السيرة النبوية العطرة (( اسلام ثقيف ))

لقد قلنا أن العام التاسع هو عام الوفود

وما زلنا في السنة التاسعة من الهجرة

وقلنا أن السنة التاسعة شهدت المدينة حضور مكثفا للوفود من كل أنحاء الجزيرة العربية

حتى أطلق على العام التاسع من الهجرة {{ عام الوفود}} وقد زادت هذه الوفود عن {{ ٦٠ }}وفداً وقيل أنها وصلت الى

{{ ١٠٠ }} وفد

وقد بدأت هذه الوفود في القدوم الى المدينة بعد فتح مكة وحرب هوازن، ثم ازدادت كثافة بعد غزوة {{ تبوك }} بعد أن شاهدت القبائل العربية الجيش المسلم العملاق والذي قوامه  {{ ٣٠ الف }} مقاتل والف فارس وهو يقطع الجزيرة العربية شمالا حتى وصل الى تبوك

وشاهد جيوش {{ الإمبراطورية الرومانية }} وهي أقوى دولة في العالم في ذلك الوقت

[[ لأن آخر مواجهة بين الفرس والروم كانت لصالح الروم وتحكم نصف دول العالم القديم تقريبا ]]

شاهد العرب جيوش  الإمبراطورية الرومانية وهي تنسحب انسحابا مخزيا أمام الجيش الإسلامي

فعلمت هذه القبائل أن لا قبل لها بالدولة الإسلامية الناشئة فجائت الى المدينة لمبايعة النبي صلى الله عليه وسلم

وبعض هذه القبائل جاء الى المدينة مقتنعا بالإسلام

والبعض جاء خوفا وطمعا في الدولة الإسلامية الناشئة القوية

وكان أول هذه الوفود قدوماً بعد تبوك، وأهم هذه الوفود من ناحية الأثر كان وفد {{ثقيف}}

فمن هي ثقيف ؟ وما قصة هذا الوفد؟ وما قصة اسلام ثقيف ؟

_________________________

ثقيف هي أكبر بطون قبيلة {{ هوازن }} وقد قلنا أن هوازن واحدة من أكبر قبائل الجزيرة العربية، تضم عدد كبير من البطون

وأكبر هذه البطون وأشهرها هي {{ ثقيف }} وكانت شبه مستقلة عن {{ هوازن}} وتسكن مدينة الطائف على بعد حوالى {{ ١٠٠ كم }} جنوب شرق مكة، وكانت {{ الطائف}} هي المدينة الثانية في الجزيرة العربية بعد {{ مكة }}

وذكرنا في بداية السيرة

رحلة النبي صلى الله عليه وسلم الى {{ الطائف}} في السنة العاشرة من البعثة

عندما ذهب الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم

الى الطائف ليعرض عليهم الاسلام

وجلس صلى الله عليه وسلم  مع ثلاثة من زعماء الطائف على رأسهم {{ ابن عبد ياليل }} ولكنهم رفضوا الإسلام

وقال له أحدهم:_ والله لو وجدتك متعلقا بأستار الكعبة ما صدقتك

وقال الآخر:_ أما وجد الله غيرك حتى يرسله

وقال الثالث:_ إما أنك نبيا حقا فأنت أعظم من أن أكلمك، واما أنك تكذب فأنت أدنى من أن أكلمك

ليس هذا فحسب بل أرسلوا خلف صلى الله عليه وسلم عبيدهم وسفائهم، وأخذوا يسبونه ويقذفونه بالحجارة حتى سالت الدماء من قدميه صلى الله عليه وسلم 

وظلوا يتعقبونه بالسباب والحجارة مسافة {{ ٥ كم }} حتى دخل حديقة لأحد أشراف مكة فاحتمى بها

