الغرب محاصر فكريا وعلميا بالحجج والبينات القرآنية, فلنحسن استخدامها

يا شباب الصحوة الإسلامية , يا من تحملون هم التمكين للإسلام , أعملوا العقول تظهر لكم الحقائق وتزل من طريقكم العوائق , ان هذه الحجج القرآنية أشد على الكفر من القنابل الذرية والصواريخ العابرة للقارات , فاحرصوا عليها وانشروها بقوة , ان الأموال التي تنفق على قنابل حسية , تميت وتدمر وتنفر , تكفي لإعداد ونسخ ملايين الأقراص المضغوطة والكتب المشحونة بمثل هذه الحجج القرآنية التي تدمر الكفران , لكنها تحي الإنسان, وتطور العمران, وتحدوا الناس برفق الى شريعة الرحمن . قال عز وجل : " لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا مُتصدِّعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للنَّاس لعلَّهم يتفكَّرون " ( الحشر 21 )

يا شباب الصحوة الإسلامية الشاعرين بالمسؤولية على تبليغ هذا الدين احرصوا على السلم والعلم , فهما المجالان الأساسيان لانتشار الإسلام وانتصاره , واحذروا أن يستعملكم الأعداء في هدمهما, فتكونوا ضحايا لمكرهم, لكن مجرمين معتدين في نظرهم ونظر غيرهم من شعوب العالم , وتكونوا حطاما معرقلا في طريق الدعوة الى الله , منفرا منها.

يا شباب الصحوة الإسلامية المتحمسين لنصرة الإسلام هنا ( في الحجة العلمية والفكرية ) تكمن نقطة الضعف في الكيان الغربي , هنا الثغرة القاتلة لكبريائه وغروره , فلا تسمحوا له بأن يسدها بكم وأنتم لا تشعرون , فيتقوى بكم عليكم , بأن يجعل منكم بأساليبه المخابراتية الماكرة , مناوئين للعلم , مهدمين للسلم . فمما يحزن ويؤسف أن نجد في المدعين للسلفية من شباب المسلمين من استدرج لتولي هدم العلم باسم ما يسمى السلفية العلمية فراح يزهد أبناء المسلمين في دراسة العلوم الكونية , ويدعو الى الاقتصار على علوم الشرع , وكأن العلوم الكونية ليست علوما إسلامية , مخالفا بذلك هدي القرآن والسنة وعلماء الأمة , وهو لا يدري أنه بذلك يجرد الإسلام من أقوى أسلحته الفكرية وحججه العقائدية . ومنهم من دفع الي تولي هدم السلم, وإسقاط الأمة في بؤرة الفوضى وانعدام الأمن باسم السلفية الجهادية , فراح يضع الجهاد في غير محله , ويمارسه بأساليب منافية لتعاليم الإسلام وقيمه , وهو لا يدري أن ذلك لا يخدم إلا أعداء الإسلام في الصد عنه, بالتخويف منه وإبادة إتباعه بذريعة الدفاع الشرعي عن النفس .

يا شباب الإسلام ان الحجج الفكرية والعلمية لعقيدة الإسلام قوية جدا, ودامغة وناصعة , تكسبنا التوازن والرزانة والثقة في النفس في معركتنا الفكرية العقائدية مع الغرب , من غير تهور ولا استعجال , فالنصر للإسلام على أية حال , ان الذي يدعو الى الله بتجرد وصدق , فيصبر ويتحمل الأذى ولايستعجل التمكين , يكون كالديمة (المطر الخفيف المستمر ) التي تحي الأرض, وتنفع الزرع والكائنات, ولا تحدث الكوارث و الفيضانات , فحسبنا أن نوجد الظروف المناسبة للدعوة, كالثقة

والسلم, والمناخ العلمي والفكري , ثم نتقدم الى عقلاء وعلماء العالم والغرب خاصة , بأدب ورفق , ونقول لهم : إننا نعترف لكم بالتفوق العلمي , والدقة في مناهج البحوث العلمية , والنزاهة في طلب

الحقيقة, والاعتراف بها إذا ثبتت بالدليل والبرهان , فنطلب منكم أن تجدوا لنا تفسيرا علميا مقنعا نزيها للظاهرة القرآنية والظاهرة المحمدية .

