المربي القدوة

رغم طول المدة ، و مرور سنين العمر، مازلنا نشتاق لمرافقة المربي الذي يأخذ بأيدينا  إلى طريق الهداية ، و يسرح بنا  في دروب الدعوة ، و مازلنا نحن لجلسات العلم في حلق في باحات المساجد ، ما زلنا نحن لذلك المربي الذي يتفقدنا  في الصفوف و في أوقات الأذان ، لتدرك معه لذة التكبيرة الأولى ، و الله لن ننسى  تجدد روح شهر الصيام في ضيافة نافلة الصيام، فكم كانت الروح تتجدد ونحن  نتلذذ موائد  القرآن تلاوة و مدارسة  .

أكيد سيذكر تلك الأيام  كل من عاش نفحات الأيام التي مرت ،  عن نفسي لا أنسى   لذلك المربي اسهامه في توطيد علاقتي   بأسرتي ، حين أغيب عن البيت لواجبات دعوية ، فيأخذ المربي زمام المبادرة  ليرطب الأوضاع ، و قد مهد الطريق لتطيب خاطر والدي ، فبر الوالدين عنده عقيدة يتعبد ، كانت  أثار ذلك ملموسة  في دعوات والدي و رضاه .

ما زلت أذكر حرصه لتطوير مهاراتنا في  العمل الخيري و الدعوي و الثقافي ، فكنا عنده  كخلايا نحل  ،نمضي في جبهات العمل دون كلل أو ملل ،  كان حرصه و نشاطه  يسبقنا إلى في الميدان ،  فكان أكثرنا  حملا و تحملا .

ما أحفظه لذلك المربي لا تغيب عنه شاردة و لا واردة ، فكان نعم المرافق و نعم المتابع ، و من اللطائف  التي سجلتها لذلك المربي ، فطيبته فاقت كل نظير، و بشاشته و تبسمه معهودتين تخرج من سريرته دون  تكلف ، و مع تلك الرقة و اللطافة ،  كان قوي المراس، حازم في مواقفه يظهر الجد في كل تعامله  .

كم كنت أتمتع بتلك المعايشة التربوية الإيمانية ، كانت الأيام تحلو بتلك المرافقة التي تنورت بالأخوة  الإيمانية  في رحاب  جلسات العلم و الأدب  ، كان قوامها تلك المعاني الراقية التي كان من أركانها ، تعارف تجاوز حفظ الأسماء و تفاهم يولده الانسجام  في الأفكار ، تحصنه قيم  الإسلام الحنيف . و لا انسي لذلك المربي حرصه لتعزيز معاني التكافل الاجتماعي بين الأصحاب، فكان كل الواحد منا يشعر بتلك الأخوة،  يرى إخوانه أحق من نفسه، لما تآلفت القلوب و الروابط بسمو القيم السامية.

رغم تلك المنزلة التي احتلها ذلك المربي في قلوبنا ، فقد كان حرصه كبير أن ترتبط تلك القلوب حول الدعوة و أهدافنا  ، خدمة  للغاية  التي خلقنا من أجلها ، فكان شعار ه ( الله غايتنا )شعار  الذي يشدنا باستمرار في كل حركة و سكنة و فعل شعار يربطنا  بمشاريعنا . فكان الدليل  قوله تعالى ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين )

 فكان صوته يهتف دائما بذاك الشعار الرباني، الذي يربط الأرواح بالسماء ( الله غايتنا ) .

و  تمضي الأيام و لا يزال طيب تلك النفحات  محفورة في ذاكرة من عاش روح تلك الأيام و طيبها  ، نقول  لذلك المربي الكريم الخلوق القدوة ، رعاك الله أيها المربي ، فلك منا الحب ، و الدعاء و التوقير، نحفظ  لك الود و التقدير ما حيينا  ،اللهم  نور دربه بالإيمان ، و اختتم له بالصالحات يا  القوى .يا غفار .

وسوم: العدد 966