حزيران صفحة سوداء تدمي قلوب السوريين(4-6)

كوهين يزور الجبهة السورية بصحبة رموز قيادة الجيش العقائدي

رافق كوهين صديقه اللفتنانت معز زهر الدين في زيارة إلى الجبهة السورية - الصهيونية وتعرف عن كثب على التحصينات العسكرية السورية في مرتفعات الجولان.

وفي إحدى المرات وعده صديقه (سامي الجندي) - وزير الإعلام السوري - أن يصحبه إلى مكتب رئيس الجمهورية الرئيس (أمين الحافظ).

وعندما وصل إيلي برفقة سامي الجندي وزير الإعلام، حياه الرئيس أمين الحافظ بحرارة، وكان الحافظ يكن تعاطفاً خاصاً لابن وطنه وصديقه الشاب الذي تخلى عن أعماله الناجحة في أمريكا الجنوبية ليمد يد العون إلى بلده في فترة من فترات الاضطراب السياسي والاقتصادي، وألحَّ الرئيس أن يقوم مصوره الخاص بالتقاط صورة لهما معاً، ولما فرغ المصور من عمله، طلب إيلي منه نسخة للصورة التي التقطها، واستدار نحو الرئيس أمين الحافظ وقال: سأحرص على هذا الذخر الثمين ما حييت.

ذهب كوهين مرة مع أحد المسؤولين إلى المناطق العسكرية القريبة من القنيطرة وشاهد مخططات مشروع تحصينات دفاعية، والذي يتضمن جزءاً من مشروع تحويل المياه من (نهر الأردن) الذي كانت إسرائيل تقوم بتحويله إلى النقب. وقد عرض على المقاول الذي يقوم بالتنفيذ مشاركته في العمل.

إيلي كوهين يشارك أسرته في الاحتفال بمولد طفله الثالث (شاؤول) في تل أبيب

وشجع هذا الحافز المقاول فسمح للزائر المعروف، بأخذ مخطط المشروع معه إلى البيت، ليتمكن من دراسته في أوقات فراغه، وتحديد أفضل مواقع المنطقة استثماراً، وقام إيلي بتصوير أحدث ما قع في يده من أوراق، وفي خلال ثلاثة أشهر بعث إلى قيادة الموساد بمعلومات وافية عن المشروع. وتكريماً لكوهين على ما يقدم من معلومات استدعاه الموساد لقضاء إجازة هي الثالثة من نوعها في تل أبيب، وكان قد مضى عليه دون مشاهدة عائلته أكثر من سنة.

عاد إيلي إلى سورية مرة أخرى بعد الاحتفال بمولد طفله الثالث شاؤول، واعداً زوجته بأن هذه آخر مرة يغيب عنها وأنه قرر العودة إلى إسرائيل نهائياً. ولكن شاء الله أن لا يعود الجاسوس الإسرائيلي من سفره هذه أبداً.

كوهين يقع في قبضة الأمن السوري

ففي إحدى ليالي شهر كانون ثاني 1965م، وبعد أن فرغ إيلي من إرسال تقرير تضمن معلومات تلقاها من صديقه (سليم حاطوم) ومفادها أن الرئيس أمين الحافظ قرر في اجتماع عقده مع رؤساء أجهزة المخابرات السورية تطوير خطة منظمة فلسطينية واحدة تبدأ الكفاح المسلح، ويتم تدريب رجالها في قاعدة للجيش السوري سراً.

ولمح إيلي ساعته التي كانت تشير إلى الثانية بعد منتصف الليل، وأدار مفتاح جهاز الإرسال إلى النقطة الدقيقة التي تصله منه إشارات قيادة الموساد بوضوح تام كما اعتاد أن يفعل.

وفجأة سمع طرقاً عنيفاً على الباب، وقبل أن يجد وقتاً للتصرف تحطم خشب الباب الصلب، واقتحم الغرفة ثمانية رجال مسلحين، شهروا مسدساتهم، وكانوا يلبسون زياً مدنياً، وفي حين غطى كامل جهاز البث بدون وعي كان رجلان يصوبان مسدسيهما إلى رأسه وصاحا به: لا تتحرك.

واندفع رجل يلبس بزة عسكرية صوب الفراش، وعرفه إيلي في الحال، إنه الكولونيل (أحمد سويداني) رئيس شعبة الاستخبارات السورية.

لقد كان الفضل في اكتشاف هذا الجاسوس – حسب بعض الروايات - يعود إلى السفارة الهندية. فقد دأب عاملو اللاسلكي في السفارة على الشكوى للسلطات السورية من بعض التشويش الذي يعاني منه بثّهم للهند. وحاولت السلطات السورية العثور على مصدر الاضطرابات ولكنها لم تكن تملك الأجهزة المتطورة الكافية.

وفي صباح يوم اعتقاله، حدث انقطاع في التيار الكهربائي واستعمل إيلي البطاريات للقيام بالبث، ولم يكن لديه أية فكرة عن انقطاع الإمدادات الكهربائية مجدداً. لقد كان تحديد موقعه سهلاً وميسوراً، فجهاز إرساله هو جهاز الراديو الوحيد الذي واصل البث هناك.

وحين تعرف رجال اللاسلكي الهندي على مكان البث وهو منزل إيلي كوهين، أشاروا على رجال الاستخبارات السورية بفحص سطح المنزل، وعندئذ عثروا على هوائي جهاز إرسال الراديو الذي كان يؤدي إلى شقة إيلي كوهين مباشرة.

المصادر

*مجلة نضال البعث.

*البعث والوطن العربي.

*جريدة المناضل-عدد 94 شباط 1977.

*حول تجربة الوحدة-القيادة القومية-شباط 1962م.

*عبد الكريم زهر الدين: مذكراتي عن فترة الانفصال في سورية-أيلول-1961-آذار 1963م.

*منيف الرزاز: التجربة المرة-بيروت-دار غندور 1967م.

*كتاب حزب البعث العربي الاشتراكي-محمد فاروق الإمام

وسوم: العدد 883