يتفاخرون بالانتحار، وبنحرأبنائهم وبناتهم .. بغلاء المهور، ونفقات الزواج .. فما النتيجة ؟

جاء في الحديث الشريف : إذا جاءكم مَن ترضون دينَه وخُلقه فزوّجوه ، إلاّ تفعلوا تكن فتنةٌ في الأرض وفساد عريض! 

وواضح  ، هنا ، أن الدين وحسن الخلق ، شرطان أساسيان ، لقبول الخاطب زوجاً للفتاة ! وممّا ورد عن النبيّ ، أن نظر الخاطب إلى مخطوبته ، من الأمور المندوبة ؛ لكي يؤدَم بينهما ! وقبول الفتاة شرط أساسي في الزواج ! 

إنّما الكلام ، هنا ، كله ، ليس عن هذا ، بل عن المغالاة في المهور، وفي تكليفات الزواج ، التي لم تَرد في كتاب ولا سنّة ، بل تفرضها أمزجة الأهل ، من آباء وأمّهات ؛ للتفاخر والتباهي ، وإشباع نزعات الغرور! 

نماذج :  

أحدهم يقول: رفع مَهرابنتي، فيه ضمانة لها، فلا يجرؤ زوجها،على رفع صوته في وجهها !  

إحداهنّ تقول : وما الذي يَنقص ابنتي ، حتى تتزوّج ، بمَهر أقلّ من مهر بنت خالها ؟ 

أحدهم يقول : يجب أن أضمن مستقبل ابنتي ، عند الشاب الثريّ ، أمّا الشابّ المستقيم الفقير، فلا يضمن لها مستقبلاً مرموقاً ن واستقامتُه تخصّه ، وحدَه ! 

إحداهنّ تقول : الذهب زينة للفتاة ، وأمانٌ لها من تقلبات الأيّام ، لذا ؛ لن أزوّج ابنتي ، إلاّ بعد أن يوافق الخاطب ، على شراء نصف كيلو من الذهب لها ! 

أحدهم يقول : إن أخي زوّج ابنته ، لعريس جامعي .. والذي تقدّم لخطبة ابنتي ، يحمل شهادة دبلوم ، من معهد متوسّط ! صحيح أنه حسن الخُلق ، إلاّ أن أخلاقه لاتغني عن الشهادة الجامعية! 

إحداهنّ تقول : ابنة خالتي لم ترضَ ، أن تقام حفلة العرس لابنتها ، إلاّ في صالة راقية ، كلّفت العريس عشرة آلاف دولار! فهل أزوّج ابنتي ، في صالة بسيطة ، كلفتُها ألف دولار؟ لا.. والله .. أرفض تزويج ابنتي ، ولا أزوّجها في صالة ، أقلّ كلفة من صالة بنت خالتها ! وهل ابنتي بائرة، أو أقلّ شأناً ، من قريبتها ، بنت ابنة خالتي ؟ 

أحدهم يسأل خاطب ابنته : أين ستُسكن بنتي ؟ فيجيبه الخاطب : في بيت مستقلّ ، فيه غرفتان وصالة ! فيقول والد الفتاة ، متسائلاً ، باستهجان : غرفتان وصالة ، يارجل؟ اخرج من بيتي ، لا نصيب لك عندي! 

إحداهنّ تَسأل أمّ الخاطب : إذا كان دخل ابنك خمسمئة دينار، فمن أين يأتي بالمال ، الذي يشتري به لابنتي ذهباً ، بعشرة آلاف دينار؟ فتجيبها أمّ الخاطب : سنستدين له مبلغاً ، لهذه الغاية ، وغيرها ، ويسدّد الدَين من راتبه ، ولو ضغط على نفسه وأسرته ، قليلاً !  

والنتيجة : أن تصبح الفتاة عانساً ، بعد أن تنتظر، هي وأهلها ، الزوج المثالي ، الجامعي الثري ، سنين ، ولا يأتي .. وتبقى عالة على أهلها ! ويظلّ الشاب عَزَباً، ينتظر أن يهبط عليه الثراء ، حتى يغزو الشيب رأسه ، فيضطرّ إلى البحث عن السبل الحرام ، أو أن يغمر نفسه بالديون ، التي يضطرّ إلى تسديدها ، فيضيّق على نفسه وأهل بيته ، سُبل العيش، فتطلب امرأته الطلاق !  

فهل مايفعله الآباء والأمّهات ، فيه مصلحة لهم ، أو لأبنائهم .. أم فيه نحر، لأبنائهم وبناتهم .. ونحر، بالتالي ، للآباء والأمّهات ، أنفسهم ، من حيث لايشعرون ؟ 

وسوم: العدد 897