الهجرة ... مجلى يقظة الأمة

لا أقولُ هَلَكَ الناسُ ، ولا أقولُ هلكت الأمة ، ولن يجد اليأسُ إلى قلبي سبيلا ، رغم كلِّ النكسات والنكبات والأذى ، ورغم مرارة النوازل التي حلَّت بالأمة ، ورغم المؤامرات التي تُحاك ليلَ نهارَ لتدمير حصون إيمان الأمةِ بالله وبرسولِه صلى الله عليه وسلم وبهذا الإسلام العظيم . ورغم أهل الدَّخن الذين يهدون بغير هدينا وشريعتنا الغراء ، ورغم الأنباء المؤلمة التي تصدع الرؤوس عن الموت البطيء الممنهج الذي يُوارى من خلاله الأفذاذ الأبرار من شباب الدعوة الإسلامية ورجالها الأبرار الأطهار ، ورغم دعاة مجرمين أفاكين على أبواب جهنم مِن أجابهم قذفوه فيها ، وهم من أبناء جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ، كدعاة التغريب وأذناب المستشرقين الذين خلعوا ربقة الإسلام من أعناقهم ،إذ خرجوا من طاعة الله ، وفارقوا الأمة ، فهم ليسوا من المسلمين لأنهم لم يهتموا بأمرهم ، بل سلطوا عليهم أسباب الوهن والانحطاط .وساعدوا الأيدي الآثمة على إنزال الأذى بالمسلمين ، وهي أيدٍ كثيرةٌ ومتنوعةٌ ، ولعل من أشدها أذى هي أيدي يهود ... يهود سواء انتسبوا إلى يهوذا ، أو كانوا من بقايا الذين أسلموا تقية وكذبا للكيد بالأمة ، أولبسوا قبعة الصهيونية ، أو توشحوا برمز الماسونية ، فإنهم يهود ومنهم كان الأذى وما زال .فهم ــ لعنهم الله ــ أصل المصائب التي نزلت بالمسلمين على عهد رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، وفي عهد الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ، وهم أهل الفتن التي مابرحت نارها ذات لهب في هذا العصر الذي نعيش أحداثه ونوازله الجِسام . وهم ــ أخزاهم الله ــ من خططوا وشجعوا المذاهب المعادية للإسلام ، والتي تعود أباطيلها إلى فلسفات الهندوس والبوذيين واليونانيين والفرس عبدة النار وغيرها من الفرق الضالة الغارقة في متاهات الكفر والزندقة التي ترعاها ماسونية اليهود حيث تمتد جذورها العفنة في أعماق تاريخ البشرية ، هدما للقيم ، وحربا على رسل الله ، وحقدا وشرا على أُمَّةِ محمَّدٍ عليه الصلاة والسلام . وهي التي تنتشر بأقسامها ومستوياتها بين مختلف شرائح المجتمعات البشرية ذات المراكز المؤثرة في الحياة . فاليهود أعداء أمتنا أسقطوا الخلافة الإسلامية بالدهاء والمال والنساء ، وأقاموا كيان دولة مسخ على أرض فلسطين ، أرض الإسراء والمعراج ، ومازالوا في دهائهم ومكرهم وأموالهم ونسائهم يحلمون بتوسيع دائرة أحلامهم ، ويضحكون ... أجل يضحكون على كل من يصدق دعوتهم للسلام ، إنهم ماكرون مجرمون لايستحون ، ألم يتقدم الماسونيون منهم برسالتهم المعروفة إلى المجلس الإسلامي الأعلى بعد احتلالهم للضفة الغربية يريدون فيها شراء المسجد العمري في القدس لإقامة هيكلهم المزعوم ؟!

