السْيِاسَةُ الرَاشِدَةُ

حامد بن أحمد الرفاعي

مِن رَوْائِعِ ثَمَرَاتِ الفِقْهِ الإسْلاَمِيِّ : القَاعِدَةُ الذْهَبِيَّةُ التِي قَرْرَهَا العُلَمَاءُ والفُقَهَاءُ الأجِلَاءُ ألاَ وهي: " حَيْثُمَا تَكُوْنُ المَصْلًحَةُ فَثَمَّ شَرْعُ اللهِ". وقَالَ ابْنُ القَيّمُ / رحمه الله تعالى، في كِتَابِ "أعْلَامُ المُوْقِعِينِ عَنِ رَبِّ العَالَمِين:" الشَرِيعَةُ عَدْلٌ كُلّهَا، ورَحَمَةٌ كُلّهَا، وحِكْمَةٌ كُلّهَا، ومَصْلَحَةٌ كُلّهَا". أمَّا أبو الوفَا عَلي ابِنْ عَقيِل (431 هـ - 513 هـ - 1040 - 1119م) صَاحِبُ (كِتَابُ الفُنون). فَقَدْ أصَّلَ في مَسْألَةِ السِيَاسَةِ الرَاشِدَةِ أمْرًا غَيْرَ مَسْبُوقٍ فّقَالَ رَحيمَه اللهُ تَعالى: " السْيَاسَةُ الرَاشِدَةُ هي كُلُّ فِعْلٍ يَكُونُوا النَّاسُ مَعَهُ أقْرَبَ إلى الصَلاَحِ والإصْلاَحِ مِنْهُ إلى الفَسَادِ والإفْسَادِ, وإنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ, ولاَ وَحْيٌّ مُنْزَلٌ". ولَكِنْ مَا هِي مَعَاييِرُ الصَلاَحِ والإصْلاَحِ التي تَكُونُ مَعَهَا السْيَاسَةُ على هَذا النَحْو مِنَ الرُشْدِ والاسْتِقَامةِ ..؟ بِاخْتِصَارٍ شَدِيدٍ هِي:

إقَامَةُ العَدْلِ.

إجْلاَلُ قُدْسِيَّةِ حَيَاةِ الإنْسَانِ.

صَوْنٌ قُدْسِيَّةِ كَرَمَةِ الإنْسَانِ وَحُرِيَّتِهِ.

تَحْقِيقُ مَصَالِحِ النَّاسِ وحِفْظُ مُمْتَلكَاتِهِم.

صَوْنُ سَلاَمَةِ البِيِئَةِ بِشَقْيِهَا( الاجْتِمَاعِيِّ والجَغْرَافِيِّ).

وبِالمُقَابِلُ مَاهِي مَعَايِيِرُ الفَسَادِ والإفْسَادِ التي تَحِيدُ بِالسِيَاسَةِ عَن سَيْرِهَا الرَاشِدِ..؟ إنَّها:

الظُلْمُ.

العِدْوانُ والاعْتِدَاءُ.

انْتِهاكُ قُدْسِيَّةِ حَيَاةِ الإنْسانِ, وكَرَمَتِهِ ,وَحُرِيَّتِهِ.

انْتِهَاكُ حُرْمَةِ مَصَالِحِ النَّاسِ وَمُمْتلكَاتِهم.

انْتِهَاكُ سَلاَمَةِ البيِئَةِ بِشَقْيِهَا(الاجْتِمَاعيِّ والجَغْرَافيِّ).

والإسْلاَمُ جَاءَ ليُؤكِدَ أنَّ التَكَامُلَ والتَلاَزُمَ بَيْنَ القِيَمِ والأخْلاَقِ وَبَيْنَ التِقَنِيَّةْ الآمِنَةِ والابْتِكارِ والإبْداعِ في السَيْرِ الحَضَارِيِّ البَشَريِّ.. لَهِي السْبِيِلُ الأقْوَمُ لِتَأسِيسِ سِيَاسَةٍ رَاشِدةٍ آمِنَةٍ.. واللهُ سُبْحَانَهُ المُسْتَعَانُ.

وسوم: العدد 890