الحلف الاسرائيلي - الايراني المستتر

بالبداية المطلوب منا كعرب ومسلمين ان نغير استراتيجية فهمنا للامور السياسية ، حيث ان الكثير من العرب  مع الاسف مازالوا يعتمدون على الإعلام والخطب الرنانة، وعلى ضربة عسكرية هنا واخرى هناك  في تقييم العلاقات بين الدول صداقة او عداوة ، وخاصة مايحصل بين اسرائيل وايران  .

اليوم تتعرض الولايات المتحدة لهزات داخلية كبيرة وخاصة ازدياد نمو التيار اليميني المتطرف فيها والذي شجع عليه الرئيس ترامب حتى ان بعض المحللين السياسيين يتحدثون ولاول مرة عن الارهاب الداخلي .

فإنسحاب امريكا من بلدان عديدة  في المنطقة لايمكن ان يفسر على انه انسحاب عشوائي، فدولة كامريكا لا تنسحب الا بعد ان تضمن البديل عنها ،  وبعد ان يتم  ترتيب الامور في هذه الدول بعد الانسحاب .

فأهم ما تفكر به الولايات المتحدة في منطقتنا هو تأمين الامن لاسرائيل اولاً. وقد تبين للادارات الامريكية المتعاقبة ان عرب الخليج الذين يتسابقون لحضن اسرائيل لايؤمنون  الحماية الكافية لإسرائيل،  وخاصة انهم لايملكون الذراع العسكرية الرادعة لحمايتها من اي تغييرات تحصل بالمنطقة. فقوتهم العسكرية تم بناؤها لاخماد ثورات شعوبهم فقط .

من هذا المنطلق كان لابد من الإعتماد على حليف قوي سمح له بتقوية ذراعه العسكرية على مرأى  ومسمع من اسرائيل وحماتها فكان الايرانيون  حيث سمح لهم باستيراد كل مايساعدهم على تقوية جيشهم ومليشياتهم من دول اوروبية وروسيا وكوريا الشمالية والصين ، وهي اليوم قاب قوسين أو أدني من السلاح النووي ، اضافة الى ثقة اسرائيل والغرب بايران معتمدين على تاريخ طويل من العلاقات المتميزة مع الاوروبيين  اضافة الى كره  وحقد على الامة العربية متأصل منذ معركة القادسية .

ولتغطية هذه العلاقات المتميزة بين الطرفين ، كان لابد من صناعة العداوة الظاهرة مع اسرائيل والغرب، فاعتمدوا على الضربات الخلبية  في البحر والجو . وذلك للضحك على الامة العربية بإقناعها بالعداوة بين الحليفين المستترين.

وللبرهان على هذه العلاقة المتميزة بين ايران واسرائيل ، علينا ان نعود الى فترة الثمانينيات، فبعد اقل من ثلاث سنوات على انقلاب الخميني ، ظهر فجأة إلى الوجود «حزب الله اللبناني» كأول طليعة وذراع عسكري لإيران في المنطقة. فأسست  ايران حزب الله على الحدود مباشرة مع ما تسميه وسائل الإعلام الإيرانية «الكيان الصهيوني»، بعد أن قضت بالتعاون مع النظام الاسدي على كل الفصائل اللبنانية والفلسطينية والوطنية واليسارية والإسلامية وغيرها في لبنان التي كانت تخوض حرب العصابات ضد إسرائيل. وفجأة ظهر  هذا الحزب ليرفع شعار تحرير القدس من على الحدود مع إسرائيل مباشرة، وليس من طهران.

فكيف سمحت إسرائيل وأمريكا لذراع عسكري إيراني ضارب أن ينشأ على حدود إسرائيل مباشرة مع لبنان بعد فترة قصيرة جداً من وصول الخميني إلى السلطة، وبالتالي أن يهدد «الصهاينة» من على مرمى حجر؟

فلو كانت إسرائيل تخشى من إيران وميليشياتها الطائفية في سوريا، لما سمحت هي وأمريكا لتلك الميليشيات بدخول سوريا أصلا،

فهل كانت أقمار التجسس الامريكية والتي تمر كل ثلاثين دقيقة فوق منطقتنا العربية نائمة  عندما تغلغلت ايران في العراق وسوريا ولبنان؟ فنما هذا الحزب ، واتخم بالسلاح الإيراني والسوري امام اعين أمريكا وإسرائيل ؟

لو كانت إسرائيل تخشى من إيران وميليشياتها الطائفية في سوريا، لما سمحت هي وأمريكا لتلك الميليشيات بدخول سوريا أصلًا ، ولن تسمح بتسليم العراق لإيران على طبق من ذهب، ومن يخشى من حزب الله في لبنان، لا يمكن أن يسمح لإيران بإنشاء ألف حزب الله في سوريا وهي تحوم حول اسرائيل من حوران الى البوكمال!.

اختم واقول :

امريكا ستخرج من المنطقة على فترات وهي مطمئنة على اسرائيل من وجود من يسد فراغها  .

واكثر من ذلك ستمنح ايران جائزتها للقيام بدورها المرسوم لها وهي القنبلة النووية  من اجل زيادة مكاسبها في ارض العرب وحماية لاسرائيل التي تملك سلاحاً نوويا  ولكن لاترغب باظهاره طالما هذا السلاح سيكون بيد من يدافع عنها .

ومازال حكام العرب نائمون  في فنادق العشر نجوم.

وسوم: العدد 946