أكذَبُ مِن الأكذَبَين .. انظُر حَولك ، لتَعرفَه !

يُروى ، عن جوبلز، وزير إعلام هتلر، أنه ، هو ، صاحب مبدأ : اكذِبْ .. اكذِبْ .. حتى يُصدّقك الناس ! هذا في العصر الحديث..أمّا في القديم ، فالأكذَبان المشهوران، هما : مُسَيلمَةُ، الذي ادّعى النبُوّة.. وعُرقوبُ ، مَضربُ المَثل، في إخلاف المواعيد! فمَن هما ، على وجه الدِقّة ؟ 

مسيلمة الكذّاب : ادّعى النبوّة ، وصار مضرب الأمثال ، في الكذب .. ومَن أراد المبالغة ، في وصف إنسان بالكذب ، قال : فلانٌ أكذَب من مسيلمة ! وقصّته مشهورة معروفة ! وقد قال أخلصُ مقرّبيه ، المدافعين عنه : والله ، إنّي أعلم أنك لكاذب ، وأن محمّداً لصادق ، ولكنّ كذّاب حَنيفة أحَبّ إلينا ، مِن صادق مُضَر! 

أمّا قصّة عرقوب ، فما بلغت من الشهرة ، مابلغته قصّة مسيلمة ، ونرويها ، هنا ، لِما فيها من طرافة .. ومن إمعان : في الكذب ، وفي إخلاف المواعيد !  

عرقوب : يهوديّ من يثرب ، زاره أخوه ، في طلبٍ له ، فوعدَه بطلع نخلة لديه ، حين تُثمر.. وحين أثمرت ، عاد أخوه يطلب الطلع .. فوعده عرقوب ، بمنحِه الطلع، حين يصير بَلحاً .. وحين أبلحت ، جاء أخوه يطلب البَلح ، فوعده به ، حين يصير زَهواً .. وحين زَهت ، وعده بثمرها ، حين يصير رُطباً .. وحين جاء يطلب الرُطب، وعده بإعطائه إيّاه ، حين يصير تمراً .. وحين صار تمراً ، صعد إلى النخلة ، وجَمع تمرَها ، ولم يعط أخاه شيئاً ! 

وقد صارت مواعيده ، مضربَ الأمثال ، فقال أحدهم ، يصف كذّاباً : 

وَعدتَ ، وكان الخُلفُ منكَ سَجيّة    مواعيدَ عُرقوبٍ أخاه ، بيَثرِبا 

وقال الآخر: أمُنجزٌ أنتمُ وعداً وَثِقتُ به          أم اقتَفَيتمْ ، جميعاً ، نَهجَ عُرقوبِ؟ 

وقال الآخر: صارت مواعيدُ عرقوبٍ لَها مَثلاً     وما مواعيدُها ، إلاّ الأباطيلُ! 

فلينظر المتأمّل حولَه ، في سائل الإعلام الحالية .. فماذا يرى ، وماذا يسمع؟  

لن نسمّي إعلاماً محدّداً ، لدولة معيّنة ، لكن نقول ، ببساطة : إن بعض وسائل الإعلام ، تفوّقت على الأكذَبَين ، كليهما ، بل تفوّقت ، حتى على إعلام هتلر، بأمور كثيرة ، من أهمّها التطبيل والتزمير، لصُنّاع القرارات ، وتشويه صورة المخالفين في الرأي ، بطرائق يمجّها ، حتى الأكذبان القديمان ، والأكذب الحديث ! 

فهل هذا الطراز، من الكذب الفجّ المَمجوج ، ينفع القائمين على الدول ، أم يضرّهم؟ 

وسوم: العدد 895