المتاجرة بالخلافات خيانة للأمة!؟

 لم يعد يخفى على كل عاقل تكالب الأمم على الشعب السوري الأبي الكريم، وأن الغازغرب والشرق يحول دون وصول هذا الشعب إلى نيل حريته واسترداد كرامته، وصار شعبنا مستهدفاً من الجميع قتلاً وتهجيراً وتدميراً، وأن المكون السني تحديداً هو المقصود من هذه الحملة الجائرة، وهي حملة لا تفرق بين فصيل وفصيل، ولا انتماء فكري وآخر، سلفية صوفية إخوانية أشعرية، نقشبندية، مبتدعة..و و و....إلخ.

الكل مستهدف بهذه الحرب الجائرة التي لم توفر وسيلة من وسائل القتل والإبادة إلا استخدمته من السلاح الكيماوي إلى الصواريخ إلى القنابل الفراغية والعنقودية إلى البراميل المتفجرة والألغام البحرية فضلاً عن حرق الأحياء وإنتهاك الأعراض والتعذيب حتى الموت............إلخ.

ورغم ذلك فلا ينقضي العجب وأنت ترى هذه الفصائل والتوجهات الفكرية والمذهبية وهي تخوض هذه المعركة المصيرية تتقاذف التهم فيما بينها، وتتبادل التصنيفات والاحكام الظالمة، والحملات المشوهة، ونحن نعلم أن هذه الخلافات قديمة بعضها بدا مع فجر الإسلام وبعضها الآخر مرَّ عبر عدة قرون، وهي خلافات لن تحسم بل أستطيع القول أنها باقية إلى قيام الساعة، والتعامل مع هذه الخلافات يكون على طاولة الحوار الهادف وفق شروطه المعروفة وليس في ساحات القتال التي يواجه فيها أهل السنة عدوان: الصفويون والنصيريون والصليبيون والصهاينة والروس وغيرهم، وكل قد استل سيفه يريد استئصالنا والإجهاز علينا وشعبنا الصابر يخوض معركة وجود أو عدم وجود.

وكم كان الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى حكيماً عند غزو المغول لديار الإسلام وقد كانت بينه وبين مخالفيه من الصوفية والمتكلمين وأرباب التعصب المذهبي وغيرهم صولات وجولات، وعندما حدث الغزو المغولي لديار الإسلام قصد هؤلاء في مقرهم ومد يده لهم ليبايعهم على الجهاد في سبيل الله.

إن الامر يستلزم أن يقف الجميع أمام هذا الغزو الذي يستهدف الأمة برمتها، ولم يعد لتلك الخلافات مكان في هذه الظروف.

ولعل ذلك من فقه الواقع الذي ينبغي أن يتحلى به عقلاء الأمة والغيورون على الحرمات والدماء.

وطالما أن هذه الخلافات لن تحسم وستبقى إلى ما شاء الله ففي مثل هذه الظروف التي يمر بها شعبنا الصابر والذي تداعت عليه الأمم من كل صوب وهو يخوض معركة مصيرية إلا أن يأخذ المسلمون بالقاعدة الذهبية التي اطلقها الشيخ رشيد رضا رحمه الله صاحب تفسير المنار في النصف الأول من القرن الماضي وهي: (نجتمع ونتعاون على ما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه)

فالموقف لا يحتمل غير ذلك.

لن تجتمع كلمة المسلمين إلا بذلك، والله تعالى يقول في محكم التنزيل: ﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ [الأنفال: 46] فمتى نرتقي إلى هذه المنزلة السامية في التعامل بيننا؟؟!! 

وسوم: العدد 908