هذه بعض ملامح الأذى والقتامة التي تحدق بالأمة ، فالأمة تعيش الأذى والحصار ، وتنام على القلق والخوف ، وتعيش عيش العبيد الأذلاء ، وهي غارقة في بحر من الأهواء والفجور والفساد والتغيير نحو الأسوأ ، ظهر فيها أهل السياط الذين يضربون الناس ظلما وبغيا ، وظهرت الكاسيات العاريات ، وظهورهذه الملامح من معجزات نبيِّنا صلى الله عليه وسلم ، فعن عليٍ رضي الله عنه قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حلَّ بها البلاءُ ) . قيل : ماهي يارسول الله ؟ قال : ( إذا كان المغنم دولا ، والأمانة مغنما ، والزكاة مغرما ، وأطاع الرجل زوجته وعقَّ أُمَّه ، وبـرَّ صديقَه وجفا أباه ، وارتفعت الأصواتُ في المساجد ، وكان زعيمُ القوم أرذلَهم ، وأُكرم الرجل مخافة شرِّه ، وشُربت الخمور ، ولُبس الحرير واتُّخذت القيناتُ والمعازف ، ولعن آخرُ هذه الأمة أوَّلها ، فليرتقبوا عند ذلك ريحا حمراء أو خسفا أو مسخا ) رواه الترمذي . لقد ظهرت الفواحش ، وجار السلاطين ، وانتُقض العهد الذي كان مع الله ، وحُكم بغير ما أنزل الله ، وكان الجزاء من جنس العمل أن سلط الله على الأمة أعداءَها من اليهود وغيرهم ، ومن هنا لابدَّ لها من الهجرة ... هجرة إلى الله ورسولِه صلى الله عليه وسلم ، قلتُ : رغم كل الأذى والشر والنوازل ، وإرغام الأمة على ماهي فيه اليوم من ذل وهوان واستكانة لن يصيبني يأس ولن يعتريني خذلان ، مادامت مسيرة الهجرة جادة في احتقار ومجافاة المعوقين والمنافقين والموالين لليهود وأمثالهم من أعداء الأمة بأية صورة كانت ، كطه حسين وأودونيس وحامد داود ومحمد كامل حسين وأمثالهم كثير كثير كثير ... الذين يموِّهون ويفترون ويراوغون ، حتى أنهم صوَّروا للناس أن اليهودي الخبيث عبدالله بن سبأ صاحب الفتنة الكبرى ماهو إلا وهم وخيال وأسطورة ، ولكن هيهات إنَّ السواد الأعظم من أمة محمَّد صلى الله عليه وسلم يأبى عليهم إيمانُهم بالله ، واتِّباعُهم لرسوله صلى الله عليه وسلم ، ولسُنَّة خلفائِه الراشدين الهادين المهديين رضي الله عنهم ... أن يقبلوا بأقوال ومعتقدات هؤلاء الأفاكين مهما كانت مراكزهم الأدبية والعلمية ، فقد أضلهم شيطانهم وأعماهم هواهم عن رؤية الحق المبين ، ولن ترضى الأمة بأسباب هذه القتامة والأذى ، إذ تأبى عليها فطرتُها الطاهرة النظيفة إلا بالهجرة إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وإلى دينه الحنيف ، الهجرة التي فتح أبوابَها نبيُّ الرحمة وهادي البشرية رغم وعورة الطريق وقسوة الأذى وتوقع الأخطار ، ولكن يحدو السائرين : ( لاتحزن إنَّ اللهَ معنا ) . لقد صرم النبيُّ صلى الله عليه وسلم حبال الجاهلية الأولى ، وترك زينتها وبهرجها الفارغ المقيت ، وبكَّر راغبا بما عند الله من مثوبة وفتح وكرامة ، فبارك الله له في تبكيره وتهجيره ، وبارك لأمته من بعده في صبرها وشموخها . فالهجرة خروج من دائرة الفتن ، واعتداد بما عند الله الكريم العليم ، وثورة على الباطل وعدم ركون لجبروته وسطوته ، والهجرة حرب على الضلالات والبدع والشبهات التي يروجها أعداءُ الإسلام في كل عصر ومصر . ألم يقل علي بن الحسين رضي الله عنهما في شأن صاحب الفتنة الكبرى ابن سبأ لعنه الله : ( لعن الله مَن كذب علينا ، إني ذكرتُ عبدالله بن سبأ فقامت كلُّ شعرة في جسدي ، لقد ادَّعى أمرا عظيما ماله ــ لعنه الله ــ كان عليٌّ رضي الله عنه عبدا لله صالحا ، أخا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما نال الكرامة من الله إلا بطاعته لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، وما نال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الكرامة إلا بطاعته لله ) .

