هي إغاثة الرحمة الإسلامية العالمية

إن الشريعة الإسلامية تأخذ بيد المسلم إلى العمل بكل سلوك إنساني نبيل ، وتغرس في فؤاده حبَّ العمل الصالح خدمة للآخرين ، فيشعر بحقيقة إبداع حقيقي حلَّ في حياته من جديد ، وهذه الحالة تنأى به عن المعاناة التي كان يعيشها بسبب بيئة أخرى كان يتوسطها ، فيها الكثير من المغالطات والافتراءات التي لاطائل منها ولا معنى لها ، وهذا الإبداع هو الحالة الجديدة التي أحياها في نفسه حب العمل الصالح ، فلا يعبأُ حينئذ بفوضى جهل أو حماقة أو حقد يشعل نارها الأفاكون من أعداء الإسلام . فهو يقوم من هذه التبعة الواهية ليقضي على عنف تيار الضلال والفساد المستشري في نفوس النخبه المترهلة .

إنَّ اعتماد المسلم المحسن   ــ بعد التوكل على الله ــ يكون بتفعيل مَلَكَة حب القيام بالعمل الخيري ، لأنه يدرك نتائج القيام به وأثره في حياته الدنيا ويوم المعاد . والأعمال الصالحات الباقيات التي ينجزها المسلم المحسن تشعرُه بلذة القرب من خالقه سبحانه وتعالى . وبها أصبح إنسانا آخرَ يؤدي رسالة إنسانية اجتماعية تقوم ببناء صرح التآخي ،بين أبناء مجتمعه ، ويؤدي نفس الرسالة إلى بقية الناس في أرجاء المعمورة ، لتكون رسالة إغاثة شعارها التخفيف من معاناة الناس في حياتهم . ولتكون لهذه الإغاثة قيمةٌ اجتماعيةٌ إسلاميةٌ ، بل وثيقة دعوة ربانية في ظلال : ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) .

فالمحسنون وداعمو مسيرة العمل الخيري ...  أكرموا أنفسهم بالتزامهم بهذا النهج ، لصحة اعتقادهم ونبل مشاعرهم وسُمُو نفوسهم ، وبعدهم عن حب الذات الذي ينفي البخل ، ويقضي على آثار الأنانية ، كون العمل الخيري شعيرة إسلامية عالمية مصدرها القرآن الكريم وسُنَّةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلا تضاهيها أي دعوة أخرى مهما كانت قدراتها المادية ، لأنها تفتقر إلى الخصائص التي يتمتع بها العمل الخيري الإسلامي الرباني . إنه : ( تنزيل من رب العالمين ) وليس من صنع البشر ، ولا من حياكة العقول التي عكَّرتْ صفاءَها  الأحقاد والافتراءات كما ذكرنا قبل قليل .

يقول المولى تبارك وتعالى مخاطبا نبيَّه مُحَمَّدًا عليه الصلاة والسلام : ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) ، ويقول صلى الله عليه وسلم : (إنما أنا رحمة مهداة) ،  فرسول الله صلى الله عليه وسلم حمل هذه الرحمة العامة لجميع الخلق ، الرحمة التي تشمل جميع نواحي الحياة الدنيا والآخرة ، ففي الإسلام أبواب الرحمة مشرعة أمام الخلق أجمعين ، فمن اهتدى فله السعادة في الدارين ، ومَن كفر  بهذا الدين ، فقد ضلَّ الطريق وعند الله جزاؤُه ومصيره .

