ألا من صحوة ضمير أيها العالم المنافق؟

عالمٌ منافقٌ صنعهُ مجموعةٌ من المنافقين، يقولون ما لا يفعلون ويُظهرون عَكسَ ما تُبطنُ قلوبُهم ونواياهُم، لا يُحبّون الخير للبشرية ولا يسعون لتحقيقه كما يزعمون، إذ لا تُحرّكُ فيهم شعرةً واحدةً ما ارتكب من مجازر أو مذابح أو إبادة جماعية أو تدمير للمدن والبلدات والقرى في سورية، أو طمسٌ للتاريخ والجغرافيا في الشام العريق، أو انتفاضةُ حقٍّ وحرية في ربوع سورية، والغريبُ في الأمر أن مَنابرَنا الإعلامية ومواقفَنا التي تعيش كهف الظلمات ما يزيد على نصف قرن لم تكن على قدر من المسؤولية وترسم ملامحه لهذا العالم المنافق، ولهذا الموقف المنافق للعالم والإنسان يقف حائراً أمام سكوت هذا العالم المتخاذل الذي ننتمي إليه.

العالم.. كل العالم.. عرباً وعجماً يصمت صمت أهل القبور عما فعله ويفعله مجرم الحرب بوتين، الذي لم يرتو من دماء السوريين وتدمير مدنهم وبلداتهم وقراهم لأكثر من خمس سنين وهو يحيل سماء سورية إلى ظلمات وأرضها إلى يباب، بفعل آلته العسكرية المدمرة التي استنسخها تجديداً وتجريباً وفعالية في أجساد السوريين؛ وما فوق الأرض وتحت الأرض السورية، دون أن يهتز لدول العالم أي خلجات لقلوبها أو أي رعشة لأجفان عيونها أو أي تبرم لأفواهها!

تباً لهذا العالم المنافق الذي يقيم الدنيا ولا يقعدها لقتل كلب في مجاهل أفريقيا ولا يهتز أو يتبرم لقتل ملايين السوريين المتحضرين، الذين شاركوا هذا العالم في ترسيخ هذه الحضارة والمدنية التي وصل إليها ويعيشها، وتهجيرهم ونزوحهم واعتقالهم وسجنهم وإبادتهم بغاز الساريد ودفنهم في مقابر جماعية في طول البلاد السورية وعرضها!!

مجرم الحرب بوتين يجدد اليوم ما قام به بالأمس ويستبيح مدينة ادلب وأريافها، التي ساق النازحين السوريين إليها؛ بعد أن دمر مدنهم وبلداتهم وقراهم في كثير من المناطق السورية، واليوم يريد الإجهاز على ملايينهم الخمسة الذين تكدسوا في مدينة ادلب وأريافها، في مخيمات لا تقي برداً ولا حرا، ويرقص بنشوة على بقايا البقايا؛ ممن لا يزالون أحياء في ادلب، إنها شهوة القتل والتدمير التي ينتشي بها ويرقص طرباً عند مشاهدتها!

قليلاً من الحياء والخجل أيها العالم المنافق قبل فوات الأوان وانتهاء المسرحية التي بصمتك شاركت في إخراجها وكتابة فصولها، لتعرض تحت عنوان (مأساة العصر)، فالتاريخ يسجل ولا يرحم منافق أو متخاذل أو ساكت، فكل العالم شرقه وغربه وشماله وجنوبه، وخاصة دول الفيتو المنافقة الظالمة، كلهم شركاء في المأساة السورية وما سينتج عنها ويسجله التاريخ.

وسوم: العدد 895