لا تستفرغوا حماقاتكم على الشعب العراقي!

قال أبو الطيب المتنبي:

وإنما الناس بالملوك وما ... تفلح عرب ملوكها عجم

العراق نموذج لدولة فاشلة لا يمكن أن تجد لها مثيل في العالمين القديم والمعاصر، لا نبالغ عندما نصفها ببلد العجائب وموطن الغرائب، وسنسرد بعض الحقائق ما يؤكد كلامنا وحكمنا على هذا البلد المتمرد على ذاته وعلى الدول الشقيقة:

اولا: من المعروف ان القوات الأمنية تهيمن علها الميليشيات الولائية المرتبطة بإيران، فوزارة الداخلية من حصة منظمة بدر، وكذلك الأمن الوطني، ووزارة الدفاع تسيطر عليها الميليشيات الولائية، والوزير السني مجرد ديكور، لا يحل ولا يربط، والحشد الشعبي بإمرة ذيول ايران، وولائهم للولي الفقيه، كما ان زعماء الميليشيات مثل قاسم الأعرجي وهادي العامري وجلال الصغير وعمار الحكيم وفالح الفياض، كانوا يقاتلون مع الجيش الايراني ضد الجيش العراقي.

بعد الغزو الغاشم صارت القوات الأمنية تحت إمرة عملاء ايران، العجيب ان هناك الآلاف من القادة و الضباط الكبار في العهد السابق ممن قاتلوا هؤلاء الزعماء الولائيين، واليوم صاروا تحت أمرتهم، انها حالة نادرة في التأريخ ان يصبح اعداء الماضي القريب حلفاء اليوم، وسادة البارحة عبيد اليوم، وعبيد البارحة سادة القوم، هذا هو العراق الديمقراطي يا عالم!

ثانيا: من العجائب، انه في كل دول العالم عندما تواجه عدوانا خارجيا تتوحد إرادة الشعب ويقف بقوة وراء قيادته لدرأ العدوان، بغض النظر عن خلافاتهم الداخلية، لكن خلال الحرب العراقية الايرانية وقفت الإحزاب الكردية مع العدو الخارجي (ايران) ضد الجيش العراقي وكبدته خسائرا جسيمة في الأرواح والمعدات، وصار الجيش العراقي يحارب على الجبهتين الخارجية والداخلية، بل أدخلوا الجيش الايراني الى حلبجة العراقية، وزادوا الطيبة بله، بزعمهم ان الجيش العراق هو من شن الضربة الكيمياوية، وهذا خلاف للوقائع حسب التقارير الدولية، انها حالة شاذة لم تحدث في تأريخ الدول.

ثالثا: بعد الغزو الغاشم على العراق قدمت الأحزاب الكردية قوائما بآلاف القتلى والجرحى خلال عمليات الأنفال وحلبجة، وتم تخصيص رواتب لذويهم من قبل مؤسسة الشهداء والسجناء، علما ان المسجلين هم أضعاف الرقم الحقيقي، لكن في نفس الوقت أصيب الآلاف من عناصر الجيش العراقي بالعوق سيما بسبب الألغام، وقتل الآلاف منهم من قبل البيشمركة، لكن هؤلاء بلا حقوق، ولم يسجلوا في مؤسسة الشهداء. حالة نادرة لا يوجد لها مثيل في العالم. الأدهى منه ان القتلى الأيرانيين في العراق تسلموا راوتبا من مؤسسة الشهداء العراقية. وبحسب مدير عام دائرة (شهداء ضحايا الإرهاب) في المؤسسة طارق المندلاوي، فإن هؤلاء الايرانيين مشمولين بقانون مؤسسة الشهداء رقم 2 لسنة 2016. ويشمل هذا القانون طلبة الحوزة من الايرانيين المقيمين في العراق، والذين أعدمهم النظام السابق لقيامهم بأنشطة تجسسية. في اول دولة في العالم يتم تكريم الجواسيس برواتب تقاعدية، اللهم صلي على محمد وآل محمد!!!

رابعا: من المعروف ان القائد العام للقوات المسلحة هو القائد الأعلى لكافة الصنوف المقاتلة، وكل فرد عسكري أو أمني يحمل السلاح في الدولة يخضع لأوامره، لكن في العراق غالبية الحشد الشعبي لا يخضع للقائد العام للقوات المسلحة، ويجاهر زعمائه من الذيول بأن الأوامر يتسلموها من الولي الفقيه في ايران، الأعجب منه إن رواتبهم واسلحتهم وملابسهم وعجلاتهم واكلهم وشربهم (سم وزقنبوت) كله من الحكومة ولا يأتمروا بأوامرها. حالة لا يمكن ان تجد لها مثيل في العالم، الولاء لأعداء الوطن، والخيانة لهوية الوطن!

خامسا: من المعروف في كل دول العالم وحسب دساتيرها ان التخابر من الأجنبي يعتبر عمالة وتجسس، وهذا ما تضمنه الدستور العراقي المسخ، لكن العملاء والجواسيس في العراق (الطابور الخامس) يجاهرون بعمالتهم بكل وقاحة، ولا توجد قوة قادرة على محاسبتهم او لجم ألسنتهم، حالة فريدة في تأريخ الأمم، وكما قلنا الجواسيس الموتى يتسلم ذويهم رواتبا تقاعدية عن خيانتهم للوطن. عال العال من هالمال حمل جمال!