هذه الرحمة التي تغيث البشرية بما يسعدها ، تناولت في أحد أبوابها إغاثة المحتاجين والأرامل والأيتام وأصحاب الاحتياجات ، وامتد خيرها لبناء دور العلم والمستشفيات ، وجهات أخرى تعود على المجتمعات بالطمأنينة والغبطة ، تلك بعض ماتكفلت به الأعمال الخيرية في الإسلام ، على تنوُّع أساليبها ، وتعدد مآلاتها من روافد مباركة  تنبع من قلوب آمنت بالله سبحانه وتعالى ، وأيقنت أن ثواب المحسنين عنده ــ جلَّ وعلا ــ لاحدود له ، وأنه يحفظ المحسن من مصارع السوء في الحياة الدنيا . والقصص المبثوثة في سِير الصالحين المحسنين في هذا الشأن كثيرة ومتنوعة ، فطوبى للمحسنين الذين أدُّوا الحق المعلوم في أموالهم لمستحقيه ، يقول الله تعالى : (وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) 20/ المزمل . والعمل الخيري الإسلامي تحمله معاني التواد والتراحم والتواصل والتآخي بين شرائح المجتمع ، ولا يخفى على أحد ماجاء بهذه الفضيلة في كتاب الله وفي سُنَّةِ رسوله صلى الله عليه وسلم . يقول الله عز وجل : (وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) البقرة  ، كما لايخفى الأثر الجلي لهذا العمل في حياة الفقراء والأيتام والأرامل وذوي الاحتياجات الخاصة ، بل إن العمل الخيري الإسلامي عالميٌّ يشمل الناس الذين أرسل الله إليهم نبيَّه مُحَمَّدً ا عليه الصلاة والسلام : ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) . فاستجابة المحسنين لنداء الرحمة ولصوت الإغاثة دليل على طبيعة الخير المتأصلة في نفوس أهل الفضل والإيمان ، وأولئك هم مَن اختصهم ربُّهم بالفضل لمنافع الناس ، وأولئك : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) 7/ البينة . فمَن أحسن الله إليه بهذا الفضل فجدير به أن يحسن إلى الناس ، ولقد خاطب الله عزَّ وجلَّ مَن أساء وما زكَّى نفسَه بالإحسان إلى الخلق : (وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ) 77 /القصص. ويشمل هذا الإحسان العديد من أبواب الإغاثة ، ولعل من أكرمها ماجاءت به السُّنَّةُ النبوية المطهرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، أو قال كالصائم لا يفطر والقائم لا يفتر ) رواه البخاري ومسلم . وقال عليه الصلاة والسلام : (ما مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة ) رواه البخاري، فمن أمعن النظر في هذه الأحاديث وهي كثيرة ، يجد التوجيه النبوي يحث على دخول أهل الخير إلى أعماق بيئة المجتمع ، يتحرون وجود هذه الشرائح التي تحتاج إلى المساعدة . ومكانة هؤلاء المحسنين عالية عند الله يوم لاينفع مال ولا بنون . (الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) رواه أبو داود والترمذي.وطوبى لمَن  يرحمه الله . وفي حديث آخر : (الخلق كلهم عيال الله، وأحب الخلق إلى الله أنفعهم لعياله ) رواه الطبراني. ومرحى لمَن أحبَّه الله ، وأما البشارة العظيمة فهي في حديثه صلى الله عليه وسلم : (إن لله عباداً اختصهم لقضاء حوائج الناس، حببهم للخير وحبب الخير إليهم، أولئك الناجون من عذاب يوم القيامة ) أخرجه ابن أبي الدنيا.  ومَن اختصه الله لقضاء حوائج الناس واختاره من بين ملايين البشر ، فهو بلا ريب صاحب المكانة والمنزلة في جنَّات النعيم .

 ومن هنا انطلقت الجمعيات الخيرية ، وهيئات الإغاثة الإسلامية تتحرى المواطن التي هي بحاجة للمساعدة ، مثل الأماكن التي تجتاحها الكوارث الطبيعية فتعمل على خدمتها في كل نواحي الحياة من صحية وتعليمية وإغاثية مادية وخصوصا أيام المجاعات أو الحروب وغير هما من الأيام العجاف .

