كذا فتأمل

كل الناس حاشا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يصيبون ويخطئون ...

ولكن لا يكن أهون القول عندك ان تقول أخطأ الصحابي .. أخطأ النابعي أخطأ أبو حنيفة أخطأ الشافعي أخطأ البخاري أخطأ مسلم ...

فبينك وبين نسبة الخطأ لهؤلاء وهو عليهم جائز ، ان تنهل  من حيث نهلوا  ، وان تنهج من حيث نهجوا ، وأن ترتقي حيث ارتقوا .

وكنت قد قرأت منذ نصف قرن كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة للإمام الشاطبي . والشاطبي هو صاحب الموافقات، فرأيته يشدد على نبذ التقليد حتى رابني ، وكنت يومها في مدينتي حلب ، وكنا ننظر إلى اللامذهبية بريبة شديدة ، ونفرح بمن كتب اللامذهبية قنطرة اللادينية ، رحمه الله تعالى ، واشتد عليّ ما يقرره الشاطبي في الإنكار على التقليد والمقلدين حتى وصلت إلى المجلد الثاني فيما أظن فوجدت فيه في شرط من سيجتهد أو سيرجح بين أقوال المجتهدين

وأروي لكم من حفظ قديم فسامحوني قال الشاطبي في الاعتصام فيمن سيرجح ويختار : "وأن يكون في العربية مثل الخليل بن أحمد وسيبويه ، لا أقول أن يحفظ حفظهما ولكن أن يفهم فهمهما "

ومر ابو علي الفارسي على تلميذه ابن جني " صاحب الخصائص " وقد نصب للدرس ، فسأله على رؤوس الناس  فأحرجه ، فقال له زبزبت قبل ان تحصرم . في حلب وحدها يتمونون من الحصرم اليابس ، ومن عصير الحصرم أيضا ؛ ولكنهم يعرفون حقيقة الزبيب وأجود زبيبهم ما جاء من عينتاب ومن عفرين

كان القدماء إذا مر وا بالقول

أشكل عليهم في نص علقوا عليه في الحواشي " كذا فتأمل "

كذا فتأمل

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 909