ذكرناها من قبل بالتفصيل ولكن نذكر عناوين للتذكير

___________________

و ذكرنا أن بعد {{ فتح مكة }} في السنة الثامنة من الهجرة تجمعت كل قبائل هوازن لأول مرة في تاريخها في جيش ضخم لحرب المسلمين

وكانت معركة {{ حنين}} ورأينا كيف انكشف المسلمون في بداية المعركة

ثم تجمع المسلمون حول النبي صلى الله عليه وسلم وتحولت الهزيمة الى نصر، وانسحبت هوازن الى مدينة {{الطائف}} فاتجه النبي صلى الله عليه وسلم الى مدينة {{ الطائف}} وقام بحصار الطائف شهرا كاملا، ولم ينجح المسلمون في اقتحام الطائف

فاستشار النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة ثم قرر رفع الحصار عن الطائف والرجوع الى المدينة

وبعد عودة النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة، وفي السنة التاسعة من الهجرة

قدم على النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة

{{ عروة بن مسعود الثقفي}} وهو أكبر زعماء الطائف، وأسلم بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم

وقال عنه النبي صلى الله عليه وسلم أنه يشبه المسيح عيسى عليه السلام

ثم سأل {{عروة بن مسعود }} النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع الى قومه بالإسلام

فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :_إن فعلت فانهم قاتلوك

فقال عروة:_ يا رسول الله أنا أحب اليهم من أبصارهم

فعاد {{عروة }} وأظهر اسلامه ودعا قومه الى الإسلام، ولكنهم رفضوا الإسلام وسبوه وأغلظوا له القول

وفي فجر اليوم التالي، صعد {{عروة}} على سطح منزله وأذن للصلاة، فخرج أحد رجال ثقيف ورماه بسهم فوقع على الأرض

وقال له أهله: _ما ترى في دمك ؟

فقال عروة: _كرامة أكرمني الله بها، وشهادة ساقها الله إليَّ

[[ثم اوصى أن يدفن مع شهادء المسلمين الذين قتلوا أثناء حصار الطائف]]

فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك قال: _ مثلُ عروة في قومه مثلُ صاحب ياسين دعا قومه إلى الله فقتلوه

_________________________

وبرغم أن {{ثقيف }} قد قتلت {{عروة بن مسعود }}

في هذا المشهد المؤلم ، الا أن ثقيف كانت في وضع لا يحسد عليه ، والسبب ؟؟

١_ بسبب هزيمة {{ ثقيف }}  هزيمة نكراء أمام المسلمين في {{حنين}}

حتى بعد أن حاصر النبي صلى الله عليه وسلم الطائف لمدة شهر، لم تجرؤ {{ ثقيف}} على الخروج لمواجهة المسلمين، بالرغم من أن نسائهم وأبنائهم وأموالهم كانت في أيدي المسلمين

٢_ أسلمت تقريبا جميع قبائل الجزيرة العربية، حتى بطون {{ هوازن}} نفسها، والتي {{ ثقيف}} أحد بطونها، أسلمت ولم يبق منها الا ثقيف، ولا تستطيع {{ ثقيف}} أن تقف أمام كل العرب

٣_ اسلام ثم مقتل {{ عروة بن مسعود }} كان حدثا جليلا ومزلزلا في {{ثقيف}}

لأن {{ عروة}} كان محبوبا ومطاعا في قومه

٤_ لأن {{ مالك بن عوف النصري}} والذي كان قائد جيش {{هوازن }} في غزوة حنين ضد المسلمين ، كان قد أسلم وكلفه النبي صلى الله عليه وسلم بحصار الطائف، فضيق ذلك عليهم بشدة، وأخذ الوضع الإقتصادي في التردي نتيجة هذا الحصار، وفقدت الطائف مكانتها التجارية، لأنها أصبحت مكان غير آمن، ولا يستطيع التجار من العرب وغيرهم الدخول اليها

_____________________

كل هذه الأسباب جعلت ثقيف تفكر في الإسلام، ولذلك بعد عودة النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة {{ تبوك }}  من السنة التاسعة من الهجرة

