سيّان في الإساءة إلى الإسلام مخمور وجاحد به مثبور

لقد أثار سخط الرأي العام الوطني ما فاه به  أحد المحسوبين على الفن وهو تحت تأثير السكر  من إساءة إلى دين الله عز وجل وإلى شخص الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم ،وهو بذلك قد تعمد  الإساءة إلى المشاعر الدينية للمواطنين .

ومعلوم أن من يقدم على معاقرة الخمر يكون على علم مسبق، وهو في تمام وعيه وقوته العقلية   بأنها ستلعب بعقله وتفقده صوابه ، ولا يعلم ما يقول وهو تحت تأثيرها . وما نهى الله عز وجل المخمور عن الصلاة إلا لهذا السبب كما جاء في قوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ))  قبل تحريم الخمر . ولا يمكن لمخمور مهما كان أن يزعم ما زعمه عنترة بن شداد :

ذلك أنه لا عرض يصان لمخمور ، ولئن صدق بعد ذلك في قوله :

فإنه كاذب في قوله السابق الذي  يشمله  وصف الله سبحانه وتعالى في قوله  : (( والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون )) ، ولم  استثن منهم رب العزة جل جلاله  سوى أهل الإيمان والصلاح ، وليس من كمال الإيمان شرب الخمر كما جاء في شرح الإمام النووي لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ،ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ".

ومعلوم أن الخمر أم الخبائث كما وصفها بذلك ذو النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه . والخبائث كما فسّرها ابن الأعرابي هي المكروه ، فإن كان من الكلام فهو الشتم ، وإن كان من الملل فهو الكفر ، وإن كان من الطعام فهو الحرام ، وإن كان من الشراب فهو الضّار . وقد ورد في الذكر الحكيم في سياق الحديث عن نبي الله لوط عليه السلام : (( ونجّيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث )) وقد عدّ الله تعالى فاحشة قوم لوط من الخبائث  ،وهي الشذوذ الجنسي بين الذكران وقد صار يسمى اليوم "مثلية "، وهي تسمية يروم من يستعملونها عوض استعمال الفاحشة أو الشذوذ الجنسي التحايل للتخفيف من وقعها السيء على النفوس السوية ، وفي نفس الوقت للتطبيع معها  كما هو الحال في المجتمعات العلمانية  التي أقرتها، وشرعت من قوانينها الوضعية ما يحمي الشواذ بذريعة أنهم أصحاب حقوق وحريات يجب أن تصان .

وعندما نتأمل وصف أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه الخمر بأنها أم الخبائث نجد أن ما تحدثه من تعطيل للعقل يجعل المخمور يقع في كل الخبائث بما فيها الكفر ، والفسوق ،و الجرم ، والزنا، وفاحشة قوم لوط... وكل قول أو فعل مشين.

وهذا المحسوب على الفن عندنا الذي أقدم على السكر العمد قد وقع في المحظور وقد أساء إلى دين الله عز وجل وإلى المقدسات بما في ذلك النيل من شخص النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، ومن أعراض المسلمين ماسّا  بمشاعرهم الدينية . ولا عذر له في ذلك كما زعم  هو ومن ساندوه أو تعاطفوا معه، لأنه بتعمده شرب الخمر قد تعمد ما يترتب عنها من آثام وهي أم الخبائث ، ولحسن حظه أن باب التوبة مشرع  أمام العصاة ، ومن تاب فإنه يتوب إلى الله متاب ، ولئن عاد إلى معاقرة الخمر بعد الذي صدر عنه، فسيكون  كاذبا في اعتذاره، وما فعل ذلك إلا مخافة  إنزال العقوبة الدنيوية به والله تعالى أشد بأسا وأشد تنكيلا .

ومعلوم أن ما صدر عن هذا المخمور من إساءة إلى دين الله عز وجل لا يقل عنه ما يصدر عن بعض الجاحدين به من الذين تصفهم بعض المواقع الإعلامية الرقيمة  بالخبراء والحقوقيين . ولئن وجد المخمور عذرا يتذرع به عما صدر عنه  مع أنه لا يقبل منه وهو يتعمد السكر ، فإنه لا عذر لهؤلاء ، وهم في تمام  وعيهم ، ولا تأثير للخمر عليهم . وما يقوله هؤلاء وهو مدون فيما ينشر لهم من إساءة لدين الله عز وجل  أقبح مما فاه به المخمور ، ولكنهم لا يتابعون على ذلك ولا يعرضون على العدالة كما عرض المخمور عليها ، ولا هم يعتذرون كما اعتذر بل هم مصرون على الإساءة المتواصلة في كل ما ينشرون بشكل منتظم في مواقع تفسح لهم المجال  تحت شعار ما يسمى بحرية الرأي وحرية التعبير .

وإنهم ليستخفون بالوحي ويجعلونه في مرتبة واحدة مع الأساطير والخرافات ، ويدعون إلى تعطيل شرع الله عز وجل ، ويعتبرونه متجاوزا  ومتخلفا ، ويدافعون عن الفواحش مما يسمونه مثلية ورضائية ، وغير ذلك مما هو فسوق وخروج عن الملة والدين ، وحيلهم المكشوفة في ذلك  أنهم ضد ما يسمونه بالتطرف الديني ، والفكر الظلامي ... وما شابه ذلك من أنواع تجريح  المسلمين تمويها على الإساءة إلى دين الله عز وجل  وهم أشد تطرفا في لادينهم  ، ومع ذلك لا يبالون بالتصريح بذلك  بل يفاخرون به في غياب المساءلة والمحاسبة والمتابعة القضائية .

ولا معنى لعدالة تتابع المخمور في إساءته إلى دين الله عز وجل ، وتغض الطرف عن الجاحد به المثبور ، والمثبور هو المصروف عن الحق والخير ، والمطبوع على الشر كما جاء في  تفسير قول الله تعالى على لسان نبيه موسى عليه السلام : (( وإني لأظنك يا فرعون مثبورا )). وقد كان مصروفا عن الحق والخير وكان كما وصفه الله تعالى في قوله : (( إن فرعون علا في الأرض )) ، وفي قوله  : ((  إنه كان عاليا من المسرفين )) .

وأخيرا نأمل أن تفعل العدالة الكابحة لجماح كل من تسول له نفسه  الإساءة  إلى دين الله عز وجل تصريحا أو تلميحا  وتمويها في حالة السكر ، وفي حالة الصحو على حد سواء .   

وسوم: العدد 879