أدب ودين وسياسة ... فعولان أو فعولين ..

وقال ذو الرُّمة:

وعينان قال الله كونا فكانتا ...فعولان في الألباب ما تفعل الخمر ..

هكذا رواه أهل الشعر ، شعراء ورواة وأدباء .. وكونا فكانتا على هذه الرواية ليست فعلا ناقصا. بل هو من الأمر بالوجود . على طريقة ( كُن فَيَكُونُ ) أمرهما بالوجود فوجدتا .. وفعولان أي هما فعولان . فعولان بتأثيرهما ، وليس بتكوينهما ..

ونزا على البيت بعض أهل الجبر ، فرووا البيت :

وعينان قال الله كونا فكانتا ... فعولين بالألباب ما تفعل الخمر

فجعلوا من "فعولين" خبرا لكانتا .. وكأن العينين طبعتا على الفعل بالأمر الخَلقي. وكأن الإنسان خُلق مطبوعا أو مجبورا على فعله، لا قدرة له للانفكاك عما طبع عليه .

ويروى عن ذي الرمة صاحب البيت ، وكذا عن الفرزدق ، وكذا عن شيوخ النحو من أهل السنة، إنكارهم رواية الجبرية "فعولين." . وأنه قيل لذي الرمة لم لا تقول فعولين ، فقال : لو قلت سبحان الله لكان خيرا لك ، ويُروى هذا عن الفرزدق أيضا. ويروي المازني صاحب المنصف في التصريف ، أن بعضهم أراد إحدى الجواري المغنيات أن تنشد البيت برواية فعولين ، فقالت لا أفعل ذلك أبدا ، ولا أغير رواية تعلمتها من شيخي ... حتى المغنيات كنّ ...

المهم اليوم أننا نتابع في المشهد السوري بعض الأجسام والكيانات، يقال لها كوني فتكون ، في الوقت المحدد، وفي المكان المطلوب، وما أجمل المثلث متساوي الساقين، رجل في دمشق وأخرى الله أعلم أين تكون .. ثم تكون فعولةً بالأمر التكويني على لغة من قال : فعولين ..شنشنة كثيرة عرفناه وألفناها، وما الفيلم المكرور علينا بجدود ..

حطوا إيديكم على رؤؤس ولادكم ما تقولوا ما قلنا لكم ...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 921