جاء الى المدينة وفد من {{ ثقيف }} مكون من ستة أشخاص

على رأسهم أحد أبرز سادة {{ ثقيف }}

وهو {{عبد ياليل بن مسعود }}

هل تذكرون هذا الاسم ؟؟

هو نفس الشخص الذي رد الرسول صلى الله عليه وسلم منذ {{ ١٢ عام }}عندما جاء الى {{ الطائف}} ليعرض عليهم الإسلام، ورد على النبي صلى الله عليه وسلم هذا الرد السيء الذي تحدثنا عنه

_______________________

فلما قدم هذا الوفد الى المدينة، كان أول من رآهم

{{ المغيرة بن شعبة }} و كان يرعى الابل خارج المدينة، فلما رآهم نهض مسرعا حتى يبشر النبي صلى الله عليه وسلم فلقيه {{ أبو بكر الصديق}} وأخبره بقدوم {{ ثقيف}}

فقال له أبو بكر: _ أقسمت عليك بالله لا تسبقني الى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أكون أنا من يحدثه

فذهب {{ أبو بكر }} وبشر النبي صلى الله عليه وسلم

ثم ذهب اليهم {{ المغيرة بن شعبة}} وعلمهم كيف يحيون النبي صلى الله عليه وسلم

_________________________

فلما دخلوا على الرسول صلى الله عليه وسلم ، لم يحيوه كما علمهم المغيرة بتحية الإسلام

وانما حيوه بتحية الجاهلية، وكانت هذه هي أول علامة أن وفد {{ ثقيف }} لم يأت مسلما رغبة في الإسلام، وانما جاء رغبا ورهبا في الدولة الإسلامية الجديدة الناشئة القوية

________________________

استقبل النبي صلى الله عليه وسلم وفد {{ ثقيف}} استقبالاً طيباً يليق بنبي كريم

ولم يذكرهم بشيء من هذا التاريخ الطويل من العداء والذي بدأ منذ زيارته أول مرة للطائف في السنة العاشرة من البعثة، حتى معركة {{ حنين}} منذ بضعة شهور

وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تضرب لهم خيمة في المسجد، حتى يكون ذلك أرق لقلوبهم، ويستمعوا الى حديث النبي صلى الله عليه وسلم ،ويشاهدوا أحوال المسلمين، ويتعلموا الإسلام، ويسمعوا القرآن

فكانوا يمكثون في المسجد، ثم يذهبون الى رحالهم للقيلولة أو غير ذلك، وكانوا قد تركوا رحالهم خارج المدينة

__________________________

وكان وفد {{ ثقيف }}قد تركوا عند رحالهم لحراستها أصغرهم سناً ، وهو {{ عثمان بن أبي العاص }} وكان عمره {{ ٢٧ عام }}

فكانوا اذا ذهبوا الى رحالهم، تركهم {{ عثمان بن أبي العاص}} وذهب الى النبي صلى الله عليه وسلم ليتعلم على يديه، واذا لم يجد النبي صلى الله عليه وسلم كان يجلس الى {{أبي بكر الصديق}} أو {{ أبي بن كعب}} ويتعلم منه القرآن

وحفظ {{عثمان بن أبي العاص}} في هذه الأيام سورة البقرة، ثم أتى الى النبي صلى الله عليه وسلم

وقال: _يا رسول الله ! إن القرآن يتفلت مني

فوضع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم  يده على صدره وقال :_ يا شيطان اخرج من صدر عثمان

يقول عثمان بن ابي العاص :_فما نسيت شيئا بعده أريد حفظه

ثم جاء {{عثمان بن ابي العاص}} الى النبي صلى الله عليه وسلم وقال:_ يا رسول الله ! إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي

فقال له النبي :_ ذاك شيطان يقال له : خنزب ، فإذا أحسسته ، فتعوذ بالله منه، واتفل عن يسارك ثلاثا