إذ كيف تفسرون أن رجلا عربيا أميا عاش في بادية الجزيرة العربية قبل أربعة عشر قرنا يتحدى كل الناس في كل عصر حتى في عصرناهذا أن يأتوا بسورة من مثل كتابه, فيفحمهم ويهزمهم , رغم أن فيهم دكاترة مستشرقون حاقدون , وكبار أدباء من الملحدين والمسيحيين العرب , ورغم أن أقوى وأغني الدول في العالم تعادي دينه, وهي قادرة على شراء ذمم الأدباء والعلماء العرب للرد على التحدي ؟؟؟, لكن ويا للأسف - لما تأكدت تلك الشخصيات والهيآت والدول من عجزها عن مواجهة التحدي , راحت بكل جبن ووقاحة وخسة - تشتمه وهو(صلى الله عليه وسلم) عند الله عز وجل, وراحت تقتل أتباعه في هذا القرن , وتفتنهم عن دينهم , وتصد الناس عن القرآن بكل الأساليب الشيطانية التي يسرتها تكنولوجيا الإعلام والاتصال العصرية

كما نطلب منكم أن تفسروا لنا علميا كيف استطاع أن يسبقكم الى اكتشاف حقائق وأسرار علمية كونية غاية في الدقة , وفي كل الاختصاصات , لم يتوصل إليها الإنسان إلا في القرن الأخير بعد التطور المذهل في وسائل البحث والاكتشاف ؟؟؟ ويا للأسف مرة أخرى - لما تبين لساسة الاستكبار الغربي وسدنة الكنائس والبيع أن حججه دامغة , وبيناته ناصعة , راحوا يثيرون الشغب والفوضى والأكاذيب , ويفتعلون الصراع والصدام , كي يصدوا شعوبهم وشعوب العالم عن قرآنه, ويشغلوها عن معرفة تلك الحجج والبينات والتفكير فيها. متبعين الإستراتيجية التي طبقها المشركون في مكة وهي ( وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلَّكم تغلبون )

.فضلا عن ذلك فنحن أتباع محمد صلى الله عليه وسلم في القرن الخامس عشر من بعثته , نتحداكم يا معشر الغربيين والمتغربين أن تجدوا مأخذا موضوعيا واحدا على الأحكام والتشريعات والتوجيهات التي جاء بها الإسلام وشرعها . نعرف مسبقا أنكم ستقولون ( الجهاد , الطلاق , تعدد الزوجات , نصيب المرأة في الميراث , الحدود والقصاص )

وهذه بالنظر الموضوعي النزيه نجدها كلها حكمة وعدالة ورحمة للفرد والمجتمع

فالجهاد دفاع شرعي أخلاقي من أجل النفس والعرض والأرض والدين و حماية حقوق المستضعفين وتكريس الحريات, خاصة حرية الاعتقاد , أي هو دفع لعدوانكم وظلمكم , فهل تريدون منا أن نبيح لكم العرض والأرض والدين لترضوا عنا وعن ديننا ؟

والطلاق حل اضطراري لحماية الأسرة ومعالجة عدم استقرارها بعد أن استحال إصلاحها, والحيلولة دون وصولها الى حالة التعفن , فهو هدم اضطراري من أجل تصحيح البناء وحماية الزوجين والأبناء والمجتمع من مضاعفات لا تحمد عقباها . أم تريدونا أن نفعل مثلكم , نبقي على علاقة زوجية وهمية على الورق في حين يهوي الزوجان في الرذيلة والمخادنة ؟ ان الإسلام أطهر وأرقى من ذلك .

أما تعدد الزوجات فهو أنسب حل اجتماعي لازمات متوقعة في كل عصر ومجتمع , كزيادة عدد العوانس, وقلة النسل , وحماية للزوجة المريضة والعاقر من أن تطلق بسبب ذلك , وحما ية للزوج الذي عجزت زوجته عن تلبية رغباته الفطرية الشرعية من الانزلاق الى الرذيلة . فالإسلام دين طهارة وعدل يضع الاحتياطات لحماية أتباعه من الضياع والظلم و لا يريد لهم أن يكونوا قطعانا سارحة في الرذائل والفواحش .

