درس في المواقف والعلاقات... على ضوء مستقبل نراه رأي عين !!

وأخطر شيء في تاريخ الثورات: نخب شعبوية تضلل الجماهير بالقول فيما تشتهي، لاستتباعها والتحكم فيها !!

وهذا كلام كنت أتمنى أن يكفينه غيري من أصحاب "البايات" ولكن عهد الله علينا النصح لكل مسلم..

أيها السوريون الأحرار الأماجد، أيتها السوريات الحرائر الماجدات,,,,

وأول ما أحب أن أنبئ به في هذا المقام أن العلاقات السياسية بين الدول لا تقاس على العلاقات الشخصية بين الأفراد ...

نغضب من صديق، وقد كان وليا حميما، فنهجره ونقاطعه، ويتورط بعض الناس فيذيع كل ما علم من خبيئة أمره، ويتجاوز آخرون فإن لم يعلموا اختلقوا فكذبوا وبهتوا ..!!

العلاقات السياسية بين الدول والحكومات والرؤساء لا تقاس على ذلك، ولايتحكم ذلك بها، ومن دفع بكم أو بنا جميعا في هذا السبيل، فهو إما قاصر لا يعي، وإما غاش يريد أن يظهر لنا أنه أولنا في رفع الصوت والاشتداد بالنكير ولا يهمه إلى أين هذا الأمر يصير ..!!

أيها السوريون الأحرار الأماجد، أيتها السوريات الحرائر الماجدات..

وبسبب عوامل كثيرة ، بعضها من صنع أيدينا، وبعضها من ضعف البشر وغرورهم واستعجالهم ، وبعضها من مكر وتآمر غيرنا، يدخل قطرنا، وتدخل ثورتنا في قابل الأيام، في نفق أشد ظلاما مما كان. وعلينا في مواجهة غشيّة الظلام هذه أن نستصحب ما يتوفر لنا من وعي، ومن صبر، ومن حكمة، ومن مصابيح هاديات ..!!

عشر سنوات تفصلنا تقريبا عن مؤتمر أصدقاء الشعب السوري في تونس 2/ 2012 / المؤتمر الذي حضرته سبعون دولة، مع العديد من القرارات الأممية في الجمعية العمومية والتي كان لا يصوت فيها مع بشار الأسد غير بضع عشرة دولة جلها من المتردية والنطيحة ..عشر سنوات كان كافية لينقلب بنا الحال، ونصير إلى ما نرى ونسمع، وإلى ما يتهرب بعضنا من مواجهته، والاعتراف باستحقاقه..

ولنكن صريحين، ولنواجه الأيام القادمات بعزائم الرجال، وبالوعي الذي يليق بشعب قال عنه رئيسه الصادق يوما شكري القوتلي إن 95% من أبنائه يعتقدون أنهم سياسون...فلنعط وصف السياسي حقه، والسياسي الحق ليس الذي يعرف كيف يثبت مع العواصف والأنواء فقط، بل الذي يعرف كيف يحرث ويبذر ويحصد وستثمر في ظل العواصف والأنواء أيضا...في بلدنا نقول السياسي هو الذي يسبح في المازوت أو في الوحل والطين..وقد كرب أو كاد ..

أيها السوريون الأحرار الأماجد ..ايتها السوريات الحرائر الماجدات..

وكل من شدا شيئا من علم السياسة، وتابع بشيء من الوعي السياسي، السياقات الدولية والإقليمية في تصريحات الدوائر المعنية بدء من وزارة الخارجية الأمريكية إلى كل من يليها طبقا عن طبق، يدرك، إذا كان واقعيا ولا يبحث عن انتقائية يسوقها في سياق توظيف شعبوي، أن السياسة الدولية، واالسياسة الإقليمية مشتقة منها، مقبلةٌ على إعادة تأهيل المجرم السفاح بشار الأسد!! وإذا كانت هذا هي غشية الظلمة التي ستستقبلنا، موجة بعد موجة ، ودولة بعد دولة، فعلينا أن نكون مستعدين للتعامل معها على الطريقة الأهدى والأقوى والأقوم ..

أيها السوريون الأحرار الأماجد ...أيتها السوريات الحرائر الماجدات..

وأول ما أهمس به في آذانكم أن لا أحد في العالم أجمع يستطيع إعادة تأهيل بشار الأسد بدون أمرنا ورأينا ورضانا ..و"نا" ها هنا قد تعبر عن المائة أو عن المليون الذي يحدبون على مرادات من قضى ومضى من الشهداء وفاء والتزاما ..ولن يموت حق وراءه مطالب، ولنحتشد جميعا تحت مظلة واحدة عنوانها : لا للأسد ولا لطغمته، ولا لزمرته تحت أي مظلة، وبأي لون، وعلى أي دستور ..وبأي مكياج أو تحسين. وعلينا منذ الساعة أن نعيد التحيز بين طبقات المعارضة، معارضة تقارب وتفاوض، وأخرى أولى أولوياتها ما قضى عليه الأبرار من الشهداء...ولن ندخل في أي تفصيل، ولن نناقش أي تعلات، ولا علاقة لنا بكل ما يسوقه المسوقون شعارنا الأول وشعارنا الأخير : عاشت سورية ويسقط بشار الأسد. ولا شيء قبل ذلك ولا شيء بعده يهمنا..