ومن هنا تكون الهجرة ... هجرة على نور من الله ، هجرة إلى كتاب الله الكريم ، هجرة إلى سُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم ، هجرة إلى هذا الإرث النبوي الرباني ذي الهداية والرحمة . ( ربنا آمنا بما أنزلتَ واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ) . ( ربنا لاتزغ قلوبَنا بعد إذ هديتنا ، وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ) . ونحن لانستهين بظلمات هذه القتامة المؤذية ، ولا بهذه الأرزاء التي حلَّت بالأمة ، ولا بهذا النزيف الحار في فلسطين والعراق وأفغانستان والشيشان وكشمير وبلاد الشام وهنا وهناك وهنالك ... فقد وضعتنا هذه القتامة المؤذية المتوقدة في ميدان الصبر ، والصبر من درجات الهجرة التي ترتفع بالأمة كما ترتفع بالفرد إلى الآفاق العلوية لتجديد الإيمان ، وشحن القلوب التَّوَّاقة إلى الطاعة والفداء في سبيل الله . والهجرة والصبر قرينان لايفترقان ، والصبر نصف الإيمان ، وهو الدرع الحصين لكيلا يسخط الناس على ماقدَّر الله ، ولا تجزع الأمة ، فالصبر الجميل على الشدائد وثيقةُ إيمانٍ جليلة ، والجنَّة التي يرجوها المؤمنون حُفَّت بالمكاره والنوازل . يقول المولى تبارك وتعالى : ( أم حسبتُم أن تدخلوا الجنَّةَ ولمَّا يأتكم مثلُ الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساءُ والضَّرَّاءُ وزلزلوا . حتى يقولَ الرسولُ والذين آمنوا معه : متى نصرُ الله ؟! ألا إنَّ نصرَ اللهِ قريب ) 214/البقرة . فكانت عاقبة الصبر الفوز والفتح وتفريج الكروب ، إذ في الصبر على المكاره والنوازل والمحن ... منح خاصة لأُولي الصبر على الأذى مهما طال . فطوبى للأمة صبرها على الأذى ، ومصابرتها أعداءَها على عتوهم وغليان قلوبهم بأحقادهم عليها . وبورك للأمة فجرُ خلاصها وفلاحها ولعله قريب قريب بمشيئة الله تبارك وتعالى ، يقول عزَّ وجلَّ : ( يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ) 200/ آل عمران . ولتطمئن الأمة بأن الله معها مادامت في طريق الهجرة إليه يحملها الصبر رغم المشقات والأهوال : ( إنَّ اللهَ مع الصَّابرين ) 153/ البقرة .

أجل ... إن الله مع الصابرين ، وهذه المعية فيها العزة والأمن لهم ، وفيهاالمغفرة والسلام من الملائكة الأطهار ، ومن موجباتها محبة لله لهم ، فهل أسمى من هذه المكانة لهؤلاء المهاجرين الصابرين . ولا يظنَّنَّ أحدٌ أن الصبر على المكاره وعلى هذه القتامة وصولة الأرزاء في حناياها ... يعني الاستكانة أو الركون أو الاستسلام للغزاة وللجناة !! أبدا ليس في الصبر على الأذى أيٌّ من هذه المعاني ، إن آيات الهجرة وآيات الصبر وما ورد فيه من أحاديث نبوية ... اقترنت كلها بقيم الإسلام النبيلة الملهِمة ، من ذكر وعبادات وأخلاق وجهاد ودعوة إلى الله ، وهذه بلا ريب ثروة نفيسة للصابر المهاجر في ميادين النزال ، وهي زادٌ للأمة الصابرة المهاجرة بدينها وفطرتها في ميادين الثبات وتحدِّي موجات الطغيان ، يقول الحقُّ تبارك وتعالى : ( والصَّابرين في البأساء والضَّرَّاء وحين البأس . أولئك الذين صدقوا ، وأولئك هم المتقون ) 177 / البقرة .

