العام الحاسم

بعد اقل من شهرين  تبلغ عمر الثورة السورية  عشر سنوات كاملة، فيما يعد ذلك علامة فارقة لأكثر الحروب  ضد الشعوب دموية وفتكاً وتدميراً في التاريخ الحديث. لم يكن بوسعنا في بدايات الثورة أن نتصور حجم العنف الوحشي والخراب الرهيب الذي قد يعمد نظام بشار البهرزي  إلى استخدامه لقمع المواطنين . فلقد جرى تدمير أكثر من سبعين بالمائة من البنية التحتية في عموم سوريا حتى اليوم، مع غياب الاحتمالات الواقعية لأي عمليات إعادة بناء ، حيث ان التفكير باعادة البناء بوجود هذه العصابة لن يكون سوى نوع من التهريج السياسي  . فما زال هذا  النظام منبوذاً على الصعيد الدولي، ومذنباً بقائمة اتهامات لا نهاية لها جراء جرائمه الشنيعة ضد الشعب السوري .

والأهم من ذلك، أن الاقتصاد الاسدي في حالة إنهاك شديدة يُرثى لها ومنهار للغاية وجر معه  انهيار مالي للبنان المجاور الذي كان يعتبر كيس خرجية نظام اسد . ولا تعتبر أزمات الخبز والوقود المتفاقمة في البلاد ناجمة عن العقوبات الدولية على سوريا كما تدعي مخابراته، وإنما بسبب الرفض الروسي الحالي لإنقاذ نظام فاشل قاتل  ومفلس تماماً.

ولقد أسفر انزلاق النظام المستمر في هوة الأزمات المالية العميقة عن تآكل شديد في الطبقة الوسطى في البلاد، حيث باتت نسبتهم 90 في المائة من سكان البلاد يعيشون تحت خط الفقر حالياً. وأصبح شراء رغيف الخبز لوضعه على المائدة محنة من المحن اليومية المستمرة. ومع اعتبار الصعوبات الشديدة في الوصول إلى الدولار واليورو داخل سوريا من اجل تامين حاجات الجزء اليسير للسكان ، من هذا الواقع المظلم ومن واقع دعم الروس لهذا النظام من اجل السيطرة على مرتكزات الاقتصاد السوري  إثر سلسلة من الصفقات التي طالبت بها روسيا، اضافة الى ضغوطها على اسد من اجل  وضع جدول زمني لسداد الديون المستحقة عليه - ضمن هذا الواقع المنهار  هناك تفكير من المدعو بشار اسد الغائب عن الوعي بخوض الانتخابات التهريجية  حيث ستدفع روسيا بشكل تهريجي كالعادة بعدد من المرشحين الإضافيين المأجورين في محاولة لتفادي نوعية الانتصار الانتخابي بنسبة 95 في المائة المقدسة التي اعتاد عليها السوريون من قبل.

ضمن هذه التحديات، ستدخل إدارة الرئيس الأميركي المنتخب جوزيف بايدن إلى معترك الأحداث قريباً. وفي ضوء سلسلة من التصريحات والبيانات الواضحة وقوية اللهجة الصادرة خلال الشهور الأخيرة من قبل الرئيس الأميركي المنتخب تجاه الاسد ونظامه تعطي بعض المؤشرات  الايجابية ، الا ان هذا الاسلوب لم يعد يعتبر   في حد ذاته كافياً لافهام الاسد ان نظامه يجب ان يتلاشى هذا العام ، وعلينا انتظار  قرارات اكثر حزماً  في المستقبل القريب فهي التي سوف تحدد الكثير من آفاق المستقبل السوري.

بداية ، سوف تحتاج إدارة الرئيس بايدن إلى تنشيط التفاعلات الدبلوماسية بقوة بشأن القضية السورية من جديد حيث افتقرت إليها  خلال ادارة ترامب إبان سنوات الحكم الأربع المنقضية. وفي جوهر الأمر، فإن التحركات الدبلوماسية النشطة بشأن الأزمة السورية لا بد أن تكون متعددة الأطراف، ولسوف تحتاج الولايات المتحدة إلى دعوة الحلفاء كافة للمشاركة في انهاء الحالة السورية هذا العام وفق قرارات الامم المتحدة ، لا سيما أولئك الموجودين في منطقة الشرق الأوسط، وفي أوروبا من أجل المحافظة على استمرار العملية الدبلوماسية وخاصة من خلال إعادة تنشيط مجموعة «أصدقاء سوريا»  تحت إطار تحالف دبلوماسي يعمل بصورة أكثر حزماً.

وفي خاتمة المطاف، لا تزال سوريا أولى بالأهمية - بالنسبة للعالم بأسره على نطاق واسع. وعلاوة على ما تقدم، فإن النظام  لم ينتصر في هذا الصراع على الاطلاق، بل إنه يحاول النجاة منه فحسب. لقد تعمد إحراق البلاد بهدف تأمين نجاته وبقائه على رأس السلطة، ولسوف تبدأ تبعات سياسة الأرض المحروقة التي اتبعها في الظهور تباعاً. ولا يمكن للعالم المعاصر الاكتفاء بمجرد مصافحة سوريا، بل عليه الالتزام الحقيقي بالتعامل المباشر معها، وأن يقدم أحسن ما في جعبته لتأمين المستقبل الأفضل لتلافي الوضع المزري الراهن والمنعكس على المنطقة باكملها .

امامنا شهران حاسمان  وبنفس الوقت  يجب ان تبقى اصبعة المقاومة على الزناد فالاصبع والزناد  هما الداعمان الحقيقيان  لاي دبلوماسية قادمة .

وسوم: العدد 913