الأُسْرَةُ .. وَ الأمْنُ

د. حامد بن أحمد الرفاعي

عَام2000م , زَارَنِي وَفْدٌ نِسَائيٌّ أمرِيكيٌّ بِرِئَاَسةِ السيدةِ جِينا أبر كرومبي/ مُسْتَشَارَةُ الرَئيسِ الأمرِيكيِّ الأسْبَقِ / بيل كلنتون ، وَرَئِيسَةُ دَائِرةِ شُؤونِ بُلْدَانِ أسيا ، وَبُلْدَانِ جنُوبِ شَرْقِ آسيا فِي مَجْلِسِ الأمْنِ القَوْميِّ الأمرِيكيِّ إذْ ذَاكَ.. وَكَانَ الوَفْدُ مُهْتَماً بِمَسْألتِين:(المَرْأةٌ ، والدِيِمُقْرَاطِيَّةُ). أمَّا حِوارُنَا بِشَأنِ المَرْأةِ فَبدَأ بِمُقَدَمَةٍ مِنْ رَئِيسَةِ الوَفْدِ قَائِلَةً: " لَقدْ حَاولَنَا التَعَرُّفَ عَلَى وَضْعِ المَرْأةِ في الإسْلَامِ بأنْفُسِنَا فَلمْ نَستَطِع.. وَاسْتَعنَا بِأصْدِقَائِنَا مِنَ العَرَبِ وَالمُسْلِمين, فَجَاءَت المَعْلُومَاتُ مُتَنَاقِضَةً لِلأسَفِ.. فَقْرَّرنَا أنْ نَأتِي إلى دِيَارِ المُسْلِمين لِنَعْرفَ مِنْهم مُبَاشَرةً مَا يَتَعَلقُ بِهَذهِ المَسْألةِ.. وَمَعَالِيكُم مِمَّنْ رُشْحُوا لَنَا لِلتْحَاورِ مَعَهم بِهَذَا الشَأنِ.. فَمَاذَا عِنْدَكُم يَا سَيْدي ..؟ قُلْتُ: عِنْدِي كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ؛ قالتَ: وَمَا هِي كَلِمَتُك ..؟ قلتُ: المَرْأةُ عِنْدَنَا أمُ المُجْتَمعِ ، وهِي مَصْدَرُ اسْتِقْرَارِه , ومَنْبَعُ أمْنِهِ.. وأسَاسُ بِنَائِه السَليِمِ.. بلْ هَي اللَبِينَةُ الأمْتَنُ في بُنْيَةِ الأمْنِ القَوْمي لِلْمُجْتَمَعَاتِ.. وَنُقْطَةُ التَمَايُزِ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُم بِشَأنِ مَكَانَةِ المَرْأةِ.. بَدَأت يَوْمَ أنْ قَرْرَتُم شَطَبَ الأسْرَةِ, مِنْ مُؤسَسَاتِ المُجْتَمَعِ عِنْدَكم.. وَشَرَّعْتُم قَاعِدَةَ مَا تُسَمْونَه: تَحْرِيرُ المَرْأةِ مِنْ ثَقَاَفةِ الأسْرَةِ الشَرْعِيَّةِ ، وَالذْهَابِ إلى ثَقَافَةِ فَوْضَى تَكْوينِها وتَنّوْعِ مَفهومِها ووسائلها .. أمَّا نَحْنُ فَلَا نَزالُ نَتَمَسَكُ بِمَبْدَأ الزْوَاجِ الشَرْعيِّ والقَانونِيِّ بَيْنَ المرأةِ والرجل في بِنَاءِ الأسْرَةِ.. باعتِبَرِهَا أسَاسُ مَتَانَةِ وَصَلابَةِ جِدَارِ أمنِنَا القوميِّ.. قالتَ مُبْتَسِمَةً: " أتُريدُني أنْ أهْجُرَ عَملِي في مَجْلِسِ الأمْنِ القُوميِّ وأعُودَ إلى الأسْرَةِ ..؟ " قلتُ: لا.. ولَكنْ أدْعو إلى إقَامَةِ عِلاقَةٍ مُتَوازِنَةٍ بَيْنَ مَسْؤوليَاتِ الرَجُلِ وَالمَرْأةِ في كُلٍّ من الأسْرَةِ والمُجْتَمَعِ.. قالَت: أشْكُرُكم لَقَدْ أجَبْتَم وَأفَدْتُم ..حَقاً مَا قُلتُم هو نُقْطَةٌ جَوْهَريَّةٌ بَيْنَ رُؤيتُنَا ورَؤيَتِكم.. وَمِنَ الجَدِيرِ بِالذكْرِ أنَّ السيدةَ هيلاري كلنتون- زَوْجَةُ الرَئيسِ بيل كلنتون- بعدَ شَهرٍ َقْرِيباً مِنْ هَذَا الِلقَاءِ.. كتَبَت في مَقالتِها الأسْبوعيَّةِ إذْاك في جَرِيدةِ عَرب نيوز عدد 109 تاريخ 16مارس2000م جَاء فيها:" آنَ الأوانُ لنَا في أمَرِيكا أنْ نُقيمَ عِلَاقةً مُتَوازِنَةً بَيْنَ وَاجِبَاتِنا في الأسْرَةِ وبَيْنَ واجِبَاتِنَا في بَاقي مُؤسَسَاتِ المُجْتَمَعِ". وبَعَدُ.. فَأخْتِمُ بِمَا قالَه الفَيْلسُوفُ الصْينيِّ المَعْرُوف السيد كُونْفُوشِيوس : " إذَا َقَامَت الأسْرَةُ السَلِيمَةُ ، سَلِمَ العَالَمُ وأمِنَ".

وسوم: العدد 885