القرية المركزية النموذجية إحدى المرتكزات العمرانية في سوريا المستقبل

أعزائي القراء

سوريا الغد لن تكون كسوريا اليوم فهناك تغيرات ستطالها حتما شاملة تغيرات إجتماعية وإقتصادية وعمرانية. وقد قمتُ بدراسه لتطورات بعض الدول التي تعرضت  لمخاضات عسيرة شبيهة بالوضع في سوريا, فوجدت ان احد هذه المتغيرات شملت اعادة بناء التجمعات السكنية على اسس جديدة وخاصة في الأرياف, لتؤمن الخدمات الضرورية لمجموعة من القرى إضافة لتشجيع بعض سكان المدن بالإستفادة من الخدمات التي تقدمها القرى المركزية النموذجية القريبة من مدنهم بسهولة ويسر.

مما يستدعى دراسة تخطيطية تضمن توفير الخدمات والمرافق العامة على كافة المستويات للتجمعات القروية, حيث من المفترض إقامة مجموعة من القرى المركزية النموذجية التى تتوسط مجموعات القرى المتقاربة والتى تكون فيما بينها وحدة تخطيطية متجانسة, وهذا يتطلب دراسة تخطيطية شاملة بعيدة المدى تعالج جوانب التنمية الريفية ومبادىء تخطيط القرى على أساس الخصائص الإقتصادية والإجتماعية والطبيعية السائدة فى المناطق الريفية( تحتاج سوريا الى حوالي  ٢٠ قرية نموذجية كمرحلة اولى)  ، الأمر الذى يتطلب جهداً ووقتاً لا يمكن معه مواجهة المتطلبات العاجلة للتنمية الريفية بما يضمن لها التنمية فى نطاق التخطيط الإقليمى لمناطق القطر السوري بحيث ينشأ فى كل منها قرية مركزية نموذجية يمكن إعتبار دراستها وتخطيطها من ضمن المشروعات الإرشادية.

إن إختيار المواقع اللازمة لإنشاء القرى المركزية النموذجية لابد وأن يخضع الى عدة عوامل هامة منها : 

أ ) توسط الموقع بالنسبة لمجموعة القرى التى سوف تخدمها القرية المركزية النموذجية سواء أكان هذا الموقع على أرض فضاء أو ينطبق مع قرية قائمة.

ب) صلاحية الموقع من حيث طبيعة التربة والتضاريس والطرق والمواد المستخدمة

جـ) وجود الموارد الطبيعية التى تساعد فى عملية التنمية الريفية مثل المياه والتربة والمراعى.

حجم  القرية المركزية النموذجية :

١-  يعتمد حجم القرية المركزية النموذجية على حجم الخدمات التى سوف تؤديها بالإضافة إلى حجم الأنشطة الإقتصادية والاجتماعية التى سوف ترتبط معها ,الأمر الذى لا يمكن معه وضع حجماً ثابتاً لمثل هذه القرى ومع ذلك فإن السعة الحدية للخدمات المركزية والمحلية بالقرية المركزية يرتبط من ناحية أخرى بعدد السكان .ومن ناحية أخرى بإختلاف طبيعة الخدمات المركزية والمحلية بالقرية المركزية وهذه الجوانب العلمية لا يمكن تقديرها إلا بدراسة الخصائص الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية للتجمع الريفى الذى سوف تخدمه القرية المركزية النموذجية.

٢- من واقع الخبرات التخطيطية المماثلة في دول غربية وعربية يمكن تحديد السعة الحدية للسكان فيما بين  ١٠٠٠٠ إلى١٥٠٠٠ نسمة وعلى هذا الأساس يمكن تحديد الحاجة للخدمات المركزية والمحلية بالقرية المركزية النموذجية . 

٣- تتحدد السعة الحدية  للسكان فى القرية المركزية النموذجية على أساس عدد العاملين الذى يتناسب مع الحاجة للخدمات المركزية أو الأنشطة الإقتصادية المتاحة ، ويضاف إلى ذلك حجم السكان العاملين فى الخدمات المحلية المكملة ، ومن هنا يمكن حساب إحتياجات السكان من الوحدات السكنية. 

