلماء الدين الذين يجمعون بين معرفة النصوص الدينية ومعرفة الواقع فيحسنون توجيه الناس ورفع إيمانهم.

هل نتعظ؟ هل نعتبر؟ هل ننتقل بعد البلاء إلى ترتيب أولوياتنا؟ لو حُولت أموال اللعب وما يسمى الفن والثقافة إلى الصحة لكانت أحوالنا أفضل...إنها مسؤولية الجميع، وإنها دليل التوبة.

-         الكلمة الرابعة: ماذا ننتظر لنتوب؟

العودة إلى الله نادمين على تفريطنا في جنب الله هي استفتاح لأبواب السماء لتتنزل الرحمة والمغفرة والعفو، والتوبة في زمن البلاء أولى أوليات المسلمين، فمن لم يتب في الظروف العصيبة متى يتوب؟ البداية بالإقلاع الفوري عن المعاصي، فما أقبح الاستمرار فيها في ظروف الضراء، ولا تكون التوبة صادقة إلا إذا ابتدأت بالاستغفار الكثير وردّ المظالم أي إرجاع حقوق الناس المادية التي أخذها بالباطل(الاختلاس، الرشوة، نصيب النساء في الميراث...) وكذلك الحقوق المعنوية كالوقوع في الأعراض، وعلاجُها الاعتذار للضحية واستسماحها، إذا تابت الأغلبية تنزلت علينا الرحمة أما إذا تُركت الساحة للذين يستهزئون بالدين ويريدون أن نقطع صلتنا بالله فستزيد الكارثة اتساعا، والمفروض أن تتدخل الدولة لردع هؤلاء المرتدين لتنجو بلادنا وتسترد عافيتها،وتكتمل التوبة بالاستزادة من الحسنات والعمل الصالح المتمثل الآن في أداء العمل و الانخراط في النشاط الخيري..بهذا تزول الشدة.

-         الكلمة الخامسة: يا رب...

إن العلمانيين اللادينيين فرحوا بإغلاق المساجد وتوقف الطواف حول بيتك الحرام وإلغاء الحج، ويشاغبون على الصيام لإلغائه..."قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر"، بدل أن يتوبوا في زمن البلاء ها هم يسخرون من المؤمنين ويلمزون شريعتك ويسيؤون إليك لإغاظة المسلمين، اللهم فلا تجعل لهم علينا سبيلا، واجعل كيدهم في نحورهم، وردهم خائبين مجلّلين بالعار والشنار، اللهم إنهم لا يعجزونك، فكفّ عنا أذاهم، أخرص ألسنتهم الآثمة وردّ إلى صدورهم سهامهم المسمومة، اللهم احفظنا من كيدهم وآمنّا من شرّهم، اللهم كسّر شوكتهم وأذهب من هذا البلد الطيب المؤمن الجريح ريحهم ونجّنا من مكائدهم...اللهم إنهم يستقوون علينا بفرنسا وبالمال والإعلام ونحن نستقوي بك وحدك، فكنْ لنا ومعنا، وارفع عنا بلاء الفيروس وبلاء العلمانية...اللهم اهدِ قلوبهم وطهّر عقولهم وردّهم إليك.

وسوم: العدد 873