[[ ومن هنا اذا أحسست بوسوسة الشيطان في الصلاة، فيجوز لك بل يستحب أن تتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فتقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم تلتفت برأسك فقط جهة اليسار، التفاتة بسيطة وتتفل ثلاثة مرات، والتفل هو النفخ معه قليل من الريق، وهو ليس مثل النفث، فالنفث نفخ بلا ريق، كما أنه غير البصق

واذا كنت في صلاة جماعة فيكفي أن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ]]

وأعجب النبي صلى الله عليه وسلم {{ بعثمان بن أبي العاص}} وأحبه ورأى فيه خيرا كثيرا، وسنجد بعد ذلك لعثمان بن أبي العاص سيرة طيبة، وعطاءاً عظيما للدولة الإسلامية، وله فتوحات حتى فارس والهند رضي الله عنه وأرضاه

___________________________

جاء الوفد بعد ذلك ليسلم على يدي النبي صلى الله عليه وسلم

ولكنهم أرادوا الإسلام بشروط معينة، فتحدث زعيمهم

{{ كنانة بن عبد ياليل}}

وقال: _أفرأيت الزنى ، فإنا قوم نغترب ولا بد لنا منه ؟

فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :_هو عليكم حرام ، فإن الله عز وجل يقول {{ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا }}

قال:_  أفرأيت الربا فإنه أموالنا كلها ؟

قال له النبي صلى الله عليه وسلم :_ لكم رءوس أموالكم إن الله تعالى يقول {{ ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين }}

قال: _ أفرأيت الخمر ، فإنه عصير أرضنا لا بد لنا منها ؟

فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :_ إن الله قد حرمها ، وقرأ عليه قوله تعالى {{  ياأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون }}

________________________

ثم طلبوا طلبا أخيرا غريبا، وهو أن يتم اعفائهم من الصلاة، فرفض النبي صلى الله عليه وسلم طلبهم 

وقال :_ لا خير في دين لا صلاة فيه [[ ليت أمتنا تفهم ذلك لا خير في دين لا صلاة فيه ]]

ولا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حزينا وهو يستمع الى هذه المناقشة

لأن هذه المساومات كانت تدل على أن هذا الوفد لم يأت مقتنعا بالإسلام

وانما جاءوا خوفا من الدولة الإسلامية، وأن هذه الأيام التي قضوها في المدينة وفي مسجد النبي صلى الله عليه وسلم لم تؤثر فيهم

_____________________

ثم خلا القوم بعضهم ببعض للتشاور

وقالوا : _ويحكم إنا نخاف إن خالفناه يوما كيوم مكة ، انطلقوا نكاتبه على ما سألناه

فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم وقال زعيمهم {{كنانة بن عبد ياليل }}

قال للنبي :_ نعم ، لك ما سألت

ثم قال:_ أرأيت الربة ماذا نصنع فيها ؟

[[ والربة هي صنم اللات وقد ذكرنا أنها كانت من أعظم أصنام  العرب، وكان يقسم بها ويهدي اليها ويذبح عندها ]]

فرد النبي صلى الله عليه وسلم بمنتهى الحزم

وقال: _ اهدموها

ففزع الوفد وقال كنانة : _ هيهات ، لو تعلم الربة أنك تريد هدمها ، لقتلت أهلها

فقال عمر بن الخطاب : _ يا ابن عبد ياليل ، ما أجهلك ، إنما الربة حجر

فقال له : _ إنا لم نأتك يا ابن الخطاب 

فلما رأى الوفد حزم النبي صلى الله عليه وسلم واصراره بدؤا يساومون في توقيت هدم صنم اللات

فطلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يترك اللات

{{ ٣ سنوات }} قبل أن يهدمها

فرفض النبي صلى الله عليه وسلم

فطلبوا أن يتركها سنتين

فرفض النبي صلى الله عليه وسلم

فقالوا:_ سنة

فرفض النبي صلى الله عليه وسلم

فطلبوا شهراً واحدا

فرفض النبي صلى الله عليه وسلم

_______________________

فلما أسقط في أيديهم قالوا:_ تول أنت هدمها ، فأما نحن ، فإنا لا نهدمها أبدا

فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم الى ذلك وقال:_ سأبعث إليكم من يكفيكم هدمها

فقالوا:_ ائذن لنا أن نرحل قبل رسولك ونخبر قومنا ، فإنا أعلم بقومنا

[[ يعني لا ترسل من يهدم اللات فورا، ولكن دعنا نمهد لثقيف هذا الأمر ]]

فوافقهم النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك

ثم قالوا:_ يا رسول الله ! أمر علينا رجلا يؤمنا من قومنا

فأمر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم {{عثمان بن ابي العاص}}

مع أنه كان أصغرهم سنا وهو الذي كانوا يتركونه في رحالهم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وجده أحرص القوم على تعلم الإسلام، ووجد فيه كفاءة قيادية

______________________

ورفض النبي صلى الله عليه وسلم  أن يؤمر عليهم زعيمهم {{ كنانة بن عبد ياليل}} لأنه وضح من خلال مناقشته للرسول صلى الله عليه وسلم  عدم اقتناعه بالإسلام

وكان تأمير النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان بنت ابي العاص وهو شاب صغير

ولم يؤمر {{ عبد ياليل}} وقد أمر من قبل على مكة {{عتبة بن أسيد}} وهو أيضا شاب، وعزل {{ أبو سفيان }} وهذا يدل على اقتناع النبي صلى الله عليه وسلم بالإمكانيات الهائلة للشباب

[[ واليوم أصبحت امكانيات شبابنا بالحضيض بين الاقدام في كرة من جلد سرقت عقولهم وتفكيرهم ]]

______________________

انطلق الوفد، ولكن بقي عندهم مشكلة ، وهي مواجهة قومهم بكل هذا، وكانوا يعلمون أن غالبية {{ ثقيف }} لا تزال ترفض الإسلام

فقال للوفد {{ كنانة بن عبد ياليل}}

قال  :_أنا أعلم الناس بثقيف، فاكتموهم القضية، وخوفوهم بالحرب والقتال، وأخبروهم أن محمدا سألنا أمورا أبيناها عليه [[ أي رفضنا شروطه ]] سألنا أن نهدم اللات والعزى ، وأن نحرم الخمر والزنى والربا

_______________________

فلما وصلوا الى {{ الطائف }} خرجت ثقيف لاستقبالهم، فأظهر الوفد الحزن، واتجهوا الى اللات كما هي عادة {{ ثقيف}} ونزلوا عندها

ثم قالوا لهم:_أتينا رجلا فظا غليظا يأخذ من أمره ما يشاء، قد ظهر بالسيف ، وداخ له العرب [[ يعني خضع له العرب دوخهم]] ودان له الناس، فعرض علينا أمورا شدادا

أن نهدم اللات، ونترك الخمر والزنا والربا، وأمرنا بالصلاة

فقالت ثقيف: _ والله لا نقبل هذا أبدا

فقال لهم الوفد:_ فتهيئوا للقتال وتعبئوا له ورمموا حصونكم

ومكثت {{ ثقيف}} يومين، ثم القى الله تعالى في قلوبهم الرعب، فجاءوا الى الوفد

وقالوا لهم:_ والله ما لنا به طاقة، وقد داخ له العرب، فارجعوا إليه فأعطوه ما سأل، وصالحوه عليه

فلما رأى الوفد ذلك قالوا لهم:  _ فإنا قد صالحناه على ذلك، ووجدناه أتقى الناس وأوفاهم

قالوا: _ فلم كتمتمونا هذا الحديث، وغممتمونا أشد الغم ؟!

