لطائف المزاح

رياض الفكر(18)

الضحك حاجة وعبادة:

الضحك حاجة فطرية، راعاها الإسلام ورعاها، ولذلك جعله محطة ابتلاء، فهناك ضحكة مأجورة وأخرى موزورة، وفقاً لمقاصد الشرع، مثله مثل القول والحركة والفعل، مصداقا لقوله تعالى: "لها ماكسبت وعليها ما اكتسبت"!

ومثلما حرم الإسلام (ترويع) الإنسان، فقد أوجب (ترويحه)، حتى لا تصيبه السآمة، ولا يعطبه الملل، ولا يسقط في مهاوي الكآبة والتكدر!

مقاومة الأعداء:

إن السخرية المضحكة وسيلة من وسائل مقاومة الأعداء، ولا سيما في حالة الضعف، فإنها تحافظ على وحدة الجماعة، بتوكيد مشاعر الاستعلاء والسخرية من الأوضاع المزرية التي يصنعها الأعداء.

وهي وسيلة للنيل من غرور العدو، والانتقاص من قوته، وفضح مكائده، وحرمانه من لذة الانتصار، والتشويش على مشاعر الزهو، بطرق ساخرة مؤثرة، ولا سيما في هذا الزمان الذي أصبحت فيه وسائل الإعلام أشدّ مضاء وتأثيرا من أفتك الأسلحة!

الثمار الاجتماعية للمزاح:

المزاح المؤدب أو المداعبة اللطيفة لها فوائد جمة على من يقوم بها ومن يتعرض لها، فهي تساهم في توطيد العلائق الاجتماعية؛ لأنها تنمي أواصر الائتلاف في تكوين الشخصية، من حيث البساطة والتواضع، والتلقائية وعدم التكلف، وكسر الحواجز بين الناس، سواءً كانت طبقية أو فئوية أو عمرية أو اجتماعية، إضافة إلى أنه يفتح قلوب الآخرين على مصاريعها،

ولذلك نستطيع القول بثقة بأن الشخص المزاح كائن اجتماعي ممتاز.

الثمار العقلية للمداعبة:

تساعد المداعبة المهذبة في تنمية الفكر؛ لأنها ترفع منسوب الوعي، وتوقظ ملكات التفكير للتعامل السوي مع مختلف أصناف الناس، وتنمي سرعة البديهة والنباهة العقلية، وتصقل القدرة على توظيف المعلومة لصالح الموقف، وتزيد من القدرة على التجديد والابتكار.

ومن ناحية اخرى تزيد من صحة الجسم وقوة جهازه المناعي، مما ينعكس إيجابا على التفكير السوي، ونماء الملكات العقلية، إضافة إلى اكتسابه المزيد من الخبرات المقتبسة من الآخرين.

جواز لاجتياز القلوب:

المزاح المنضبط بالحدود الشرعية، وسيلة مهمة لاقتحام قلوب الناس، لأنه يظهر المعدن الأصيل للشخص، بعيداً عن التصنع الخادع، والتجمل الكاذب، ويجعله بمنأى عن ثقافة النفاق والتظاهر، ولأنه يكسر القوالب الاجتماعية الجامدة والرتيبة، ويقضي على الهواجس الوهمية والمخاوف المرضية، ويداعب شغاف القلوب ومفردات الفطرة، ويتجاهل الفوارق الاجتماعية، إذ غالباً ما يتم من الكبار للصغار ومن اﻷقوياء للضعفاء.

ويمتلك القدرة على استجاشة العواطف واستثارة الانفعالات، وعلى زرع البسمة في الشفاه، وصناعة البهجة في الجو المحيط، بعيداً عن الكآبة والمكدرات ومنغصات العيش، وينتقل بالناس من العالم الحقيقي بغصصه وآلامه إلى العالم الافتراضي بجمالياته ومثالياته.

ويمكن القول بأن المزاح جواز لاجتياز القلوب وارتياد اﻷفئدة، ولذلك فإن المازحين من أكثر الناس عيشا في بحبوحة الحب، واندماجا في أفياء المجتمع.

سلاح ذو حدين:

المزاح سلاح ذو حدين، فيمكن أن يصير حديدا تقام عليه جسور المودة والتفاهم، ويمكن أن يصبح مقصا يقطع العلائق، ويمزق الأواصر، والفيصل هو الالتزام بضوابط الشرع.

 فنن:

يمكن أن تكون السخرية المضحكة عبادة وافرة الأجر، عندما تكون ضد الأوضاع المنحرفة، والأفكار الشاذة، وضد أعداء الله المعلومين!

       بورك عيدكم 

وسوم: العدد 888