الخيالان الأدبي والسياسي : لابدّ منهما .. وإن تبادلا الأدوار، فسَدا وأفسَدا!

لابدّ للأدب ، من خيال يناسبه .. ولابدّ للسياسة ، من خيال يناسبها ؛ لا ستشراف المستقبل ، وحساب المآلات ! فإذا تبادلا الأدوار، فسَدا وأفسَدا !

إذا أخذ الخيال الأدبي ، دور الخيال السياسي ، صارت المادّة الأديبة : قصيدة ، أو قصّة ، أو سواهما .. صارت مادّة سياسية ، وفقدت قدرتها ، على التأثير الأدبي !

وإذا أخذ الخيال السياسي ، دور الأدبي ، صارعبثاً ؛ فالسياسة عمل عقلي ، مرتبط بالواقع ، ارتباطاً قوياً ، فالواقع هو مصدر الخيال السياسي ، ومصنعه !

العمل الأدبي فردي ، يراد به التأثير في الآخرين : في عقولهم وقلوبهم .. والخيال مرتبط بهذا !

 أمّا العمل السياسي ، فجماعي - إذ ليس في السياسة قطاع خاصّ - يراد به توجيه الآخرين ، في الاتجاه السياسي ، الذي يريده صاحب الخيال ! وربّما يراد به : الهيمنة على الآخرين ، وقيادتهم ، وحضّهم على أعمال سياسية مختلفة ، مثل : المشاركة في انتخابات .. أو تشكيل أحزاب .. أو مقاومة فساد واستبداد .. أو الخداع السياسي ، عبر مناورات محسوبة ، مقنعة واقعياً .. ونحو ذلك !

الخيال السياسي يحلق ، قليلاً ، فوق الواقع ، ويظلّ مرتبطاً به ، بجملته وتفصيلاته.. أمّا الخيال الأدبي ، فقد يبتعد عن الواقع ، في تحليقه ، وقد ينفصل عنه، في بعض الحالات، ثمّ يعود إليه !

إذا أخفق الأديب  ، في صنع مادّة أدبية جيّدة ، فهو، وحدَه ، يتحمّل مسؤولية إخفاقه؛ حين تكسد مادّته ،أو يقسو عليه النقاد، بصفته الفردية ! وللخيال الأدبي ، تأثير كبير، في صنع العمل الجيّد ، أو الرديء !

أمّا إذا أخفق السياسي ، فسيكون ، لإخاقه ، تأثير سيّء ، في نفسه وعمله ، وفيمن يعمل معه ، أو يتأثر بعمله ، من أعضاء حزب، أو قبيلة، أو دولة ! وقد يكون إخفاقه مدمّراً، لحزبه، أو دولته !

الذي يمارس العمل السياسي ، بخيال سياسي ضحل ، أو رديء .. يصنع سياسة رديئة ! ومن ينكر وجود الخيال السياسي ، أو يسخر منه ، فإنه يصنع سياسة أشدّ رداءة! والذي يمارس العمل الأدبي ، بخيال أدبي ضحل ، أو رديء ، يصنع أدباً رديئا !  ومن ينكر وجود الخيال الأدبي ، أو يسخر منه ، يصنع أدباً أشدّ رداءة !

وسوم: العدد 880