لعلّي منهم .. لعلّي لستُ منهم .. أراني لستُ منهم .. !

يقرأ المؤمن ، في كتاب الله ، فيرى صفات الصالحين ، وجزاءهم  يوم القيامة ، فيقول : لعلّي منهم .. أو.. لعلّي أكون منهم !

كما يقرأ ، صفات الكفرة والمشركين والمجرمين ، فيقول : لعلّي لستُ منهم .. أو: أرجو ألاّ أكون منهم  !

ويقرأ، في مكارم الأخلاق ، ومن أهمّها بذل المال ، في مساعدة المحتاجين، مثل الآية الكريمة: ( ومَن يُوقَ شُحَّ نفسِه فأولئك هم المفلحون) ، فيقول : أحسبني من هؤلاء .. أو : أرجوأن أكون منهم ! ويقرأ الآية الكريمة :( ويؤثِرون على أنفسهم ولوكان بهم خصاصة ) ، فيقول : لا أراني من هؤلاء ، وأرجو أن أكون منهم !   

ويقرأ المرء ، في كتب الأدب ، فيرى صفات الآخرين ، منعكسة فيها ، فيتمنّى أن يكون من الناس الأسوياء ، الكرام الصالحين ، المقبولين اجتماعياً .. وينفر من صفات الآخرين ، المعاكسة للصفات الأولى ، قائلاً في نفسه : أحسبني لست من هؤلاء.. أو: أتمنّى ألاّ أكون من هؤلاء !

فما نحسب عاقلاً ، يقرأ بيت المتنبّي :

إذا أنتَ أكرمتَ الكريمَ ملكتَه    وإنْ أنتَ أكرمتَ اللئيمَ تمرّدا

ثمّ يتمنّى أن يكون لئيماً !

كما لانحسب ، عاقلاً ، يقرأ كتاب البخلاء ، للجاحظ ، فيتمنّى ، أن تنطبق عليه صفاتُهم !

ومن يقرأ ، أو يشاهد ، مسرحيات شيكسبير، ويرى مصائر البؤساء ، أو المجرمين ، فيها ، نحسبه سيتمنّى ألاّ تكون صفاته ، كصفات مَكبِث ، مثلاً ، وألاّ يكون مصيرُه كمصيره !

وهكذا يؤدّي الأدب وظيفته ، في صقل نفوس الناس ، وتنمية عقولهم ؛ فيتأثرون به، في سائر مجالات الحياة : السياسية والاجتماعية ، وغيرها !

وتسليطُ الأضواء ، على عتاة المجرمين ، في سورية ، وغيرها ، نحسبه يُنتج أثراً إيجابياً ، في نفوس الناس الأسوياء ، الغافلين والمغّفلين ، الذين تمارِس عليهم ، وسائلُ إعلام الحكومات المستبدّة ، أخبث أنواع التزييف العقلي !

فالكتابة ، عن الأحوال والمواقف ، قد تنبّه غافلاً ، أو تَحفزمتردّداً ، أو تصوّب معلومة ..! وفي كلّ حال ، فيها إعذار للنفس ، أمام الله والناس !

ولكثرة الكتابات ، قد يضطرّ المرء ، إلى انتقاء مايقرأ ، ويترك الكثير.. وهذا أمر طبيعي ، وسلوك سائغ ، يسلكه الناس ، عامّة !

أمّا العقلاء ، المدركون لحقائق الأمور، فقد تُشكّل لديهم الصور، التي يَعرضها الأدب الراقي ، والإعلام الصادق ، حوافز إضافية ، للفعل المجدي ، في مقارعة الزيف والبهتان !

وقد قال أحدهم ، عن الشعر:

وإنّ أصدقَ بيتٍ ، أنتَ قائلهُ    بيتٌ يُقالُ - إذا أنشدتَه- صَدَقا

وسوم: العدد 884