سبحان الله ... ما أعظم اقتران الهجرة بالصبر ، وما أجلَّ المعاني التي تتفتق منهما ، وما أعظم الرجال الذين تزيَّنوا بأبراد الهجرة والصبر الجميل ، إنهم الطائفة المنصورة بإذن الله تعالى رغم المشككين والموتورين وأعداء الدين ، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لاتزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة ) رواه الشيخان وأحمد ، ولم يشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذه الطائفة إلا لصبرها على الأذى المرير ، وهجرتها من دائرة الأهواء والإغراءات إلى رحاب الهدى والقيام بالواجبات ، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وقول كلمة الحق عند السلطان الجائر ، والجهاد في سبيل الله . وهي تستشرف بعينَيْ يقينِها بالله معنى : ( لَيُتِمَّنَّ اللهُ هذا الأمرَ ) ... أجل ... ولو بعد حين . فمن اعتزَّ بالله لايرضى الذلةَ ، ومن استقوى بالله فلا يضعفه الأذى الفوَّار بالأحقاد ، ومَن استنصر بالله فلن يُخذلَ ، ومَن توكل على الله فلن يخيب . وسواد الأمة يعيش ولله الحمد تحت أفياء هذه النصوص الظليلة ، فارتفع بها إلى أُفُق اليقين بتأييد الله وفتحه ونصره ، وهذا السواد الأعظم من أمة محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ألزم المخالفين والمناوئين على مرِّ الحقب بالاعتراف ... الاعتراف بأن الإسلام هو روح الأمة وحياتها ، وهو وحده مصدر عزتها وتفوقها ، واعترفوا مرغمين بأن إخراج الأمة من جنّةِ دينها أمر محال لايمكن أن يتحقق في يوم من الأيام رغم ضعف هذا السواد في كثير من الحقب والظروف ، بل اعترفوا في كثير من الأحيان بمجابهةٍ من نسائهم وأبنائهم وبناتهم على مايفعلون ويخططون . وهذا السواد الأعظم يبقى مهاجرا صابرا ثابتا على عقيدته مستجيبًا لنداء الله في الصلاة والصيام وفي أداء الزكاة وحج البيت الحرام ، وفي الجهاد إذا ما نودي على لسان امرأة انتُهك عرضها ، أو على لسان رجل انتصر لرسوله صلى الله عليه وسلم حين تطاول الأقزام الأوباش بسبٍّ أو أذيةٍ حضاريةٍ خبيثةٍ خسيسةٍ . والسواد الأعظم لايأبه بما يُحدثه المقاولون العِظام ( الأقزام ) من أباطيل وتحوُّلات وعنتريات ، وهؤلاء الأقزام لم يعتبروا بعاقبة أسلافهم ، ألم يقل فرعونهم الأول ( أنا ربكم الأعلى !! ) 24/ النازعات ، وطغيانه وجبروته أكَّدها في مرة أخرى : ( ماعلمتُ لكم من إلهٍ غيري ) 38/القصص ، ولكن مانهايتُه ؟ وما مصيرُه !! ولعلهم ماعادوا يبصرون اليوم دورة الزمن التي تتحرك بمشيئة الله ، ولسوف تعتريهم الدهشة والحيرة والخذلان إذا جاء أمر الله ، وانقلبت موازين الكفار كل الكفار الذين لايدينون دين الحق الذي ارتضاه الله للعالمين . إنَّ نبوَّة محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم لن تضيع في دوَّامة هذه القتامة الجائرة ، ولن يتلاشى امتدادُها في أعماق الفطرة الإنسانية ، ولسوف تخفق راياتُها المؤيدة بنصر الله فوق ماتطلع