روسيا تضع عينَها على ما تبقَّى من آثار سورية

يصعبُ القول إنّ هناك جهة واحدة هي المسؤولة عن ضياع الآثار السورية، فالأمر ليس حديث عهد وفق التقرير الذي يكشف سرقة مليون قطعة، خلال السنوات العشر الماضية.

فالأمر يعود إلى عشرات السنين من قبل، حينما تسلّطت مجموعة من كبار الضباط الجيش أيام رفعت، على التلال والحصون الأثرية سورية، ولاسيّما في مناطق الجنوب، فعاثتْ بها حفرًا و نبشًا، وجعلت من أيام الخدمة الإلزامية للعناصر في كتائبهم، من شروق الشمس حتى مغيبها، كلّها في الحفر وتتبع الرقوم والآثار التي تذخر بها تلال حوران، وكلّها كانت تجد طريقها إلى الخارج عن طريق لبنان.

ولم تكن الحال بأحسن من ذلك في العشرية الأخيرة، فلقد تسلطت عليها حفنة من هواة البحث والتنقيب، في مناطق الشمال، حيث الآثار الرومانية في كل كهف، وتحت كلّ صخرة، وأغرت بذلك مئات الشبان السوريين، الذين رزحوا تحت وطأة الفقر وضيق ذات اليد.

وكانت الذريعة هي تمويل العمليات ضد النظام، وإيجاد مورد لحاجة الثائرين ضده، كما كان من الشخصية الغامضة، أبي عبد الله: يوسف حنّا ( قتل على أبواب الفوج 46، في كانون الثاني/ 2014، في الاشتباكات بين داعش والفصائل المسلحة).

ويبدو أنّ الأمر لم يتوقّف، فما زالت كنوز دفينة، يمكن العثور عليها في نواحي الأراضي السورية، وهي بحاجة إلى المزيد من البحث و التنقيب عنها، بمساعدة جهات عالمية مختصة.

ومن هنا جاءت دعوة وزير الخارجية الروسي، سيرجى لافروف، كي يتخذ المجتمع الدولي بقيادة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، اليونسكو، إجراءات لترميم مواقع التراث العالمي في سورية، مشيرًا إلى أنّ بلاده مستعدة لتسهيل هذه العملية.

وأضاف في مقال له نشر يوم الاثنين: 16/ 11- الجاري، بمناسبة مرور 75 عامًا على تأسيس منظمة اليونسكو، حسبما نقلت وكالة أنباء (سبوتنيك) الروسية: "أخيرًا حان الوقت لأن يتخذ المجتمع الدولي بقيادة اليونسكو إجراءات فاعلة لترميم مواقع التراث العالمي في سورية التي دٌمرت".

لقد أتتْ آلة الحرب خلال هذه السنوات العشر على الإنسان، مثلما أتتْ على كثير من المناطق المأهولة، ومناطق التراث الإنساني، فكلّ ما في سورية من البشر والحجر دفع الثمن.  

فبحسب تقرير أعدّه أحمد ديب، مدير المباني والتوثيق الأثري، أنّ هناك (10 آلاف) تل أثرى مكتشف في سورية، كثير منها تعرض للتخريب والتنقيب غير الشرعي، ونحو  (710) موقع ومبنى أثريّ تعرض للتخريب، وتراوحت الأضرار بين التخريب الجزئي، والاندثار أو التهدم الكامل، وأعد الموقع قائمة بعدد المواقع المتضررة في كل المحافظات، على النحو الآتي:

دمشق/ العاصمة: 31، ريف دمشق: 14، السويداء: 6، درعا: 74، القنيطرة:20، حمص: 114، حماة:       21، إدلب: 54، حلب: 227، طرطوس: 2، اللاذقية: 5، الرقة: 15، دير الزور: 82، الحسكة: 46.      

فيما يقدر مدير الآثار والمتاحف، عدد القطع التي هربت خارج البلاد بما لا يقل عن مليون قطعة، وذلك قياسًا إلى توثيق وتحليل الصور التي تم توثيقها والتقاطها للمواقع الأثرية، ويؤكد أنّ عشرات الهكتارات نقبت، وكان الحفر في كل مكان، ومن كل موقع خرجت آلاف القطع الأثرية.

ويعدّ لبنان البوابة الأهمّ التي خرجت منها هذه الآثار، وما تزال هناك المئات من القطع في متحف بيروت، وفقًا لما ذكره محمود محمود في تقريره، الذي نشرته وسائل الإعلام.

وسوم: العدد 904