ماكرون: حزب الله شريك ولن أتساهل مع الطبقة السياسيّة

هل عاد لبنان محمية فرنسية؟

من يسمع هذا الكلام من الرئيس الفرنسي إيمانويل: "حزب الله شريك ولن أتساهل مع الطبقة السياسية" يحسب نفسه أن لبنان يعود ثانية إلى أحضان الانتداب الفرنسي، وعليه –أي لبنان-أن يكون جزءاً من ممتلكات فرنسا ترتب إدارته وشؤونه وسياسته، غافلاً ما فعله هذا الحزب الإرهابي في سورية من قتل للسوريين وتهجير وتدمير لبيوت الله والعمل على التغيير الديمغرافي لصالح من جاء بهم من لبنان وإيران وباكستان وأفغانستان والعراق من الروافض، الذين يحاولون حرف المسلمين عن هدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم، واستبدال دين الله الحق بدين مزيف بعيداً عن كل قيم الإسلام وما أنزل على سيد البشر صلى الله عليه وسلم، حيث يدّعون اتباع آل البيت وآل البيت منهم براء.

إيمانويل يلتقي بالنائب محمد رعد رئيس كتلة حزب الله

قالت صحيفة "الأخبار" اللبنانية الصادرة يوم 29/8/2020 "إن ماكرون اختلى حصرا في نهاية لقاء قصر الصنوبر أمس، بالنائب رعد، وطال الحديث بينهما. ورفضت مصادر الحزب الإفصاح عما دار في هذه الخلوة التي دامت لدقائق وقوفا".

ولفتت الصحيفة إلى أن "هذا اللقاء هو الأول بين الرئيس الفرنسي وشخصية من "حزب الله" مدرجة على لوائح العقوبات الأمريكية."

كما نشرت صحيفة "الجمهورية" اللبنانية الصادرة بنفس التاريخ أن "ممثل رعد، الذي وصف طرح ماكرون بأنه "طرح واقعي"، قال خلال اللقاء في السفارة الفرنسية لماكرون إنه "ليس لدينا مشكلة في أن نتحدث بعضنا مع بعض".

حسن نصر اللات يرحب بالمقترحات الفرنسية

أكد الأمين العام لحزب اللات حسن نصر اللات الأحد 31/8/2020 أن الحزب منفتح على مناقشة الاقتراح الفرنسي بشأن التوصل إلى "عقد سياسي جديد" في لبنان.

لكن نصر اللات لم يتطرق إلى نوع التغييرات التي ينوي الحزب أخذها بالاعتبار، موضحا: "سمعنا في الأيام القليلة الماضية من مصادر رسمية فرنسية انتقادات حادة للنظام الطائفي في لبنان" الذي "لم يعد قادرا على حل مشاكل لبنان والاستجابة لحاجاته".

هل يذرف إيمانويل دموع التماسيح على لبنان؟

تستغلّ الدولة الفرنسيّة، وعلى رأسها إيمانويل ماكرون، انفجار مرفأ بيروت ومعاناة الشعب اللبناني من أوضاع اقتصادية خانقة، لتفرض سيطرتها على القرار الحكومي اللبناني، عبر فرض اسم جديد لرئاسة الحكومة المقبلة، علّها تستطيع توسيع نفوذها في المنطقة من خلال تعويم الطبقة السياسية الحاكمة، بحسب محللين سياسيين.

وكلّف الرئيس اللبناني، ميشال عون، السفير مصطفى أديب (48 عاما) بتشكيل الحكومة، عقب حصوله على 90 صوتا‎ من إجمالي 120، في الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بدأ زيارته إلى لبنان في أعقاب التكليف بالتوجه إلى مرفأ بيروت وجال في المنطقة المدمّرة، قبل أن يعقد لقاءات مع ممثلي جمعيات الأمم المتحدة والمجتمع المدني ليتصنع الألم على ما جرى للميناء ويزرف دموع التماسيح على أعتاب الميناء المدمر. بعدها توجه إلى القصر الجمهوري لعقد قمّة رسمية، احتفالاً بالذكرى، بحضور رئيسي الجمهورية ومجلس النواب.

وكثّف ماكرون من مواقفه، امام اللبنانيين، والجمعيات، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي ونشر صورًا على حسابه عبر تويتر لزيارته إلى لبنان، قائلاً: "الحرية والحوار والتعايش. لبنان قوي بهذه القيّم. قوي بتاريخ لبنان الكبير الذي يعود إلى قرن من الزمن. وسيولد من جديد من الأزمة التي يجتازها. وأقول باسم الفرنسيين: سنكون دائمًا إلى جانب الشعب اللبناني".