ونصيب المرأة في الميراث قمة العدالة والإنصاف للمرأة والرجل معا , لأن القوامة واجبة على الرجل , فهو الذي ينفق على العيال حتى الأخوات ان غاب الأب, والمرأة تحتفظ بنصيبها خالصا لنفسها . وهل كنتم تعترفون بحق المرأة في الميراث قبل مجيء الإسلام ؟ فلم المكابرة إذن ؟

أما الحدود فهي أبدع وأسلم وأبلغ تشريع لردع المجرمين وحماية المجتمع من شرورهم , لأن اعتمادها في التشريع الجنائي, والجد في تطبيقها, يجعل المجرمين يرتدعون خوفا من أن تنفذ فيهم , ويكفون عن ارتكاب الجرائم , وبذلك يسلم المجتمع من الجرائم , وتنتفي أسباب إقامة الحدود , فهل هناك تشريع يداني هذا التشريع في حكمته وعدالته ورحمته ؟( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب )

إن كل تعاليم الإسلام وتشريعاته حكيمة وسليمة وعظيمة, إذا نظرتم إليها بعين النزاهة والإنصاف , لا بعين الغمط والعناد والإجحاف , فهي تمثل جانبا اعجازيا آخر للإسلام . هذا وفي أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم العظيمة وانجازاته الجليلة وأحواله الخارقة, معجزات أخرى وما أعظمها من معجزات لمن ألقى السمع وهو شهيد قال تعالى : " بل نقذف بالحقِّ على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل ممَا تصفون " ( الأنبياء 18 )

لا أبالغ إذا قلت ان الغرب محاصر فكريا وعقائديا بحجج الإسلام وبيناته في ظل التطور العلمي الذي يميز هذا العصر , فأمامه خياران لا ثالث لهما هما :

إما أن يستمر في اعتماد المنهج العلمي النزيه في إثبات الظواهر والحقائق أو نفيها , وذلك يعني أنه سينتهي الى إثبات أن الإسلام هو الحق, وأن القرآن كلام الله عز وجل, وأن محمدا رسول الله . وهذا ما أثار الرعب والهلع في أوساط الصليبيين المتصهينين الحاقدين على الإسلام, فهبوا للتحذير والتخويف من الخطر الداهم في نظرهم , فمنهم النائب البرلماني الذي يقدر أن الإسلام سيعم ايطاليا في الثلاثين سنة القادمة , ومنهم الإعلامي الذي يحذر من أن بريطانيا ستكون دولة إسلامية بعد عشرين سنة , ومنهم المحللون الذين يزعمون أنه في ظرف خمسين سنة سينتشر الإسلام في كل أوربا , ومنهم رجال الدين الذين راعهم وأدهشهم أن يتقدم الإسلام وينتشر ذاتيا, بلا كافل ولا وسائل, فيستميل إليه حتى القساوسة والرهبان , في حين تتقهقر المسيحية في عقر دارها , رغم المكائد المدبرة , والوسائل المسخرة , فإذا الكنائس في أوربا تباع للمسلمين لتحويلها الى مساجد . فقاموا يشتمون النبي صلى الله عليه وسلم ويؤلبون الساسة والأتباع على الإسلام وأهله ( قد بَدَت البغضاء ُمن أفواههم وما تخفي صدورهم اكبر )

وإما أن يركب عناده وعصبيته العمياء وينقلب على عقبيه الى جهالات الكنيسة وظلامها في القرون الوسطى , عاملا بتعليمتها الدينية التي تقول : أغمض عينيك واتبعني , وذلك بمثابة انتحار حضاري , ويبدو للأسف أن ساسة الاستعلاء فيه قد فكروا وقدروا ثم اختاروا الخيار الانتحاري, أي العودة الى الجهالة والظلامية الكنسية هروبا من أن يضطرهم النهج العلمي النزيه الى الاعتراف بالإسلام , فهاهو رئيس أكبر وأقوى دولة في الغرب يهذي بخرافات الكنيسة فيزعم أن الرب اختاره وكلفه بتطهير الأرض من المسلمين وبناء الهيكل في القدس على أشلائهم من أجل أن ينزل الى الأرض فيحكمها من ذلك الهيكل . وهاهي محاكم التفتيش وسجونها الوحشية التي كانت في القرون الوسطى تظهر من جديد في صورة إعدامات جماعية وفردية , ومعتقلات تمارس أبشع أنواع التعذيب والاهانة للإنسان, كمعتقل غوانتنامو وما يحدث في العراق وبعيدا عن الأضواء أبشع وأشنع , والتهمة الموجبة لكل تلك القسوة والوحشية هي العقيدة الإسلامية فقط .

