آيا صوفيا

سارية عبد الكريم الرفاعي

قبل أربعين عاماً كنتُ شاباً مُفعَماً بالحَيويَّة و النشاط جئت الى اسطنبول و زرت هذا الصرح المَشيد (آياصوفيا) ، وقفت في طابورٍ طويل أنتظر  الدخول الى دوحة هذا المسجد بين جموع السياح الأجانب بعد أن اشتريت تذكرةَ الدخول .

وجدت في قلبي حسرةً و لَوعةً حينها ، قلتُ آهٍ لو كانت هذه الجموعُ المكتظّة جموعَ مصلين تغصُّ بها أبواب هذا المسجد العامر .

عدتُ بعد ذلك الى الفندق أجرُّ أحلامي و عقلي يُدندن بهذه الأمنية  ، نظرت في الشوارع حينها فلم أجد امرأة محجبةً سوى زوجتي التي كانت ترافقني في زيارتي الى اسطنبول ، قلت في نفسي دع عنك هذه الأحلام ،  أي مسجدٍ و أي اكتظاظ لجموع مصلين و أي أحلام و أنت لم تعثر على امرأة محجبةٍ واحدةٍ في محيطك الذي أنت فيه .

اليوم و في خواتيم سنوات عمري يأتيني ولدي هذا الصباح ليأخذني الى صلاة الفجر في جامع آياصوفيا العظيم ، و قد اخترنا الفجرَ بالذات تجنُّباً لأوقات التزاحم في النهار ، وصلنا الى المسجد فلم نستطع الدخول بسبب شدّة التزاحم الذي ملأ الساحات المحيطةَ بالمسجد حيث حضر الآلافُ لأداء صلاة الفجر في جامع آياصوفيا فغصت بهم ساحات و حدائق المنطقة و لم يستطع دخولَ المسجد إلا من جاءَ مبكِّراً قبل ساعة الفجر ، جلسنا في الحدائق و صلينا و بقي الجميع الى طلوع الشمس لا يريدون مغادرة المكان .

لم اتمالك دمعتي و وجدتُ نفسي أمامَ شريط الذكريات و أمامَ حَفنةِ الأُمنيات التي أوهمني الشيطان يوماً أنها سرابٌ حَالم فإذا بها وعدٌ محقق .

فَجرٌ مضيء شهِدَته عَيناي هذا الصباح جعلني أستشرف فجراً سيشرق لا محالة على أوطاننا بحضارة ستعود باذن الله ، و بوطنٍ سيعمُر بقُدرة الله ، و بجيل سنرفع رؤوسنا به و ما ذالك على الله بعزيز

٢٦/٧/٢٠٢٠

إسطنبول

بعد ايامٍ من إعادة اياصوفيا مسجداً

وسوم: العدد887