"إعادة تأهيل الأسد" أو التطبيع معه كما يقولون من أي جهة كانت، ولاسيما من أبناء العشيرة العربية الأقربين سوف يؤلمنا، وسوف يؤذينا، وسوف يشحن قلوبنا بالغيظ ..ولكن وفي الموقف نفسه علينا أن نكون الأقدر ولأقوى على كظم الغيظ، والتعالي على الجراح، وإن كانت في الظهر ، وأن نستمر في طريقنا ولا نلتفت، ولا نتحول ولا يشغلنا أذى عابر صغير، عن محور جهدنا الرئيس، فإذا بعضنا قد انشغل عن قاتله إلى أكيل هذا القاتل وشريبه ...!!

أيها السوريون الأحرار الأماجد ...أيتها السوريات الحرائر الماجدات..

ومما أريد أن أفضي به إليكم لتوقنوا به، وتؤسسوا مواقفكم عليه، أن للأنظمة والحكومات ضروراتها، وهذا ليس تسويغا ولكنه محاولة للفهم- وأن ليس كل دولة أو حكومة أعادت فتح اتصالاتها أو علاقاتها أو بناء جسورها مع بشار الأسد، قد انتقلت عمليا وواقعيا من موقع صداقتنا والتعاطف معنا، إلى موقف صداقته والتعاطف معه، والكيل بمكياله، وإن بدا لنا الأمر كذلك، وإن كان هذا الأمر مثيرا لحفيظتنا. ولقد عشنا من قبل كمعارضين سوريين عقودا من الزمن في فضاءات العديد من الدول العربية، وكثير منهم يعلمون بنا وبمكاننا، ويغضون الطرف عن وجودنا، وهم في الوقت نفسه يزورنه ويزورهم، ويحدثونه ويحدثونهم...

وكلهم حين يذكره ينشد:

ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى ...عدوا له ما من صداقته بد

وكنا خلال عقود خلت نعايش هذا مع كل ما فيه من ألم ومرارة وغصة، لأنه جزء من عالم السياسة ومقتضياته الذي يجب أن يعاينه من ينتمي إليه.

أيها السوريون الأحرار الأماجد ...أيتها السوريات الحرائر الماجدات ...

وأخطر ما نقع فيه ، وما نعافسه، أن نستجر إلى معارك جانبية ليست معاركنا. فما أن نجد تحولا ممن كنا نعتده صديقا، وكثيرا ما يكون التحول سياسيا محضا ليس عليه من ملح الإنسانية شيء، حتى نجد نخبا وجماهير من السوريين قد نسوا مكانتهم على محور جهدهم الأول " عاشت سورية ويسقط بشار الأسد " وتحولوا إلى فتح النار على كل عابر سبيل أو سرير كما كتبت إحداهن ذات يوم ..

يقول لنا ربنا : لن يضروكم إلا أذى، وربما بسوء تصرفنا نحول المصانِع لبشار الأسد إلى صديق له حقيقي. ومعنى المصانع غير معنى الصديق.

 فلنتفهم وااقع العلاقات السياسية. ولنتمسك بكل خيط من خيوط الصداقة التي بأيدينا، ولنحرص ونحن أهل الشام على كل شعرة من شعرات سيدنا معاوية تربطنا بالآخرين ...وقد نكون في أيام نخال فيها هذه الشعرة حبلا أو نحتاجها ميثاقا غليظا ..

الجهة الوحيدة التي أعلنتها على الشعب السوري حربا صفرية وجودية، هي بشار الأسد حين قسم المجتمع السوري إلى متجانسين وغير متجانسين، والناطق باسمه وباسم الولي الفقيه حسن نصر الله، يوم أعلن على الملأ وبالفم الملآن أن حربه على الشعب السورية حرب وجودية .. فلنذكر هذا ولا ننساه..

التحدي خطير ، والأذى كبير، والقادم خطير، وليس لها والله إلا الصدق والحكمة والصبر، وحسن التدبير ..

واتقوا الله ويعلمكم الله ...وبيننا وبين أقوام أملناهم دم ورحم . وقد علموا وعلمنا أن الدماء لا تكون ماء ...وبشار الأسد أيضا يدرك هذا ولا ينساه..

لو كنت من مــــازن لم تســــتبح إبلي .. بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا

إذن لقام بنصري معشــــــــر خشـــــن .. عنــــد الحفيظة إن ذو لوثــــة لانــــا

ولكن قومي وإن كانوا ذوي عدد .. ليس من الشر في شيء وإن هانا

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 955