٤- وعلى أساس عدد السكان ومتطلبات القرية المركزية النموذجية  يتم تحديد السطح الكلى للقرية مستندة إلى المعدلات التخطيطية المناسبة للقرى السورية النموذجية الأمر الذى يتطلب دراسة نوعيه لتحديدها مسبقاً. 

متطلبات القرية المركزية النموذجية :

١- تختلف متطلبات القرية عن المتطلبات المرادفة لها فى المدن  فى كثير من العناصر المميزة مثل الأسواق والإسكان والطرق وذلك تبعاً لما تفرضه البيئة الريفية من مميزات خاصة ، فالمحلات التجارية يمكن تواجدها أسفل المبانى السكنية المركزية كما أن الأمر يتطلب إقامة ساحة للسوق العام تكون هى فى نفس الوقت ساحة القرية عند المسجد الجامع في قلب القرية النابض ومن هذه الساحة يمكن الوصول إلى مبانى الخدمات العامة مثل مقر مجلس القرية ... ومركز الشرطة وكاتب العدل ومكتب الصحة والإرشاد الزراعى.

٢- أما الوحدات السكنية فتختلف فى تكوينها إذ يتطلب الأمر إقامة بعض الوحدات السكنية فى دور أو إثنين أعلى المحلات التجارية للعاملين فى الخدمات المختلفة بمنطقة وسط القرية مع توفير الوحدات السكنية الأخرى المتلاصقة والتى تعتمد على الفناء الداخلي فى الإنارة والتهوية بالإضافة إلى أغراض المعيشة الخاصة التى يتميز بها المجتمع الريفى , ويمكن فى هذه الحالة التمييز بين الوحدات السكنية التى تخصص للموظفين والعاملين وتلك التى تخصص للعاملين فى التجارة والزراعة حيث تختلف المتطلبات المعيشية لكل من هذه الفئات الأمر الذى يجب مواجهته فى تصميم الوحدات السكنية على ضوء التكوين الإجتماعى والإقتصادى لسكان القرية.

٣- الإنتقال الداخلى فى القرية يعتمد إلى حد كبير على ممرات المشاه خاصة فى منطقة وسط القرية حيث المسجد الجامع وساحة السوق والمحلات التجارية التى تتفرع منه ، مع توفير الطابع الإسلامى والحضارى للقرية على أن يتم تسيير السيارات من خارج القرية إلى وسطها دون أن تعبر بطريق مرور المشاه فى مركز القرية.

٤- المنشأت التعليمية يختلف تصميمها عن النماذج المتبعة بالمدن وأن كانت برامجها المعمارية تتشابه إلا فى حالة المدرسة الثانوية الفنية التى ترتبط برامجها التعليمية بالبيئة الريفية.. وبالمثل تختلف تصاميم المبانى العامة والأخرى وتصبح أكثر تكاملا وتقارباً خاصة عند مركز القرية حيث تكون مع المسجد مجموعة معمارية متكاملة.

٥- سوف تؤثر طرق التشييد المناسبة للمناطق الريفية على الطابع العام للقرية والبحث عن طرق مستحدثه للتشييد سوف يتطلب دراسات نوعية على مدى إمكانية إستعمال المواد المحلية فى أنسب صورة ممكنة مع الأخذ فى الأعتبار قلة الأيدى العاملة وموازنة ذلك بالأستعمال الجزئى للمبانى سابقة التجهيز.

٦- قد تتطلب الظروف البيئية للمنطقة الريفية التى سوف تخدمها القرية المركزية النموذجية إنشاء مرفق خاص بالخدمات المتحركة للخدمة الصحية أو التعليمية أو البريدية ومثل هذا المرفق لا يتوفر فى المدن ، ويتطلب مثل هذا المرفق إنشاء قاعدة للإنطلاق منها على أساس نظام محدد لزيارة القرى التى تقع فى مجال القرية المركزية الأمر الذى يتطلب اسلوباً خاصاً بالتشغيل والصيانة.