تذكرت هنـــا : ( والذكرى تنفع أهل القلوب العامرة بالإيمان والإنسانية )  وأنا أتحاور مع بعض الإخوة في حال السوريين واليمنيين والعراقيين وغيرهم من أبناء الدول المنكوبة لسبب أو لآخر في هذه الأيام المباركات ، أقول : تذكرتُ  تلك الاحتفالات التي أقامها فرع هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية في نجران منذ بضعة أعوام ، دعما للأيتام وللأرامل ولذوي الاحتياجات الخاصة ، وما تخلل تلك الاحتفالات من كلمات معبرة ومؤثرة ، ومن قصائد شعرية وأناشيد خيرية ، وبحضور المسؤولين وجمع غفير من الناس ، ومن ثم تم توزيع مااُعد لأولئك الأيتام من الخير . وكانت إشراقات وجوه الأيتام بأنوار الرضا والسرور جميلة بهيَّةً ، بل إن بعض الناس فاضت عيونهم بالدموع فرحا لفرح أولئك الأيتام الذين فقدوا آباءَهم وهـم صغار ، ورجعتُ إلى ماكتبتُه منذ  بضعة أعوام في تلك المناسبة ،  يوم شدَّني ذلك  المشهد ، وذاك  الاحتفاء الأثير ، فكتبت قصيدة عن الأيتام وأخرى عن المحسنين ، وتعددت القصائد عن العمل الخيري ، ومنها هذه القصيدة التي كتبتها عن فرع هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية في نجران  ــ آنذاك ــ  وأذكر أن هيئة الإغاثة الإسلامية في نجران تولى الإشراف عليها عدد من أصحاب الفضيلة العلماء ،  ومنهم الشيخ خالد بن  سعود الفارس ، والشيخ إبراهيم  بن علي العبيدان ــ وكان يومها رئيسا لمحاكم منطقة نجران ، ثم الشيخ أحمد بن صالح بللحمر ، وعمل رئيسا لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، كما  تولى إدارة  فرع هيئة الإغاثة كلٌّ من الأستاذ محمد بن مهدي الحارثي الذي تولى إدارة تعليم مكة المكرمة ــ كما أخبرني بعض الإخوة ــ ومن بعده الدكتور محمد بن أحمد حمدان الشهري ، مع عدد غير قليل من الموظفين ــ رواد العمل الخيري ــ أذكر منهم الأخ الفاضل  / قايد بن سعيد كليب الصالحي ، والأخ الفاضل / مبارك بن عيظه آل ورقش ، والأخ الفاضل المهندس / أمين بن حسين المصعبي ، وغيرهم ممَّن نسيتُ أسماءَهم ، ولكن الله لاينساهم من الثواب والمكانة عنده . ولعلي أعود إلى هذا الموضوع مرة أخرى بشيء من التوسع ، حيث أعمل الآن في الجمعية الخيرية للخدمات الاجتماعية في نجران ، وهذه الجمعية ــ الآن ــ تقوم بتنفيذ عدة برامج خيرية تعاونية إغاثية ومنها  تحت عنوان : ( سلتك الغذائية على باب بيتك ) ، وبرنامج آخر تحت عنوان : ( الدعم المجتمعي للفئات الأشد تضررا  ــ من المواطنين والمقيمين ــ من جائحة كورونا ) ، من خلال تشكيل لجان وفرق من هذه الجمعية للذهاب إلى بيوت المستفيدين من الجمعية في أماكن سكنهم ، وتقدم المواد الغذائية لتلك الأُسر ، والحجر الصحي قائم حفاظا على حياة الناس من هذا الداء المستشري في جسد البشرية جمعاء، ويشرف على هذه اللجان والفرق المدير التنفيذي للجمعية الخيرية  الأستاذ / عبده بن محمد عطيف ، الذي أشاد بإخلاص كل من الأستاذ / علي بن منصور الجفالي والأستاذ / مصلح السهلي وتفانيهما في استقبال المحتاجين الذين يراجعون الجمعية من خلال عدة طرق ميسرة للجميع .

