تشِرْشِلُ .. وَ عَبْدُ العَزِيِزِ

حامد بن أحمد الرفاعي

اتصَلَ أحَدُ الزُمَلَاءِ الأجِلَاءِ فَقَالَ: أشْكُرُ لَكمُ مَقَالَتَكُم ( المَمْلَكَةُ العَرَبِيَّةُ السْعُودِيَّةُ .. وتَحَدِيِاتُ الصْمُودِ). لَقَدْ كَانَت رَائِعَةً وعَمِيِقَةَ الدِلَالَاتِ.. ولَكِنْ مَا أشْكَلَ عَلَيَّ هُو قُوْلُكُم : ( أنَّ تشِرْشِلَ اتْصَلَ لِيَحْجُزَ مَكَانًا لَه في سَفِيِنَةِ عَبْدِ العَزِيِزِ). فَهِذَهِ مَعْلُومَةُ لَمْ أسْمَعْ بِهَا مِنْ قَبْلُ، فَهَلاَّ تَفَضَلتُم بِتَوْثِقِها مَشْكُورِيِن.. قُلْتُ : كُنْتُ في زِيَارَةٍ لِصَدِيِقِي العَزِيِزِ مَعَالي الدَكتُور عبد الله أبو الخير - رحمه الله تعالى - وكَمَا هُو مَعْرُفٌ كَانَ يَعْمَلُ بِمَهَمَةِ وَزِيِرٍ لِلإعلَامِ , ومُتَرْجِمٍ لَدى جَلاَلةِ المَلِكِ عَبْدِ العَزِيِزِ- رَحِمَهُ اللهُ تَعَالى.. فَطَلَبْتُ مِنْهُ أنْ يَتَفَضَلَ فَيَذْكُرَ لِي مَوْقِفًا مِنْ مَواقِفِ جَلاَلَتِهِ - طيب الله تعالى ثراه - مَعَ القِيَادَاتِ العَالَمِيَّةِ.. فَقَالَ: كُنْتُ في مَجْلِسِهِ اليَوْمِيِّ - رحمه الله تعالى - وحَوْلَهُ كِبَارُ مُسْتَشَارِيِهِ ومِنْهُم الخَبِيِرُ العَسْكَريُّ طَارِق بِيك الأفْرِيِقِيِّ ، الَذِي كَانَ يُشْرِفُ علَى تَأسِيسِ الجِيْشِ السْعُودِيِّ إذْاك.. فَأشّْرَتَ المِبْرَقَةُ بِوصُولِ بَرْقِيَّةٍ, فَنَظَرتُ بِهَا فَإذَا هِي مِنْ ونْستُون تشِرْشِلْ / رَئِيِسِ وزَرَاءِ بِرِيطَانيَا ، فَعَرَضْتُهَا علَى جَلَالَتِهِ, فَأخَذَهَا ثُمَّ التَفَتَ إلى الحُضُورِ وقَالَ: " هَذِهِ بَرْقِيَّةٌ مِنْ تشِرْشِلْ يَسْتَأذِنُ بِعُبُورِ وحْدَاتٍ عَسْكَرِيَّةٍ بِرِيِطَانِيَّةٍ الأرَاضِي السْعُودِيَّةِ فِي طَرِيِقِهَا إلى العِرَاقِ فَمَا رَأيُكُم ..؟ فَقَالَ أحَدُهُم : " فَلْيَكُف تشِرْشِلْ بَلَاه عَنَّا وعَنْ بِلاَدِنَا, فَحِّنَا مَالَنَا فِي حُرُوبِهِ لا نَاقَه ولا جَمَل". فَالتَفَتَ إلى طارق الإفريقي وقَالَ: مَا رَأيُكَ يَا طارق ..؟ فَقَاَلَ: اسْتِأذِنُكَ لِأقُولَ لِلأخِ الكَرِيمِ نَحْنُ (النَاقَةَ والجَمَلَ) في حُرُوبِ تشِرْشِلْ.. إنْ لَمْ نَكُنْ عَلَى اسْتِعْدَادٍ لِمُواجَهَةِ التَحَدِيَّاتِ.. فَالتَفَتَ جَلَالَتُهُ إليَّ وقَالَ : يَا عَبْدَ اللهِ أُكْتُب لَهُ هَذَا الرَدَ: " الأخُ المُحْتَرَمُ ونْسْتُون تشِرْشِلْ ..السَلَامُ علَيِكُمُ: فَإنَّنَا نُرَحِبُ بِعُبُورِ قُواتِكِم الأرَاضِي السْعُودِيَّةِ فِي طَرِيِقِهَا إلَى العِرَاقِ ، وأنَّ الجَيْشَ السْعُودِيَّ سَيَكُونُ فِي حِمَايَتِهَا ورِعَايَتِهَا حَتْى تَصِلَ بِأمَانٍ إلَى مُبْتَغَاهَا. مَعَ تَحِيَّاتِ عَبْدِ العَزِيِزِ آلِ سْعُودِ". ثُمَّ قَالَ لِجُلَسَائِهِ: " إنَّ تشِرْشِلْ أرَادَ بِهَذِه البَرْقِيَّةِ أنْ يَفْتَحَ مَعَنَا خطًا لِلْعِلَاقَاتِ السِيَاسِيَّةِ والدِبْلُومَاسِيَّةِ وقَدْ سَمِعْتُمُ الجَوْابَ". ثم قَالَ الدكتور أبو الخير : فَبِعْدَ أقَلَّ مِنْ سَاعَةٍ ورَدَتَ إليِنَا بَرْقِيَّةُ شُكْرٍ مِنْ تشِرْشِلْ .. وهَكَذَا بَدَأت العِلَاقَاُت وَتَواصَلت.https://youtu.be/rvsnGrZn07E أمَّا البَرْقِيَّاتُ المُتَبَادَلَةُ فَإنَّي لأرْجُو أنْ تِكُونَ مَحفُوظَةً في وثَائِقِ دَارَةِ المَلِكِ عَبْدِ العَزِيزِ.