شفافية ماكرون مع كورونا

وخلال تفقده المنطقة المنكوبة، وفي لقاء مع ممثلي الأمم المتحدة وجمعيات المجتمع المدني في مرفأ بيروت، شكر ماكرون كل الشركاء وسفراء الاتحاد الاوروبي على المساعدة الدولية والالتزام الدولي. وشكر الشركات الفرنسية الخاصة التي بذلت مجهودا كبيرا لتأمين المساعدة. ودعا إلى العمل على منصة الأمم المتحدة لتوحيد الجهود والتنسيق، وتأمين تعقب المساعدات. وقال: "السلطات الرسمية اللبنانية لديها دور، أحياناً نسمع أموراً ليست متطابقة مع الواقع. لكن المطلوب عملية تعقب شفافة. وسنبذل قصارى جهودنا لمساعدتكم في هذا المجال".

وتابع "في الأسابيع الستة المقبلة علينا العمل على تعبئة المجتمع الدولي وتحسين الشفافية، ويجب أن نعتمد على المؤتمر الدولي لدعم لبنان، الذي رعته الأمم المتحدة. وبفضل جهود الأمم المتحدة، نسعى إلى دعم من الدول المختلفة التي مولت هذا المشروع. وهذا قد يتجاوب مع الحاجات التي عبرتم عنها". وشكر الأمم المتحدة من أجل تنسيق الجهود وتنظيم المساعدات في لبنان وقال: "فهمنا انّ هناك حالة طارئة لجهة كورونا. لذلك سنركز دعمنا لمستشفى الحريري لمكافحة هذه الجائحة".

الإصلاحات التي يمليها ماكرون من أجل الحصول على أموال مؤتمر "سيدر"

وخلال الجولة أيضاً لفت الرئيس الفرنسي إلى "أنّه لا يعرف الرجل الّذي تمّ تكليفه إثر ​الاستشارات النيابية​ الملزمة"، يقصد المكلف بتشكيل الوزارة، معتبراً أنه: "أتى نتيجة المشاورات، ونأمل بأن يتحلّى بالكفاءة المطلوبة"، مركّزًا على أنّه "لا بدّ من ​تشكيل الحكومة​ بسرعة وإصلاح ​قطاع الكهرباء​ ومكافحة الفساد​ وإصلاح معايير التعاقد الحكومي والنظام المصرفي".

وقال: "اقترحت آليّة متابعة للأشهر القليلة المقبلة، لأنّنا لن نحرّر أموال "​مؤتمر سيدر​" طالما لم يتمّ تنفيذ الإصلاحات"، مؤكّدًا "أنّني لن أتساهل مع هذه الطبقة السياسيّة في ​لبنان​ ولا أستطيع أن أطرح نفسي كبديل عنها"، مبيّنًا أنّ "​المجلس النيابي​ تمّ انتخابه من الشعب، ولا يمكنني القول إنّه يجب أن تتغيّر الطبقة السياسيّة بأسرها. وهناك انتخابات نيابية وعلى الشعب أن يفرز واقعًا سياسيًّا جديدًا إذا أراد ذلك".

ماكرون: حزب الله هو حزب يمثّل جزءًا من ​الشعب اللبناني​

وأوضح ماكرون أنّ "هناك أخوّة بين ​فرنسا​ ولبنان. ومِن هذا المنطلق لدى فرنسا واجب تجاه ​الشباب اللبناني​ عبر إعطائه فرصة تحقيق أحلامه، أو أقلّه التعبير عنها، ولبنان نموذج للتعايش والتسامح والتعدديّة". وشدّد على أنّ "​حزب الله​" هو حزب يمثّل جزءًا من ​الشعب اللبناني​ ومُنتخَب. وهناك شراكة اليوم بينه وبين أحزاب عدّة أُخرى. وإذا لم نُرد أن ينزلق لبنان إلى نموذج يسيطر فيها ​الإرهاب​ على حساب أمور أُخرى، يجب توعية "حزب الله" وغيره من الأحزاب على مسؤوليّاتها".

وركّز على أنّه "بعد التكليف الّذي حصل في أسبوعين، على خلاف العادة إذ كان يأخذ أشهرًا، ننتظر الآن مرحلة التأليف. ونأمل في أن يتمّ الدفاع عن مصلحة الشعب اللبناني". كما شدّد على "أنّنا نريد معرفة الأرقام الحقيقيّة بشأن النظام المصرفي اللبناني، وندعو إلى تدقيق في الحسابات".

لبنان ساحة لتلميع صورة ماكرون فرنسياً

يستخدم ماكرون لبنان ساحة لتلميع صورته، ولحسابات سياسية خاصة به في الداخل الفرنسي. عندما يشير إلى مخاطر الحرب الأهلية، يعيد اللعب على وتر الوجدان الفرنسي الذي لديه تعلق بلبنان، وبأن رئيسهم يعمل على حماية هذا البلد.

وتترك زيارته لبنان انطباعاً بأنها تحفل بتضخيم إعلامي هائل، لمنحها حجماً كبيراً مضخماً، يفوق حجمها الفعلي. فهي لن تؤدي إلى نتائج كبيرة، والأهم أنها تأتي متأخرة. والتطورات والأحداث سبقت محاولات الاستدراك الفرنسي، والمشكلة في لبنان لم تعد تنحصر في تشكيل الحكومة وتركيبتها، بل بما سيحصل بعد تشكيلها.