أجل ويبقى الخير في هذه الأمة ، رغم كل الظروف قائما إلى يوم القيامة بإذن الله تبارك وتعالى ، وفي هذه الأمة الكريمة وفي أبنائها الأبرار رواد العمل الخيري قلت منذ بضعة أعوام :

الخيرُ في أُمَّتي باقٍ مدى العُصُرِ = كفطرةِ اللهِ فيهـا غيرُ منحسرِ

مزيَّـةٌ لـم تزلْ في سِفرِ شرعتنا = أغنتْ رؤاها رجالَ الفضلِ والسِّيَرِ

حيثُ التكافُلُ بينَ الناسِ تكلؤُهم = فلم يَدَعْ فقرَ مَن عانى بلا وَزَرِ

والرفقُ من سمةِ الأخيارِ تؤلمُهم = لوعاتُ ليلٍ لأهلِ الفقرِ في الأُسرِ

مَن باتَ ذا شبعٍ والجارُ أنهكه = جوعٌ ويعلمُ ما في الجوعِ من أثرِ

فقد يبوءُ بِوزرٍ غيرِ مُغْتَفَرٍ = فإنَّ إيمانَه باللهِ في خطرِ

أُخُوَّةُ الدينِ أسمى ليس يُدْركُها = إلا التقيُّ هفــا في يومِها العَسِرِ

شريعةُ اللهِ فيها رحمةٌ ويـدٌ = عن جودِها شمَّرَتْ لـم تَرْضَ بالقَتَرِ

وللسباقِ بهذا الحقلِ أفسَحَها = ربُّ العبادِ مساراتٍ لذي نظرِ

للوقفِ منزلةٌ في الدِّينِ عاليةٌ =ومن جَناهُ تدلَّى أعذبُ الثَّمرِ

أما الزكاةُ فركنٌ شامخٌ عَطِرٌ = تزكو النفوسُ بها في المَغْنَمِ العَطِرِ

وَعُـدَّ في صدقاتِ السرِّ مودعُها = من الكرامِ ليومٍ زادَ مُدَّخِرِ

تبشرُ المحسنَ التُّرجَى مآثرُه = في ظلمةِ الليلِ ألقاها لذي كِبَرِ

أو لليتامى عَرَتْهُم فاقةٌ دمعتْ = لهـا العيونُ لِحـالِ اليُتْمِ في الصِّغَرِ

أقامَ ربُّك للمحتاجِ حصَّتَه = في مالِ أهلِ الغِنى حقًّـا لذي بصرِ

وللغنيِّ إذا أدَّى الحقوقَ غـدًا = أسمى المكانةِ في فردوسِها النَّضِرِ

يرعاهُ بارئُه فالأمن موئلُه = ينجيه من خطرٍ مُزرٍ ومن كدرِ

طوبى لِمَن رُزِقَ الإيثارَ يدركُه = أبهى النَّعيمِ بجنَّاتٍ على السُّرُرِ

منازلُ القومِ في عَدْنٍ وإن وُصِفَتْ = فوصفُها الخُبْرُ لايرقى إلى الخَبَرِ

هيهاتَ لامقلةٌ قد أبصرَتْ فَوَعَتْ = وليس من أُذُنٍ وافتْ أخـا نظرِ !