التقديرات الأولية لعدد السكان :

١- يقدر عدد سكان القرية على اساس عدد العاملين فى الخدمات المركزية والمحلية وفى أى نشاطات إقتصادية أخرى مكملة ويمكن تقدير عدد السكان على اساس النوعيات التالية : 

العاملين فى حقل التعليم :

عدد ٣ مدارس إبتدائى 

عدد ٢ مدرسة متوسطة 

عدد ١مدرسة ثانوية فنية  

 بإجمالي٧٥ موظفاً مستخدماً                                              

الخدمات العامة :

الخدمات الصحية:       ( المستوصف) يحتاج إلى حوالى ١٥ عامل وموظف

المركز الثقافى:                       يحتاج إلى حوالى ٥  عامل  وموظف 

المركز الرياضى:                     يحتاج  إلى حوالى ٥  عامل  وموظف

الخدمات الأدارية :                     تحتاج إلى حوالى  ١٠عامل  وموظف

 خدمات بريدية:                      تحتاج إلى حوالى   ٥ عامل وموظف

خدمات أمن:                                تحتاج إلى حوالى ١٠عامل  وموظف

خدمات عدالة:                         تحتاج إلى حوالى ٥ عامل   وموظف

خدمات دينية:                         تحتاج إلى حوالى٢٠ عامل  وموظف

خدمات بلدية وقروية:               تحتاج  إلى حوالى ٢٠ عامل وموظف 

المرافق العامة:                    تحتاج إلى حوالى  ٢٠ عامل وموظف

     الخدمات التجارية

السوق التجاري:                      يحتاج إلى حوالى ١٠ عامل وموظف

المحلات التجارية:   (حوالي ٢٠ محل) وتحتاج إلى حوالى ٦٠ عامل وموظف

 النشاط الصناعي:                        ويحتاج إلى حوالى ٦٠ عامل وموظف

التشــييـد :                              ويحتاج إلى حوالى ٥٠ عامل وموظف

أعمال الصيانة:                       وتحتاج إلى حوالى ٣٠ عامل وموظف

الزراعـــة:     وتقديرها تبعاً للأمكانيات المتاحة ١٠٠       عامل وموظف 

هـ) خدمات ونشاطات أخرى  ٤٠ عامل وموظف

وبذلك يبلغ التقدير الأولى للعاملين  حوالى  ٥٠٠ عامل وموظف

وإذا قدرنا نسبة العاملين إلى عدد السكان بحوالى   ٢٠% فيكون العدد التقديرى الأول لسكان القرية المركزية النموذجية فى هذا المشروع الأرشادى حوالى ٢٥٠٠ نسمة ويمكن مع ذلك وضع المخطط الإرشادي الأول للقرية المركزية بحيث تستوعب فى المرحلة الأولى    ٣٠٠٠نسمة ويمكن أن تمتد بعد ذلك تبعاّ للمقومللمقومات الاقتصادية للنمو 

وإذا قدرنا متوسط حجم الأسرة فى القرية الجديدة بحوالى ٥ أفراد نظراً لطبيعة السكان الجدد فتكون المتطلبات السكنية فى المرحلة الاولى من مراحل التشييد حوالى  ٦٠٠ مسكن يمكن تقسيمهم إلى الأنماط التالية : 

الشقق السكنية  ٤٠٠ وحدة سكنية للمساكن المنخفضة التكاليف 

الشقق السكنية   ٢٠٠ وحدة سكنية للمساكن المتوسطة التكاليف

التقديرات الأولية لتكاليف المشروع :

١- تعتمد التقديرات الأولية لتكاليف مثل هذه المشروعات الإرشادية على عدة عوامل منها نوعية الإنشاءات ومواصفاتها وموقع المشروع وطرق الإنشاء وطبيعة الأرض وكفاءة التخطيط والتصميم ويمكن وضع التقديرات الأولية للمشروع على  أساس المسطحات المطلوبة فى المنشاّت المختلفة مضافاً إليها المرافق العامة (الطرق والمياه والمجارى والكهرباء) وأعمال التشييد بالإضافة إلى متطلبات الإعاشة المؤقتة للجهاز القائم على التنفيذ والأدارة.