عليه الشمس من دنيا البشر . وإن الأمة الإسلامية لن تضمحل كما اضمحلت دول الغوايات كدولة الفرس والرومان واليونان في العصور القديمة ، وكما اضمحلت دولة الإلحاد الروسية في هذا العصر ، وتتبعها أمريكا ومَن معها من الدول الصديقة لليهود أمثال إنكلترا وفرنسا وغيرهما من الدول الصليبية . وهاهي أمارات الارتكاس والانتكاس تغشى محافلهم وتبعث الرعب في قلوبهم . إنَّ أمة الإسلام لن تضمحل لأنها لم تفارق الكتاب والسُّنة ، ولن تفارقهما إلى يوم الدين رغم مايعتريها من ضيق وشدائد وابتلاءات ، والأمارات الأخرى المقابلة لأمارات ارتكاس أعدائها كانت ولم تزل معالم على الطريق ، يتقوَّى بها المهاجرون كلما اشتدت المحن ، حيث تبشرهم بالعاقبة المحمودة ولو بعد حين ، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إنَّ الله زوى لي الأرض ، فرأيتُ مشارقَها ومغاربها ، وإنَّ أمتي سيبلغ ملكُها مازُويَ لي منها ) رواه مسلم . ولا غرابة فيما يجري للأمة المسلمة ، فقد بدأ الدين غريبا ، وكان الصبر وكانت الهجرة ، وها قد عاد الدين غريبا ، فللأمة الصبرُ والهجرة فهما جناحاهما لتحلق بهما فوق النوازل ، وتدوس هامات الأقزام الذين يتطاولون على الإسلام وعلى نبيِّه عليه الصلاة والسلام ، قال صلى الله عليه وسلم : ( بدأ الإسلام غريبا ، وسيعود كما بدأ ، فطوبى للغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناسُ من بعدي من سُنَّتي ) رواه الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما .

سبحان اللهِ ... المشاهد مؤلمة قاسية يشيب لها الولدان ، والآفاق مدلهمة بالأخطار ، والمناوئون لدعوة الإسلام كُثرٌ ... كُثرٌ وسلاحُهم الحقدُ والمكرُ والبطرُ والكِبرُ ، وهم تداعوا من كل حدب وصوب ، ولكنهم في قبضة الدّيَان جلَّ جلالُه ، والأمة في رعايته وحفظه مادامت في ثياب هجرتها وصبرها ، أجل الأمة بخير رغم القتل والسجن والحصار والتآمر في فلسطين ، ورغم الغزو المجرم وحمامات الدم اليومية في العراق ، ورغم استخدام الأسلحة المحرمة ــ كما يقولون ــ دوليا في أفغانستان والشيشان ، ورغم مايفعله الهندوس في كشمير ، وما تفعله الصليبية المترهلة الرعناء في الفلبين ... رغم كل ذلك فالأمة بخير ــ إن شاء الله ــ ولن يقول مؤمنٌ بالله ورسوله : هلك الناس ، ولن يقول : هلكت الأمة ، وإنما هي الوقفة الجادة الواعية مع معاني الصبر والهجرة ، ومع إشراقات الأمل الذي يرافق المسيرة وإن طال السُّرى بانتظار الفتح والنصر المبين ، يقول عليه الصلاة والسلام فيما يرويه أبو هريرة رضي الله عنه : ( إذا سمعتَ الرجلَ يقول : هلكَ الناسُ ، فهو أهلكُهم ) رواه مسلم وأحمد وأبو داود والطبراني . ويقول سبحانه : ( والذين هاجروا في الله من بعد ما ظُلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ، ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون * الذين صبروا وعلى ربِّهم يتوكلون * ) 41/42/النحل .

وسوم: العدد 890