حزب الله الإرهابي أميركياً وسعودياً هو شريكاً سياسيا في لبنان

ماكرون بعد زيارته الأولى إلى لبنان، وكلامه عن حكومة الوحدة الوطنية، نسف مضمون لقاءاته بوزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان الذي اعتبر أن حزب الله تنظيماً إرهابياً.

والآن وما قبل زيارة ماكرون، صرّحت السفيرة الأميركية في لبنان أنه على الرغم من التنسيق مع الفرنسيين، فإن مبادرتهم تخصّهم. وهذا يعني أن المساعي الفرنسية لا تتلاقى مع الشروط الأميركية. والولايات المتحدة ترى أن الخطوة الفرنسية تمنح شرعيةً لحزب تصنفه واشنطن إرهابياً. وهذا ما لا تتهاون فيه أميركا. وبمعزل عن تشكيل أي حكومة لبنانية، موقف واشنطن ومسارها مستمران على حالهما تجاه حزب الله، ويتصاعدان.

هل تواجه فرنسا تركيا من لبنان؟

 خلف التضخيم الإعلامي والرمزي والعاطفي لزيارة ماكرون إلى لبنان-وهذه عادة قديمة تنتهجها فرنسا حيال البلد المشرقي الصغير المحبب لديها–يكمن بعد سياسي إقليمي: صراع فرنسا الراهن مع تركيا في شرق المتوسط. فبعد تكليف رئيس للحكومة اللبنانية، تستمر باريس في بحثها عن لعب دور مؤثر في لبنان. وهي تعلم أنها لن تنجح في ذلك من دون تقديمها ما يلزم للأميركيين.

هنا قد يطرح ماكرون طرحاً جديداً يُبنى عليه: معادلة أمنية وعسكرية جديدة، برياً وبحرياً، وتزيل المزيد من الأعباء عن الأميركيين في لبنان. ويمكن أن يكون ذلك مدخلاً للبحث في استراتيجية دفاعية في لبنان. وبالتالي تعقد باريس اتفاقاً أمنياً وعسكرياً مع بيروت. وهذا يهدف إلى مواجهة أي محاولة لنفوذ تركي في لبنان. فماكرون تحدث عن مخاطر قد تغير هوية لبنان وكيانه الحضاري. وهو حتماً لا يقصد حزب الله الذي يريد تعويمه سياسياً داخل بنية النظام اللبناني، بل يقصد تركيا التي يواجهها ماكرون من ليبيا إلى اليونان وقبرص ولبنان.

دور فرنسا في شرق البحر المتوسط المعادي لتركيا

 وفي موازاة الحضور البحري الفرنسي في لبنان بعيد تفجير مرفأ بيروت، كانت باريس تُبرِم اتفاقيات ومعاهدات دفاعية وعسكرية مع قبرص. وكانت طائرات الرافال الفرنسية تحط هناك. من دون إغفال مسألة الحدود البحرية بين لبنان وقبرص. ويصر الفرنسيون على الحضور في هذه البقعة من البحر المتوسط، وخصوصاً في لبنان.  

وهناك معلومات متداولة حول احتمال تخفيض عدد قوات اليونيفيل في القوة البحرية بلبنان. هذا الفراغ قد يسده الفرنسيون الذين سارعوا بعيد تفجير مرفأ بيروت إلى إرسال بارجة عسكرية إلى الشاطئ اللبناني. وهذا كله يعني تعزيز الحضور الفرنسي في الحوض الشرقي من البحر الأبيض المتوسط.

تركيا تراقب تنقلات ماكرون وتحركاته في المنطقة وتتوعده إذا ما طور وجوده في شرق البحر المتوسط من انتهاك المياه الإقليمية للبحار التي تطل عليها تركيا، وانه لن يجد من تركيا ما يسره فتركيا اليوم هي غير تركيا الأمس، ورغم دعوتها كل الأطراف للسلام والحوار إلا أنها جاهزة لتلقين أي معتد درساً قاسياً لن ينساه.

أخيراً لا بد لماكرون أن يحسب حساب الدولة الأقوى الولايات المتحدة التي أبدت انزعاجها من تحركاته الانفرادية غير المدروسة، وأن عليه الحصول على الموافقة الأمريكية حول توصيف حزب الله الذي تعتبره حزباً إرهابياً، وواشنطن ستسعى حتماً إلى زيادة منسوب الضغوط بالحديث المستمر عن الإصلاحات في لبنان. وهي تطال بشكل أو بآخر حزب الله، من الحدود إلى التهريب والتسلح وغيرها.

المصدر

*المدن-31/8/2020 و1/9/2020

*آر تي الروسية-1/9/2020

* صحيفة "الأخبار" اللبنانية-29/8/2020

*صحيفة الجمهورية اللبنانية-29/8/2020

*فرنسا 24-30/8/2020

*اليوم السابع-1/9/2020

وسوم: العدد 892