انه اعتمادا على هذه المعطيات, وعلى تحذيرات القرآن الكريم, ووقائع التاريخ, لا نصدق أبدا وإطلاقا أن أهل الكتاب المتحالفين ضد الإسلام جادون في إرادتهم للحوار مع المسلمين , فالقرآن كان وما يزال ينادي بالحوار منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم , ولم يستجيبوا له , يقول عز وجل : " قل يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتَّخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فان تولَّوا فقولوا اشهدوا بانا مسلمون " ( آل عمران 64)

ويقول سبحانه : " قل يأهل الكتاب لم تصدُّون عن سبيل الله من ءامن تبغونها عِوَجا وأنتم شهداء وما الله بغافل عمَّا تعملون " ( آل عمران 99 )

إنهم يتخذون من الدعوة الى الحوار وسيلة لإلهاء المسلمين وتنويمهم حتى تكتمل فصول مآمرتهم وتنجح , أو يميلونهم عن دينهم سلميا إن استطاعوا قال عز وجل : " فلا تطع المكذِّبين ودُّوا لو تدهن فيدهنون " ( القلم 8 – 9 ) إنهم قد طغوا واستكبروا وعتوا عتوا كبيرا , وهم لا يشعرون أن الله عز وجل قد استدرجهم , حيث أقام عليهم الحجة القاطعة , ثم يدمرهم تدميرا , وذلك بأمر من عنده, او بأيدي المسلمين , مثلما فعل بالأمم العاتية السابقة

قال تعالى " أفلا يرون أنَّا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون " ( الأنبياء 44) تدبروا: لمن يوجه هذا التحذير القرآني ؟ وقال سبحانه : " أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم كانوا هم أشدُّ منهم قوة وءاثارا في الأرض فأخذهم الله بذنوبهم وما كان لهم من الله من واق "( غافر 21 ) وقال سبحانه : " فذرني ومن يكذِّب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم إنَّ كيدي متين " ( 44 – 45 القلم )

إن الإنسان الغربي تأثر بالقليل من هدى الإسلام عند احتكاكه بالحضارة الإسلامية في الأندلس فتألق وتصدر البشرية بالتقدم العلمي وبعض القيم الإنسانية كالديمقراطية وحقوق الإنسان, ولو ظاهريا فقط ,

فكيف لو أخذ بالإسلام كله ؟ إننا نحن المسلمين لا نحسده على تفوقه وتألقه, فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء , ولا نريد بدعوته ودعوة غيره الى الإسلام أن ننافسه على مكانته أو نسقطه عنها, كما قد يفهم بعض الجهلة المتعصبين , إننا بالعكس من ذلك تماما , فنحن نريد له أن يحافظ على تفوقه, ويستمر فيه بتبني الإسلام الذي يعطيه دفعا جديدا في التقدم العلمي والقيم الإنسانية , ويؤسفنا شديد الأسف أن يدفعه العناد والتعصب العنصري , والكراهية غير المبررة للإسلام الى الانتحار الحضاري بالعودة الى ظلام الكنيسة وثقافة التخلف والانحطاط , وكم نتمنى أن يتولى العقلاء والعلماء النزهاء قيادة التوجيه في الغرب كما تولاها علماء ومثقفو النهضة الأوربية من قبل, ولا يتركوا زمامه للسفهاء والمتعجرفين البله , المسيرين من طرف اللوبي الصهيوني , فيقع السقوط الحتمي , بل البوار والاندثار.