طرق الله كلها مستقيمة .. معالم على طريق الانتصار

ومن أجمل ما تعلمت من علم الرياضيات ، أنني كنت إذا حللت المسألة مفترضا ، ومشيت فيها نحوا من سبع خطوات أو سبع عمليات ، ومع كل خطوة أجد الجواب شئزا، والنتائج معكننة، فعدد غير قابل للقسمة، ومعادلة مميزها غير قابل للجزر، وحقائق وأرقام بعيدة عن الواقعية أدرك أنني أخطأت، وأدرك من العمليات المضطربة أن خطئي كان من البداية، وأنني يجب أن أعيد النظر من حيث ما بدأت ..

ثم ...

وتعلمت أنني إذا كنت على طريق، وشعرت أنني أسير على غير هدى ، أن أول ما يجب عليّ أن أفعله ، هو أن أتوقف، وأن أراجع ظني بالجهات الأربعة، أو أن أنتظر الفجر ..

يقولون دائما احفظوا خط الرجعة، ولكن ما أكثر ما نكون على طريق - مثل طريقنا - لا رجعة فيه . علينا أن نوقن أنه لا يوجد "متاهة " لا مخرج منها. و...كانت العرب تقول : يا هادي الطريق جرت هو والله الفجر أو البحر

ثم ...

وكنت إذا وضعت مفتاحا في القفل، ووجدته لا يفتح ، وحاولت فلم ...، وزيّته فلم ..أ؛ درك أنني أستعمل المفتاح الخطأ ، وأعلم أنه لا يوجد قفل بلا مفتاح، وإنما من واجبي أن أجد المفتاح المناسب للقفل الذي بين يدي ..!!!

أنا لا أتكلم عن الذين يمسكون أسنان المفتاح بأيديهم ، ويحاولون به من عقبه، تلك حكاية أخرى، وبكثير من هؤلاء ابتلينا ..لنبحث عن مفتاح قفلنا، وقد تكون المشكلة في سن صغير ، وأحيانا حكّتان بالمبرد وإذا الصعب قريب يسير ..

ثم ..

لقد استجدت لنا - نحن السوريين - في فضاء هذه الثورة المباركة ، التي لا خط رجعة لنا فيها، وهذه حقيقة الحقائق يجب أن نظل نكررها قبلا وبعدا ..

لا رجعة لنا فيها ، لا نحن نقبل عدونا ، ولا عدونا يقبلنا، هيهات هيهات يأبى الله ثم يأبى الدين والكرم والدم والعرض ..

ولكن الثبات والعزيمة و المضي كل أولئك لا يعني أن نظل خبط عشواء ..ولا يعني أن نظل نصدّق ونترنم بتصريحات " معالي الوزير " ووعود " سعادة السفير " ، وأول بلاؤنا كان منهما ثم من " الموك" و " الموم " ومن "المانحين" على سواء يبتسمون عندما نقبل ، ويكشرون عندما نأبى ..

وإذا " ذهبت السكرة جاءت الفكرة وجاءت العظة والعبرة " لم يسأل صادق منا نفسه، ماذا لو خذلوني؟؟ وفي منتصف البير قطعوني؟؟؟ وهذا تأمل لحال جمعي، وليس نبذا ولا تنابذا ، وإنما هو محاولة للإيقاظ والاستيقاظ ، بكل صراحة أقولها، الذين خذلونا إلى المذبح بل المسلخ يأخذوننا ، " وما حك جلدك مثلُ ظفرك ..فتول أنت جميع أمرك " وهذه حكمة ليبس للحفظ ، ولا لإبداع الخطاطين، بل للعمل اليومي في كل أمر وفي كل حين. أول ما يهم " محرّك النار أن يبعد النار على عن نفسه، وأن يشوي بها قرصه ، تلك من طبائع الأشياء والنفوس التي عليها تحتجون ...!!

وحين نعود إلى نقطة الانطلاق الأولى ونصحح الانحراف الذي في رأس الزاوية، نعيد إدراك على ضوء ما استجد من حقائق ووقائع الكثير من الأمور...

ندرك أن باعث الثورة الأول هو إرادة الخير ، ووشيجتها الأولى هي حب الخير لكل الناس ، فهذا ليس نزاعا على قميص أو شملة أو خيمة أو معزى أو خروف !!

وندرك بطريقة أفضل معاني التصريحات يتفوه بها رئيس أو وزير أو سفير، ونفسر أبعاد المواقف، ونعرف كيف نحدد من أين وإلى أين ، وكيف ومتى ..

ندرك أن معركتنا هي على كل الأرض السورية، وليست على تلة أو أكمة أو ظل شجرة .. وان سرة القرار السوري في مربع صغير في دمشق.

 ونعلم أن مجتمعنا هو كل الشعب السوري، وأن عمليات " التحزيز" ليست واقعا ولا طريقا ..

وندرك أن عمليات الهدم الحديثة يقوم بها مهندسون وخبراء وليس "فعول " في بضع ثوان تتحول الأبنية الضخمة إلى كومة من ركام ...

ونتعرف على ما يعدونه مراكز "القيادة والسيطرة " في كيان كل دولة بنحو ثلاث مائة مركز ، ليس منها ضرب البنية المجتمعية، ولا إثارة روح الشقاق، ولا الاحتراب على الطائفي. ..

نعود إلى البداية، ونضع كل المعطيات على الطاولة، ونتذكر أن طرق الله كلها " مستقيمة " وأن الخطوة الصائبة تضعك على الجادة، أو تمد أمامك جادة. وأن الانحراف في رأس الزاوية مهما بدا بسيطا قد يؤدي بنا إلى وديان " تهلك"

لا يأس ولا وهن ولا تيئيس ولا تشاؤم ، ولكننا والله يا قوم لسنا على جادة ولا طريق ولا درب ...كلام يكرره قائله منذ عشر سنين. وكم عانينا من الذين أمسكوا المفتاح بالمقلوب ، وسقوا الصحراء وضنوا عن الغضارية الخصبة الحمراء ...

ولنا عند الله وعد لن نخلفه ...

ثم في عقلنا الجمعي المبدع أمل ..

ولنعلم دائما أن طرق الله سوية ، وأن صراط الله مستقيم.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 933