هل كلّ مَصلحةٍ مَصلحةٌ؟ وهل المصالح المَبنية على باطل، مصالح، حقاً،أم مفاسد؟

الكلام عن المصالح ، كثير، جدّاً : مصالح الأفراد .. مصالح القبائل.. مصالح الأحزاب.. مصالح الدول .. كلٌّ يتغنّى ، بما يسمّيه مصلحته ، وكلٌّ يفترض ، أن للجهة الفلانية ، مصلحة ما ، في موقف ما ، أو سلوك ما ، أو قرارما ..!

لكن ، أكلُّ مايذكر الناس أنه مصالح ، هو مصالح ، حقّاً ، ولو كان مبنياً على حقّ؟ وهل كلّ مايشار، إلى أنه مصلحة ، مبني على حقّ ، أم قد يكون مبنياً على باطل؟ وهل يسمّى ذلك مصلحة ، إذا بُني على باطل ، أم مفسدة؟

إن ثمّة غموضاً شديداً ، في كثير من الكلام عن المصالح !

فقد يتوهّم فرد ما ، بأن مصلحته تكمن ، في الفعل الفلاني ، فيكتشف ، بعد الفعل ، أن ثمّة مفسدة كبيرة ، لحقت به ، حتّى لو كانت مصلحته مستندة، إلى حقّ واضح، أو مبنية على حقّ صُراح!

فقد يُفسد الفعلُ الخطأ ، المصلحة ، أو يضيعها من صاحبها ، ويُضيع معها ، الحقّ الذي يطلبه! وقد يكون صاحب المصلحة ، والحقِّ المطلوب فيها، حاكماً أو محكوماً! 

وكذلك : مصلحة الحزب .. ومصلحة القبيلة ..ومصلحة الدولة !

أمّا المصلحة المبنية على باطل ، في الأساس ، كالعدوان على حقوق الآخرين : أفراداً ، أو جماعات ، أو دولاً .. أما هذه ، التي يدّعي صاحبها ، بأنها مصلحة ، فهي مفسدة ، في حقيقتها ؛ لأن العدوان - إذا نجح فيه صاحبه- إنّما يُقرّ شريعة الغاب ، التي تنعكس عليه ، من ناحية .. ومن ناحية ثانية ، تحفز المعتدى عليه ، لاسترداد حقّه المسلوب ، عبر الحروب ، وغيرها !

فقد يَحسب صاحب المصلحة ، مصلحته ، بطريقة غير صحيحة ، فيفسدها ، ويضيع الحقّ ، الذي هو له فيها ! أو قد يرتكب خطأ ، في السعي ، نحو تحصيل مصلحته ، فيُضيع هذا الخطأُ ، مصلحتَه وحقّه !

وقد تكون المصلحة أخروية ،  فيفسدها صاحبها ، بنيّة غير صحيحة ، أو بكلام غير مناسب ، كمن يعمل خيراً ، أو عملاً صالحاً ، ونيّته فاسدة ، فيها رياء أو نفاق ! كما قد يعمل صالحاً ، فيُفسده بالمنّ والأذى ! قال تعالى :

الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثمّ لا يُتبعون ما أنفقوا مَنّاً ولا أذىً لهم أجرُهم عند ربّهم ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون * قولٌ معروفٌ ومغفرةٌ خيرٌ من صدقةٍ يَتبعها أذىً والله غنيّ حليم * يا أيّها الذين آمنوا لا تُبطلوا صدقاتِكم بالمنّ والأذى كالذي يُنفق مالَه رئاءَ الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر ..) .

وسوم: العدد 885