الرَغَب والرَهَب : مِحورا سُلوك العقلاء ، أفراداً وجماعات ، للدنيا والآخرة !

الخوف والرجاء .. درء المفسدة ، وجلب المصلحة ، للدنيا والآخرة ..! 

هذان هما مَحورا حياة البشرالعقلاء ، أفراداً وجماعات .. أسَراً وقبائلَ .. أحزاباً وشعوباً ودولاً ..! 

قال تعالى : (ويَدعوننا رغَباً ورَهَباً ..). 

وقال تعالى : (يَدعون ربَّهم خوفاً وطمعاً .. ).  

أحياناً ، يكون درء المفسدة ، هو، مصلحة قائمة ، بذاتها ، كمن يقول : إنّ مصلحتي تقتضي أن أتجنّب هذا المجرم ! 

وأحياناً ، يَسأل مسؤول في دولة ، شخصاً يرأس حزباً ، أو قبيلة ، أو دولة : ماذا لديك من خير، تجلبه لي أو لدولتي ..؟ وما الذي تستطيع دفعه ، من الشرّ أو الأذى ، عنّي ، أو عن دولتي ؟ 

فمَن بذّر أمواله ، أو أموال شعبه أو دولته .. دون طائل ، فهل يُعدّ عاقلاً ؟ 

ومَن رَهن قرارَه  ، أو قرار دولته .. بيد شخص ما ، من دولة أخرى ، بناء على وعود، ليس لها ضمانات .. فهل يُعدّ عاقلاً ؟ 

ومَن طلب مِن جهة ما ؛ دولة أو قبيلة ، أن تقدّم له دعماً مادّياً ، أو معنوياً .. دون مقابل؛ من جلب مصلحة ، أو درء مفسدة .. هل يُعدّ عاقلاً ؟ 

قد يقال : إنّ المذكورين هؤلاء ، عقلاء كلّهم ، والحديث ، هنا ، لايدور على مجرّد وجود العقل الصرف ؛ بل على وجود العقل العملي ، الذي يعرف أن لكلّ شيء مهمّ ، في الحياة، ثمناً ! 

الله  ، جلّ جلاله ، خاطب عباده المؤمنين ، قائلاً :  

(ياأيّها الذين آمنوا هل أدلّكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم * تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في  سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون *  يَغفر لكم ذنوبكم ويُدخلكم جنّات تجري من تحتها الأنهار ومساكنَ طيّبةً في جنّات عدن ذلك الفوزُ العظيم * وأُخرى تحبّونها نصرٌ من الله وفتحٌ قريب وبشّر المؤمنين).  

واضح ، من هذه الآيات الكريمة ، أنّ فيها دفع مفسدة ، أو أذى .. وهو العذاب الأليم ، كما أنّ فيه مصالح متعدّدة ، ذكرت في الآيات !  

لقد جعل الله ، لسلوك عباده العقلاء ، محورَين هما ، الرَغَب والرَهَب ! وكذلك هي حياة الناس ، بشكل عامّ ، في طلب الدنيا ، ومافيها من مصالح مختلفة ، مع درء المفاسد المختلفة ، وطلب الأخرة ، كذلك ، بما فيها من مصالح مختلفة ، مع درء أنواع الأذى والعذاب !   

وسوم: العدد 912