٢- بالنسبة للمبانى السكنية يمكن تقدير تكاليف نوعيات الوحدات المطلوبة على الأساس التالى :-

مساحتها  x عددها   x  دولار للمتر المربع ( تقريبي )

إجمالي السكن ٢٦ مليون دولار

٣- تقدير تكاليف اقامة المدارس تقديرياً على الوجه التالى:

وبذلك تصبح تكاليف أقامة المدارس تقديرياً ٤,٨٠٠,٠٠٠  دولار

مبنى الخدمات القروية يمكن أن تصل تكاليفها إلى حوالى ٥٠٠,٠٠٠ دولار 

السوق والمنطقة التجارية يمكن أن تصل تكاليفها حوالى ١,٠٠٠,٠٠٠دولار.                 

الحدائق والملاعب يمكن أن يرصد لها حوالى ٧٠٠,٠٠٠ دولار.                             

وبذلك يصبح المجموع حوالى ٢,٧٠٠,٠٠٠ دولار.

خدمات دينية ومقابر يمكن أن يرصد لها كذلك ٣٠٠,٠٠٠ دولار 

وبذلك يصبح المجموع حوالى ٩٠٠,٠٠٠ دولار .

٦- تكاليف المرافق العامة من رصف طرق ومياه ومجارى فيعتمد تقدير تكاليفها على المساحة التى تحددها الكثافة السكانية والكثافة السكانية فى القرى تختلف فى تقديرها عن الكثافة فى المدن التى قد يكون لها نفس خصائص الأسكان ونوعياته ، بالإضافة إلى وجود المحلات التجارية أسفل الشقق السكنية وضغط المساحات المفتوحة التى تتوفر حول القرى فى المناطق الريفية وبصورة تقريبية  نحتاج لحوالي ٢٠٠,٠٠٠ م. مربع وفى هذه الحالة يمكن تقدير تكاليف المرافق والطرق بواقع٥٠ دولار  للمترالمربع  فى المناطق الريفية أى أن التكاليف الكلية للمرافق قد تبلغ  ١٠ مليون دولار. 

٧- من واقع التقديرات العامة السابقة يمكن إجمال التكاليف كالأتى :-

ملاحظة : الكلفة تقديرية وتناسب سنة الدراسة وتتغير من عام لاخر 

   الأسـكـان                     ٢٦,٠٠٠,٠٠٠ دولار   

المدارس                      ٤,٨٠٠,٠٠٠   دولار  

المباني والخدمات            ٢,٧٠٠,٠٠٠  دولار  

المساجــد                     ٩٠٠,٠٠٠     دولار  

المرافق العامة               ١٠,٠٠٠,٠٠٠ دولار  

إجمالى تقدير التكاليف حوالي   ٤٥ مليون دولار

وهو مبلغ ليس بالكبير قياسا لقرية مركزية نموذجية تقوم على خدمة منطقة ريفية تعداد سكانها ١٥٠٠٠٠ نسمة.

الخاتمة :

  يجب ملاحظة أن الدراسة المقدمة هى دراسة أولية ولم تبنى على أساس مشروع محدد فى منطقة محددة ، ولكنه تصور عام لمكونات القرية المركزية النموذجية وماتتطلبه من خدمات ومرافق وذلك من واقع الخبرة والإستشارة الهندسية ولواقع قرى منفذة في بعض الأرياف العربية.

 وعلى هذا الأساس قدرت التكاليف كمؤشر لوضع الميزانيات اللازمة لمثل هذه المشروعات الإرشادية مع الأخذ بالأعتبار الزيادة المتوقعة فى الأسعار.

عند البدء فى دراسة المشروعات الإرشادية لإنشاء القرى المركزية النموذجية يمكن دراسة الموقف فى صورة أكثر إرتباطاً بالخصائص التخطيطية السائدة فى كل منطقة ، ويمكن بعد ذلك تعديل الميزانيات المخصصة بكل مشروع بالزيادة أو النقص عن المبلغ الذى قدر بصفة عامة فى هذه الدراسة .

وسوم: العدد 901