اقتراحات تربوية على الوزارة الوصية على الشأن التربوي إن كانت لها أذن واعية

لقد أربكت جائحة كورونا جميع القطاعات لما كان لها من تداعيات  مفاجئة اختلفت من قطاع إلى آخر . ولقد كان لكل قطاع تقديره الخاص لحجم الإرباك الذي حصل له بسببها،وأجبره على قرارات لم يكن من السهل اتخاذها .

وقطاع التربية ككل القطاعات اضطر أولا لاتخاذ قرار توقيف الدراسة منذ منتصف شهر مارس مع  قرار تعويض الدراسة الحضورية بالدراسة عن بعد ثم قرار إلغاء الامتحانات الإشهادية في المستويين الابتدائي والثانوي الإعدادي مع قرار احتساب ما أنجز من فروض المراقبة المستمرة خلال فترة الدراسة الحضورية  في كل المستويات ، وهو نفس القرار الذي اتخذ بخصوص امتحانات البكلوريا التي ستجرى في  المستوى الثانوي التأهيلي حيث سيمتحن المتعلمون فيما أنجز خلال فترة الدراسة الحضورية فقط  .

ولاشك أن إلغاء الامتحانات غير المسبوق في مستويين إشهاديين إبتدائي وإعدادي سيكون له تأثير على مصداقية التقويم المطلوبة فيهما بسبب قرار انتقال المتعلمين باعتماد نتائج المراقبة المستمرة التي غطت جزءا من المقررات الدراسية كما أن مصداقية التقويم في الامتحان الإشهادي الذي سيجرى في المستوى الثانوي التأهيلي ستتأثر أيضا لنفس السبب أيضا .

ومما راج لدى الرأي العام أن جميع المتعلمين سينتقلون من مستوى دراسي إلى مستوى أعلى، علما بأن اعتماد نتائج فروض المراقبة المستمرة خلال فترة الدراسة الحضورية لا يمكن أن يسمح بنجاح الجميع إذا لم تمكّن العلامات المحصل عليها من بلوغ عتبة الانتقال، وفي هذه الحالة كيف سيقتنع المتعلمون الراسبون وأولياء أمورهم برسوبهم اعتمادا على تقويم لم يشمل موسما دراسيا كاملا ؟  وهنا كان لا بد من أخذ تجربة التعلم عن بعد بعين الاعتبار والتفكير في إدراجها ضمن أسلوب التقويم بشكل أو بآخر من أجل إعطاء فرصة للراسبين كي يستدركوا ما فاتهم من علامات في فروض المراقبة المستمرة الخاصة بفترة الدراسة الحضورية . وإذا ما ذهب تفكير الوزارة الوصية في هذا الاتجاه، وهو ما سيرد الاعتبار للدراسة عن بعد التي  قلل البعض  من شأن مردوديتها  ، فإنه بالإمكان تخصيص دورة استدراكية لامتحانات المستويين الابتدائي والإعدادي  مع حلول الموسم الدراسي المقبل  يمتحن فيها المتعلمون فيما أنجز من دروس عن بعد ، وتضاف علامات هذه الدورة إلى علامات نقط المراقبة المستمرة الخاصة بفترة الدراسة الحضورية .

 وقد يواجه هذا الاقتراح اعتراضا من طرف البعض تحت ذريعة عدم تكافؤ الفرص بين جميع المتعلمين بخصوص  الاستفادة من الدراسة عن بعد ، وهنا يمكن القول المشهور " ما لا يدرك جله لا يترك كله " لأن أغلب المتعلمين استفادوا إما من الدروس التي قدمتها عبر وسائل الإعلام الرسمية أو التي  قدمت عبر الوسائل الرقمية الخاصة  ، علما بأن بعض المتعلمين لم يعيروا أهمية للدراسة عن بعد مع إمكانية متابعتها خصوصا الذين لا يعيرون أهمية حتى للدروس عن قرب علما بأن إجراء تقويم للدروس عن بعد من شأنه أن يكشف النقاب عن هؤلاء وذلك للحيلولة دون حق المطالبة بالانتقال إلى قسم أعلى بعلامات فروض المراقبة المستمرة  المنجزة في فترة الدراسة الحضورية والتي  تكون دون عتبة الانتقال وتحميلهم مسؤولية عدم انتقالهم لأنهم لم يحرموا من مبدإ تكافؤ الفرص بل تقاعسوا عن الاستفادة منه .

وما دامت الوزارة الوصية تعتمد في سلك التعليم العالي نظام المجزوءات ، بحيث يظل المتعلمون ملزمين بإنهاء المقررات وباجتياز الامتحانات الخاصة  بكل المجزوءات خلال فترة دراستهم، ولا يعفيهم انتقالهم من مستوى إلى مستوى أعلى  من  إعادة اجتياز ما لم يوفقوا فيه  في مستويات سابقة ، فإنه بالإمكان تعميم هذا النظام على باقي أسلاك التعليم ،وبموجب ذلك  يتمم المتعلمون المقررات التي حالت الجائحة  دون إنهائها ، وذلك في المستويات التي انتقلوا إليها ويمتحنون فيها ، وذلك حفاظا على مصداقية التقويم الذي بدونه يفقد الانتقال من مستوى إلى مستوى أعلى قيمته كما تفقد الشهادات  أو الدبلومات قيمتها .

 وأخيرا نتمنى أن تراجع الوزارة الوصية بعض قراراتها التي أجبرت على اتخاذها بسبب إكراه ظرف الجائحة ، وهي مراجعة ممكنة ولم يفت أوانها بعد ،كما أن عليها أيضا أن تعد أساليب دراسة وأساليب تقويم خاصة بكل ظرف استثنائي كظرف الجائحة خصوصا وقد استفادت من هذا الظرف .

وسوم: العدد 881