سادسا: القضاء في كل دول العالم له معايير محددة، ولا علاقة للقانون بالسن والجنس والقومية والدين والمذهب، لكن في العراق المحتل يخضع المدعي العام الى سلطان الولي الفقيه ويأتمر بأمره، والقضاء العراقي الرصين للعظم برأ مجرما لأنه شاب في مقتبل العمر (جواد السهيلي)، وبرأ مجرما آخرا لأنه في عمر متقدم من السن، وبرأ موظفة سارقة لأنها سيدة، ونفس القضاء المخزي عاقب طفلا عشر سنوات سجن، لأنه سرق علبة مناديل ورقية. حالة عجيبة لا يمكن ان يعقلها اي قاضي في العالم ما عدا قضاة العراق. اللهم صلي على محمد وآل محمد، ولا تبارك أي قاضي عراقي.

سابعا: القانون العراقي يحكم بالسجن على من يهين الزعماء بشكل متعمد، ولكن عناصر من الحشد الشعبي سحقوا صورة قائدهم العام بالأحذية، وصرح زعيمهم بأن رئيس الوزراء كالمعز وسيقطع إذنه ان اعتقل أحد عناصر الحشد الشيعي، ولم يجرأ رجال القضاء على محاسبة أي منهم، ولم يحيلهم القائد العام الى محكمة عسكرية كما يفترض وفق القوانين العسكرية، بل صرف لهم رواتبهم كاملة، بكل ممنونية، كأن شيئا لم يكن! كرامة لا حدود لها لرئيس الحكومة، فعلا انه يمثل الشعب العراقي، والعراق الجديد.

الحقيقة المرة: ان الدولة الفاسدة هي من مخرجات النظام القضائي فيها.

ثامنا: كل دول العالم تعد موازنات سنوية، وخلال حكومة سيد الفساد نوري المالكي الثانية لم تُعد موازنة عام 2014، وكانت الحكومة تصرف بلا وصولات رسمية، يعني مال سائب، وفقدت الحكومة ما يزيد عن (400) مليار دولار خلال حكم المالكي لدورتين، ولم يسأل الشعب عن ماله المفقود، ولم يحمِ حامي الدستور عرينة المغتصب، ولم يلوموا الآكلون طعامهم من مكبات النفايات الحكومة ومجلس النواب، ولا ثار الساكنون في المقابر والعشوائيات ضد الحكومة. عندما يتقمص الشعب دور الخراف، يتقمص السياسيون دور الذئاب، ومجلس النواب يتقمص دور الدواب، حالة لا مثيل لها في العالم كله.

تاسعا. سقطت ثلثي مساحة العراق بيد تنظيم داعش الإرهابي، وهرب الجيش مخلفا ورائه اسلحة ومعدات بقيمة مليارات الدولارات، وقتل اللآلاف من قوات الجيش والقوات المتجحفلة معه، وتم تشكيل لجنه تحقيقية بالموضوع، والنتيجة فقد ملف التحقيقات، ولم يتعرض أي مسؤول حكومي الى المسائلة! اليست هذه هي الخيانة بأبشع صورها؟ القائد العام للقوات المسلحة وجميع القادة الهاربون من جماعة اللهم صلي على محمد وآل محمد!

عاشرا: قام الطرف الثالث (اي قوات مكافحة الشعب وعناصر الميليشيات الولائية)، بقتل وتعويق وجرح عشرات الآلاف من المتظاهرين السلميين الأبرياء، وفي رابعة النهار، مع هذا لم تتمكن الحكومة بقواتها الأمنية (اكثر من مليون عنصر)، ولا بكاميرات الشوارع (الآلاف) من تشخيص مجرم واحد. لو كانت الحكومة عمياء ربما تمكنت من مسك جلبات أحد المجرمين، لأول مرة في تأريخ الأمم، تتستر الحكومة على المجرمين والقتله والإرهابيين، وتدعي محاربة الإرهاب.

أحد عشر: مرت علينا قبل أيام ذكرى مقتل الحسين بن علي، وخرجت المواكب الشيعية تجوب الشوارع، وهي ترفع شعار (هيهات منا الذلة)، اتحدى اي عراقي ان يُعرِف لنا معنى الذلة وفق مفهوم العراقيين لها؟ هل يعيشوا هرلاء المستحمرين بكرامة وبحبوحة وحياة كريمة؟ اليس من المفروض ان يستبدلوا شعارهم بالقول (مراحب بالذلة)؟

إثنى عشر. يقوم البنك المركزي العراقي بأكبر عملية إحتيال في تأريخ العراق من خلال نافذة بيع العملة (مزاد العملة) حيث يتم تهريب (250) مليون دولار يوميا الى ايران عبر شركات مالية وهمية تعود للحرس الثوري الايراني، وتحدث مسؤولون في الحكومة العراقية ومجلس النواب عن هذه الخيانة وضررها على الإقتصاد العراقي، ولم يجرأ رئيس الجمهورية برهم السنيور حامي الدستور، ولا رئيس مجلس النواب، ولا رئيس الحكومة من وقف هذه المهزلة.

إسأل نفسك يا عراقي عن السبب، واستنتج مدى سيطرة الولي الفقيه على العراق، كل البنوك المركزية في العالم تحمي عملتها الوطنية، ما عدا البنك المركزي العراقي، فهو يحمي العملة الإيرانية. اللهم صلي على محمد وآل محمد.

رحم الله ابا الحسن عبد الرحمن المظفر الداوديّ بقوله:

كان في الاجتماع للناس نور         فمضى النور وأدلهم الظلام‌

فسد الناس و الزمان جميعا          فعلى الناس والزمان السلام‌  

(المنتظم).

وسوم: العدد 949