ظهر يحرّض الناس على التظاهر، وحين هُدّد بأسرته ، غاب ! أهو مُحقّ أم مُبطل ؟

التظاهر حقّ من حقوق الناس ، في الدفاع عن سيادتهم في بلادهم ، وعن مصائرهم ، وعن حريّاتهم المسلوبة ، وأموالهم المنهوبة ! 

وفِعل ذلك حقّ لا شبهة فيه .. والحضّ عليه حقّ ، كذلك ، لا مرية فيه ! 

لكن التظاهر، في دولة يحكمها مستبدّون ، مجرمون قساة ، أثمانه مرتفعة ، وكلفته ، على الفرد وأسرته ، باهظة ؛ فقد يتعرض المرء نفسُه : للاعتقال أو الحبس أوالتشريد .. وقد تتعرض أسرته ، أو بعض أفرادها : للقتل أو الحبس أو التشريد ..! 

إن التظاهر، في مواجهة الاستبداد والظلم ، نوع من من أنواع الجهاد ! وقد أمرَنا الله، عزّ وجلّ بالجهاد ! وقد جاء في الحديث الشريف : سيّد الشهداء حمزة ، ورجل قام إلى إمام جائر، فأمره ونهاه ، فقتله ! 

لكن الله أمرنا ، بأن نجاهد في سبيله، بأموالنا وأنفسنا ، والآيات في ذلك ، كثيرة واضحة ، ولم يأمرنا ، عزّ وجلّ ، بأن نضحّي بأهلنا من : أطفال ونساء ، وشيوخ وعجزة .. ولم يأمرنا بأن نفعل مايسبّب لهم الضرر، أو الأذى !  

لكن الأسئلة المهمّة ، في هذا المجال ، تبقى معلقة ، وتحتاج إلى إجابات فقهية شرعية واضحة ! 

منها :  

هل يعطّل الجهاد - والتظاهر باب من أبوابه - بسبب الخوف على الأهل ، عامّة ، والأسرة خاصّة ؛ إذ يستغلّ الظلمة المجرمون ، نقطة الضعف هذه ، ويجعلونها سلاحاً في أيديهم ، يهدّدون به كلّ من يعارضهم ، أو يقف في وجوههم .. وهم يفعلون بالبلاد والعباد ، مايحلو لهم ، من ارتكاب الجرائم البشعة !؟  

هل يفعل المرء مايراه حقّاً ، ويغضّ النظر، عما يفعله المجرمون .. ساحباً من أيديهم هذا السلاح ، الذي يعطلون به ، كلّ مقاومة لهم ؟ 

المرء يملك أن يجاهد ، بماله ونفسه ، وليس يملك الجهاد بالآخرين ، من أهل وأقارب ! فإذا أمرَه الآخرون ، المعرّضون للضرر، بألاّ يتظاهر، أو يخالف السلطات الظالمة المجرمة .. هل يحقّ له الكفّ ، عن مخالفة الظلمة ؟ أم يجب عليه الكفّ عنهم ؟ أم يُترك تقدير الأمر، لكلّ منهم ، حسب وضعه ، هو ، ووضع أهله وأسرته ؟ 

عتاة قريش ، كانوا يعذّبون ضعاف المسلمين، لكن لم يعذّبوا أهلهم ، أو أسَرهم ! لعلّ المروءات كانت تمنعهم من ذلك .. أو أن وقوف بعضهم في وجه بعض ، كان يحول بين العتاة ، وأسَر المؤمنين ! فهل ثمّة مروءات ، تمنع ، اليوم ، عتاة الظلمة ، من تعذيب الأهل، اعتقالاً ، أو مضايقة ..؟ 

  هل يحقّ ، لمن يحرّض الناس على التظاهر، مدركاً خطورته عليهم ، عالماً بمايفعله بهم الظلمة .. هل يحقّ له ، أن يمتنع عن التحريض ، لكون أهله معرّضين للأذى ؟ 

أسئلة مطروحة على العقلاء ، في دول الاستبداد ! 

وسوم: العدد 905