زمزم والكوثر

كثيراً ما ندعو الله أن يسقينا شربة من الكوثر بيد الحبيب المصطفى وهو حوضه الشريف عليه أفضل الصلاة والسلام

فما الكوثر ؟ : إن لكل نبي من الأنبياء يوم القيامة حوضاً ،وحوض النبي محمد صلى الله عليه وسلم أكبرها وأعظمها ، وأكثرها واردة ،لقول النبي صلى الله عليه وسلم :

" إن لكل نبي حوضا , وإنهم ليتباهون أيهم أكثر واردة , وإني لأرجو أن أكون أكثرهم واردة "

رواه الترمذي

وحوض النبي صلى الله عليه وسلم ماؤه من نهر الكوثر ، فما الكوثر؟    

الكوثر في اللغة : وصف يدل على المبالغة في الكثرة ،وشرعاً له معانٍ :

الأول :أنه نهر في الجنة أعطاه الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ،وهذا المعنى هو المراد في قوله تعالى : " إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ "

الثاني : أنه حوض عظيم في أرض المحشر يوم القيامة ترد عليه أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، يأتيه ماؤه من نهر الكوثر ، وهو أحد أنهار الجنة ،

الثالث : الكثرة من كل خير . وقد آتى الله تعالى نبيه الكريم الكثير من الخير والفضل .

أوصاف حوض الكوثر:

طوله شهر , وعرضة شهر , وزواياه سواء ، وحافاتاه من ذهب ، ومجراه على الدرّ والياقوت ، وتقدر ابعادة من بلدة بالشام يقال لها إيله ، إلى بلده في اليمن يقال لها صنعاء ،آنيته مثل الكواكب وأكثر من نجوم السماء , ريحه أطيب من المسك , وترابه مسك ، ماؤه أبيض من الثلج واللبن وأحلى من العسل وأطيب من ريح المسك ،فيه ميزابان يمدانه من الجنة , أحدهما من ذهب ، والثاني من فضة , يرده المؤمنون من أمة محمد , ومن يشرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبداً وكل هذا ثابت في الصحيحين .

وقد جلاّه الله تعالى لنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم ، فقال :   " وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن " رواه البخاري

وفقراء المؤمنين من المهاجرين أولُ الواردين على الحوض الشريف لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : :((أولُ الناس وروداً عليه فقراء المهاجرين، الشعث رؤوساً الدُنُس ثياباً، الذين لاينكحون المنعّمات، ولا تفتح لهم السُدد، الذين يعطُون الحق الذي عليهم،ولا يعطَون الذي لهم)). صحيح الجامع/ الألباني

ماء زمزم: مدحه الحبيب المصطفى قائلاً : (خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم ،فيه طعام من الطعم وشفاء من السقم).

ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأبي ذر وقد أقام بين الكعبة وأستارها

ثلاثين ما بين يوم وليلة ليس له طعام غيره قال له :

متى كنت ههنا ؟ ،

قال : قلت :قد كنت ههنا منذ ثلاثين بين ليلة ويوم .

قال صلى الله عليه وسلم : فمن كان يطعمك ؟ .

قال : قلت: ما كان لي إلا ماء زمزم فسمنت حتى تكسرت عُكن بطني ( أي انثنى لحم البطن من السِّمَن ) ، وما أجد على كبدي سُخفة جوع ( أي رِّقة الجوع وضعفه وهزاله ) ،

قال صلى الله عليه وسلم :"إنها مباركة ، إنها طعام طعم"رواه الإمام مسلم (2473) .وزاد غير مسلم بإسناده :

قال ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى : ماء زمزم سيد المياه وأشرفها وأجلها قدراً ،وأجلها إلى النفوس وأغلاها ثمناً وأنفسها عند الناس، وهو هَزْمَة جبريل – هو من حفرها - وسقيا الله إسماعيل .

وفي سنن ابن ماجه في المناسك من حديث جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "ماء زمزم لما شرب له" ،فمن مأثور عبد الله بن المبارك – رحمه الله تعالى لما حج أتى زمزم - قوله : "اللهم إن ابن أبي الموالي حدثنا عن محمد بن المنكدرعن جابر رضي الله عنه عن نبيك صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ماء زمزم لما شرب له" وإني أشربه لظمأ يوم القيامة .

قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد : وقد جربت أنا وغيري من الاستشفاء بماء زمزم أموراً عجيبة واستشفيت به من عدة أمراض فبرأت بإذن الله وشاهدت من يتغذى به الأيام ذوات العدد قريباً من نصف الشهر أو أكثر ، ولا يجد جوعاً ويطوف مع الناس كأحدهم ، وأخبرني أنه ربما بقي عليه أربعين يوماً ، وكان له قوة يجامع بها أهله ويصوم ويطوف مراراً ،

من علائم الإيمان أن يملأ الحاج والمعتمر بطنه من هذا الماء المبارك لحديث النبي صلى الله عليه وسلم : " أن آية ما بين أهل الإيمان والنفاق التضلع من ماء زمزم "

رزقنا الله تعالى زيارة بيته العتيق ، ومتعنا بفضله وكرمه ومنّه . آمين  

وسوم: العدد 946