لأهلِها نُزُلٌ ما انفكَ تحجبُه = قداسةُ الصُّنعِ عن علمٍ لمفتقرِ

إغاثةٌ كفُّها بالخيرِ قد مُلِئَتْ = تكادُ من جودِها للفقرِ لـم تَذَرِ

هي النسيمُ تَثَنَّتْ في مآثرِه = لتبعثَ الأُنسَ في الطاوي على الضَّجَرِ

وللصَّريخِ إغاثاتٌ محمَّلَةٌ = بالجودِ هلَتْ وبالنَّعماءِ والوطرِ

ورحمةٌ لذوي الحاجاتِ شَرَّعَها = نَبِيُّنَـا المُصْطَفَى طوبى لِمُبْتَدِرِ

تَجاوُبٌ فيه للنهضاتِ تنميةٌ = تغني المسيرةَ إسلاميةُ الفِكَرِ

يقومُ  فيها أخو وُدٍّ له شغفٌ = يشدُّ من أزرِها محمودةَ الأثرِ

وتبعثُ العزمَ في أهلِ الونى لِيَرَوْا = وجهَ الحياةِ جميلا غيرَ ذي كدرِ

فكم فقبرٍ غدا من بعدِ كبوتِه = غنيَّ نفسٍ بمالٍ غيرِ مفتقرِ

وبالسُّمُوِّ الذي لـم يُبْقِ من ريبٍ = في نفسِ صاحبِه يومًـا ولـم يَذَرِ

تباركَ اللهٌ يرعى كلَّ ذي عملٍ =وافى مناكبَها يسعى بلا خورِ

فهذه الهيئةُ الزهراءُ باركها = ربُّ العبادِ بتوفيقٍ لِمُفْتَخِرِ

مَن يسَّرَ اللهُ مسعاهُ لأُمَّته = فالجهدُ مُدَّخَرُ والأجرُ للصُّبُرِ

ومَنْ يعشْ لِفِعالِ الخيرِ أدركه = زهوُ اليقينِ بمولى الخَلقِ في العُمُرِ

للخيرِ رُوَّادُه باتتْ محاسنُهم = مُتَرْجَمَاتٍ لذي رأيٍ وذي نظرِ

وكلُّهم أينما حلُّوا أو ارتحلوا = فاحتْ مآثرُهم في أعذبِ السِّيَرِ

في هيئةِ الخيرِ أو جمعيةٍ رفعتْ = شعارَها الحُلْوَ لايُبقي على عُسُرِ

من جندِها ( قايدٌ ) أفنى شبيبته = وما انثنى عن يدٍ في الجدِّ والسَّهرِ

( فالصَّالحيُ ) أتاها غيرَ ذي وَهَنٍ = وليس من عبثٍ فيها ولا ضجرِ

وذا ( مباركُ ) لـم تهدأْ أنامِلُه = عن كلِّ بذلٍ وإنجازٍ  لمؤتزرِ

حفيدُ ( ورقش ) أوْلاها يفاعتَه = في منجز الهيئةِ المُثلى وفي الأُخَرِ

فبوركا بهما إذْ باتَ دأبُهما = لبيئةِ الخيرِ عهدًا غيرَ منحسرِ

وإخوةٌ لهما قد صَعَّدوا هِمَمًـا = للخيرِ لَبُّوا نداءً جاءَ في السُّوَرِ

وسارعوا بخطاهم دون مغفرةٍ = من الكريمِ فلا عذر لمعتذِرِ

هي الشريعةُ إسلامية حفظتْ =كلَّ الحقوقِ لأهلِ البدوِ والحضرِ

ويذكرُ الناسُ يوما عن خليفتِهم = قولا سرى في متونِ المجدِ من دُرَرِ

يقولُ للغيمةِ الوطفاءِ يبصرها = سيري كما شئتِ في الآفاقِ بالمطرِ

خراجُ زرعكِ يأتيني لذي عوزٍ = من مالِ مُتَّجِرٍ أو زرعِ ذي ثمرِ

فالفقرُ يُطوَى لأن المالَ طٌهرتُه = هذي الزكاةُ وفيها غيرُ منحصرِ

وإنَّمـا صَّدقاتُ البِـرِّ ما برحتْ = تزيدُ من بركاتِ المالِ والعُمُرِ

والوقفُ تحلو بدنيانا محاسنُه = كأنَّـه النَّهرُ يجري غيرَ منحسِرِ

فما شكا  قبلنا أهلُ الهدى وجعًـا = ولا تأذَّوا بنارِ الفقرِ والضَّررِ

والخيرُ باقٍ وفي الإسلامِ تحفظُه = للناسِ أحكامُـه من لوثةِ النُّكُرِ

أما الثوابُ فلا تُدْرَى مكانتُه = فأهلُه المحسنون الصِّيدُ في ظفرِ

فازوا بفردوسِها والله أكرمهم= بنعمةِ الخُلدِ والرضوانِ والنَّظرِ

وسوم: العدد 874