قالوا: _ أردنا أن يذهب الله عنكم نخوة الشيطان

___________________________

و هكذا أسلمت كل {{ ثقيف}}

اتذكرون رحلة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم للطائف

كان وحيدا والطائف كلها ضده

هل رأيتم

إذا كان الله معك فمن عليك؟

وإذا كان عليك فمن معك؟

إذا كان الله معك، يسخر لك أعداءك ليخدموك، وإذا كان الله عليك، سمح لأتفه بشر أن يتطاول عليك

هل رأيتم وعد الله

{{ يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ }}

إنه {{ الله }} جل في علاه

أقام العباد فيما أراد وله المراد فيما يريد جل الوحيد الفريد أفلح من قال لا إله إلا الله وصلى وسلم على رسول الله

إنه {{ الله }} مالك الملك العظيم المتعال ، كلنا عبيده وأمرنا في يده ، سبحانه وتعالى عما يصفون

_______________________________

ولم تمضِ الا أيام حتى جاءت السرية التي أرسلها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم لهدم صنم {{اللات}}

وبرغم أن {{ ثقيف}} قد دخلت في الإسلام، الا أن دخول {{ الطائف}} وهدم صنمها أمر غير مأمون على الإطلاق، ومهمة شديدة الخطورة

ولذلك أرسل النبي صلى الله عليه وسلم السرية وأمر عليها القائد الفذ {{ خالد بن الوليد }} رضي الله عنه وأرضاه

وجعل مع هذه السرية {{ المغيرة بن شعبة }} وهو من

{{ ثقيف }} فلا شك أن البطن الذي ينتمي اليه {{المغيرة بن شعبة}} من ثقيف

هو بطن {{ بني متعب}}  سيقوم بحماية {{ المغيرة}} وحماية المسلمين

و كما أرسل معهم النبي صلى الله عليه وسلم ايضا  {{ أبو سفيان بن حرب }} وهذه ايضا اشارة هامة الى أن زعيم الوثنية السابق هو الذي يذهب بنفسه لهدم أشهر أصنام العرب

_____________________________

فلما وصلت هذه السرية اتجهت فورا الى اللات

فخرجت كل {{ ثقيف }} رجالا ونساء وأطفالا وتجمعت تشاهد هذا الحدث، وأغلب {{ثقيف}} تعتقد أنهم لن يستطيعوا هدم {{اللات }}

فقام {{المغيرة بن شعبة}} وقال لأصحابه :_لأضحكنكم من ثقيف

فأخذ المعول، فضرب اللات ضربة، ثم سقط على الأرض وأخذ يحرك جسده ورجليه كالمصروع، فاضطربت كل {{ثقيف}} وأخذت تصيح

وتقول :_ قتلته الربة ، قتلته الربة

وفرحت {{ ثقيف}} وصاحوا:_ من شاء منكم فليقترب ويهدمها

فوثب {{ المغيرة }} وهو يقول:_ قبحكم الله يا معشر ثقيف، انما هي حجارة لا تضر ولا تنفع ،فاقبلوا عافية الله واعبدوه

______________________

ثم قام {{ المغيرة }} وقام معه المسلمون فهدموا اللات عن آخرها

ثم قال السادن [[ اي الخادم الذي يقوم بعناية اللات ]]

قال :_ إن هدموا الأساس ليخسفن بهم

فسمع المغيرة ذلك فقال لخالد :_دعني أحفر أساسها

[[ فحفر الأساس حتى أخرج التراب، واسقط في يد ثقيف وبهتت ]]

______________________

و حسن بعد ذلك  اسلام {{ ثقيف}}

و هذه كانت قصة اسلام ثقيف وهي آخر القبائل الكبيرة التي دخلت في الإسلام

ومن حسن اسلامها ، لم تكن من ضمن القبائل التي ارتدت عن الإسلام بعد وفاة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم

وسوم: العدد 907