الأمة المسلمة بتفريطها في فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مهددة بعذاب من الله

الأمة المسلمة بتفريطها في فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مهددة بعذاب من الله عز وجل وبالحرمان من استجابة دعائها لكشفه عنها

من المعلوم أن الله عز وجل اختار الأمة المسلمة صاحبة الرسالة العالمية التي ختمت بها الرسالات السابقة لتكون خير أمة أخرجت للناس  وذلك  لكونها تقوم بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المصحوبة بالإيمان الراسخ بربها إيمانا مقره القلب والبرهان على صدقه  العمل الذي هو طاعته سبحانه وتعالى  فيما أمر به ، وما نهى عنه ، وما أمر جل شأنه إلا بالمعروف ، وما نهى إلا عن المنكر ،لهذا عندما جعل الخيرية في الأمة المسلم قدّم ذكر قيامها بفريضة الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر على إيمانها فقال عز وجل : (( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنتهون عن المنكر وتؤمنون بالله )) ،علما بأن  القيام بهذه الفريضة هي مدار الإيمان .

وخيرية الأمة المسلمة رهينة بعنايتها بهذه الفريضة ،فإذا ما فرطت فيها عرضت نفسها لغضب الله عز وجل وسخطه، فعاقبها بعقوبتين من أشد العقوبات كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عذابا منه ، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم " .

وبالتأمل في هذا الحديث الشريف ، نجد أن بعث الله عز وجل العذاب على الأمة المسلمة يكون وشيكا منها إذا ما عطلت فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومع نزول هذا العذاب بها لا شك أنها تجأر بالدعاء إلى خالقها لرفعه عنها ،فلا يستجاب لها لأن عدم الاستجابة جزء من ذلك العذاب وهي تكملة له . وطبيعة العذاب المبعوث من الله عز وجل بسبب التفريط في فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يكون شديدا ومؤلما لا يطاق ، وهو ما يجعل النازل بهم يدعون الله عز وجل أن يرفعه عنهم ، لكنه لا يأبه بهم زيادة لهم في العذاب . ومعلوم  أن الإنسان إذا كان يعاني من ألم فوق ما يطيق ، فإنه يلجأ إلى من يستنجد به ليخلصه منه أو على الأقل  ليخفف من معاناته إلا أنه حين لا يستجاب له تزداد معاناته ، حيث يتألم بسبب ما به من ألم ، كما يتألم  أيضا بسبب  الإعراض عن نجدته  أو مساعدته خصوصا إذا كان من يظن به النجدة والمساعدة  قادرا على ذلك ، و يكون هو عل  يقين بقدرته على ذلك ولكنه لا يفعل  .

ومعلوم أن العذاب الذي يبعثه الله عز وجل على الأمة المسلمة إذا ما فرطت في فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يكون أصنافا وأنواعا ، كما أنه يكون على قدر التفريط في تلك الفريضة ، فإن عمّ التفريط من الأمة كان العذاب أشد ، وتزداد شدته حين لا يستجاب دعاء كشفه عنها .

وقد لا تنتبه الأمة المسلمة المفرطة في فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى أنواع من العذاب يبعثها الله تعالى عليها ، بل قد تنال منها الغفلة مبلغها ،فلا تتفطن أصلا  إلى أنه عذاب  شأنها في ذلك شأن الذين قال فيهم الله عز وجل : (( ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون )) ، وهكذا قد تغتر الأمة المسلمة المفرطة في فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالرخاء الذي يمر بها بعد شدة ، وهي  ترى هذه الأخيرة أمرا عاديا ، ولا يخطر لها على بال أنه عذاب مبعوث من الله عز وجل جزاء التقصير فيما افترضه عليها من أمر بالمعروف ونهي عن المنكر ، وهي لا تبالي أن استمرار التقصير منها يجلب لها المزيد من الشدة القصوى التي قد تنزل بها بغتة وهي لا تشعر .

ودون الخوض في تعداد أنواع العذاب المترتب عن التفريط في فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والتي نتعوذ بالله منها ، لا بد على الأمة  أن تتنبه إليها ، وألا تستخف بها بحيث تظنها عادية ، وهي ليست كذلك في حقيقتها ، كما يجب أن تعتبرها  فرصا  لتدارك التفريط في الفريضة التي إذا أديت كما أمر الله تعالى حالت دون وقوع العذاب ، ودون منع استجابة دعاء كشفه .

ويجدر بنا  ونحن في أيامنا  هذه نعيش منع القطر عنا ،وهو نوع من أنواع العذاب  لما يترتب عنه من شدة  ومن قلة المئونة، فندعو ربنا أن يغيثنا  فلا يستجيب لنا أن نتفطن إلى تفريطنا في  أمانة الفريضة  التي قلدنا  إياها سبحانه وتعالى مقابل نعمة الخيرية التي خصنا بها دون غيرنا.

ومعلوم أن القيام بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تكون حسب ما يطيق كل فرد في الأمة باعتبار المؤهلات التي خصه بها الله عز وجل ، وهي تتراوح فيما يخص النهي عن المنكر الذي هو عند التأمل أمر بالمعروف في حد ذاته بين تغيير المنكر باليد ، وتغييره بالقلب ، وبينهما تغييره باللسان ، ولكل تغيير أفراده إلا أن ما هو حاصل في واقعنا هو تقاعس كل صنف عن القيام بما يناسب قدرته على التغيير ، فلا القادر عليه باليد يحرك ساكنا ، ولا القادر عليه  باللسان ينبس ببنت شفة ، ولا القادر عليه بالقلب يستشعر مجرد إنكارالمنكر في باطنه ، والجميع مفرطون في الفريضة الواجبة عليهم ، والجميع مشاركون في سبب نزول العذاب ، والجميع يعاقب بعدم الاستجابة لدعاء كشفه، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

وسوم: العدد 966