الأرمن والجمهورية الأرمنية، مقاربة معرفية

وهذه إطلالة معرفية مجردة ، عن حقيقة أحد أطراف الصراع الذي يدور في منطقة القوقاز . حدثتكم قبلُ عن أذربيجان ، ثم أردت أن أستكمل بمعرفة بقية عناصر المشهد . ومرجعي فيما أقدم من معلومات صفحات الشبكة ، بما تحوي أحيانا من تفاوت في الآراء .

والأرمن : جيل من الناس . وهذا هو التعبير العربي التقليدي عند ذكر الأقوام . يقولون : العرب جيل من الناس . الترك : جيل من الناس . الفرس : جيل من الناس ..

والأرمن : جيل من الناس ، يرجع حضوره التاريخي إلى الألف الأول قبل الميلاد . وهو جيل صاحب علم وثقافة وحضارة . كان يدين أولا بالثنوية الزرداشتية ، ثم اعتنق المسيحية . ويقال إن أرمينية هي أول دولة تعلن مسيحية الدولة بطريقة رسمية .

خضعت الهضبة الأرمنية جغرافيا وديموغرافيا للدول المجاورة القوية ، على مر التاريخ ، فخضعت لحكم الآشوريين ثم الفرس والعرب والعثمانيين الأتراك ولحكم الروس ، ويبدو أن فترات سيطرة الآخرين على هذه المنطقة هي الأكثر امتدادا في التاريخ القديم والحديث . حتى يختلف الناس في تاريخ قيام الجمهورية الأرمنية المستقلة هذه الأيام ..

كتبت بالأمس أن الجالية الأرمنية في الولايات المتحدة وفي العالم هي الأقوى بعد الجالية الصهيونية . وأضيف اليوم عدد الأرمن حول العالم في إحصاءات معومة يتراوح بين 6 – 8 مليون نسمة فقط . وللإنصاف أذكر أنني وجدت مؤرخا أرمنيا يقرر أن عدد الأرمن حول العالم هو أحد عشر مليون نسمة . 11 مليون فقط .

يقول المؤرخ الأرمني الذي يصل ببني قومه إلى 11 مليونا / أنهم يتوزعون على أكثر من مائة دولة حول العالم . وأنهم حيثما وجدوا تجمعوا وأتلفوا ، وحافظوا على ثقافتهم ولغتهم وحضارتهم . وأجدني مستعدا لتحيتهم على ذلك . ولقد عهدناهم لاجئين في مدينتنا حلب ، وهم يؤسسون مدارسهم الخاصة . ويدّرسون مناهجهم الخاصة ، وبقدر ما يسمح به النظام العام ...

كل الذي كنا نأمله منهم بعض الوفاء للناس الذين احتضنوهم واحترموهم وأعانوهم أيام محنتهم .

حين نسمع الحديث عن القضية الأرمنية ، وانشغال الدول العظمى بها ، يجب أن نقر أن وراءها عاملين جادين مخلصين من رجال ونساء ..وهذه الأوصاف لا تعني انحيازا لأحد ، فقد يخدم الإنسان بصدق وجد قضيته الباطلة القاطعة الظالمة ..وهذا استدراك لا بد منه في السياق حتى لا ينحرف به أحد .

أما الجمهورية الأرمنية فهي تلك البقعة من الأرض ، الواقعة جنوبي القوقاز ، بين بحر قزوين والبحر الأسود . والتي تتربع على الجزء الشمالي الشرقي من الهضبة الأرمنية . يحد الجمهورية الأرمنية من الشمال جورجيا ، ومن الغرب تركية ، ومن الجنوب إيران ، ومن الشرق أذريبجان ، حيث يقع على الحدود الشرقية لأرمينية الإقليم المتنازع عليه : قرة باغ ، المتنازع عليه مع أذربيجان .

يختلف الناس في تاريخ تأسيس الجمهورية الأرمنية تبعا لاعتبارات كثيرة ، منها اعتمادهم لمفهوم الاستقلال ، فهل كانت جمهورية أرمينية التابعة للاتحاد السوفييتي مثلا مستقلة ؟! سؤال مفتوح للجواب ...

مساحة الجمهورية الأرمنية المعتمدة فقط ثلاثون ألف كم مربع . وعدد السكان يقلون عن 3 مليون نسمة ، وتزعم بعض المراجع أنهم يزيدون .

98% من السكان مسيحيون أرمن ..

1,5% أزيدون ... ولعل هذا الوجود السكاني يوحي لنا بشيء .

والباقي أخلاط من الملل والنحل .

بدهي أن نؤكد أن أرمينية جمهورية من جمهوريات القوقاز في غرب آسية ، وليست دولة أوربية ، ولكنها نشطة في الانتماء إلى الاتحادات والتحالفات ..

ويتبناها الغرب المسيحي على خلفيتها الدينية ، وليس على أي خلفية أخرى ، كما يهذون ويهذون ..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية