تثقيف سياسي.. الحزب الوطني للعدالة والدستور "وعد"

وصلني منذ الأمس تقرير مفصل عن انعقاد المؤتمر الثالث للحزب الوطني للعدالة والدستور "وعد"

ما سأكتبه في هذه السطور محاولة للتعريف، وليس دعاية سياسية. فمن حق علينا أن يكون شغلنا على أحيائنا، والعاملين فينا أكثر من شغلنا على الأموات يتيه البعض في فرزهم إلى جنة أو إلى نار.

وحزب "وعد" اليوم بفعل نشاط ومثابرة رجاله ونسائه، أصبح جزء من المشهد السياسي السوري, وكنت أعلم أنه لو أتيح له من الإمكانات معشار ،والمعشار عشر العشر، ما يتاح لغيره من الإمكانات المادية والمعنوية ومنها الدعائية والإعلامية لكان له اليوم شأن آخر.

أوجز ما أوصي به شباب الحزب وصباياه : تعودوا الحفر بأظافركم. لأمرين الأول لقول حكيمنا الأول:

ما حك جلدك مثل ظفرك ..فتول أنت جميع أمرك..

والثاني لأنه لا أحد يقول لك " مرض" إلا وله ثلثا الغرض. أعلم ألكثير في فضاء هذه الحال التي نعيش يبحثون عن المانحين، وأعلم أن العمل يحتاج إلى مال، وأعلم أيضا أن المانحين لا يمنحون رغبة في الأجر والثواب...

وكان مما حفظت: رأيت الناس قد مالوا ..إلى من عنده مال.

لقد قاربتُ عن بعدٍ انطلاقة حزب وعد، وكنت على علم بالظروف الصعبة التي تأسس فيها، والتحديات الإيجابية والسلبية، التي اكتنفت تأسيسه، وكونه تعبيرا عن "حالة" سورية، لا شخصية، ولا فئوية، وأستطيع أن أوجه اليوم وبعد ثماني سنوات على الولادة الصعبة، التحيةَ الطيبة المباركة لأعضاء الحزب وكوادره، فما تحقق أكبر مما توقع رجل مثلي، مع اعترافي بحجم التحديات، والعوائق، والمراهنات وبكورية التجربة..!!

قد أقول لقد حقق القائمون على الحزب الكثير، وإن سألتَني وأنت محق : وأين يظهر هذا الكثير؟؟ فسأقول لك: هذا لن يظهر الكثير في فضاء يكون المطلوب فيه من الحزب ومن غيره، أكثر وأكثر وأكثر.. ورحم الله من قال:

تسألني أم الوليد جملا ...يمشي رويدا ويجيء أولا

والدست السوري كالثقب الأسود يغيب كل جهد يلقى فيه.

رؤية حزب وعد بجملتها رؤية "وطنية سورية" في فضاء الحرية والعدل والمساواة، حزب منفتح على كل السوريين، مفتوح لكل السوريين، بكل انتماءاتهم، وأتعثر كلما قرأت أو سمعت أحدهم يقول "بلا أدلجة" أليس الكلام الذي كنت أعدد معالم رؤيته في السطرين السابقين هو إيديولوجية بكل معاني الإيديولوجية؟؟!! أعتقد أن الممارسات الايديولوجية المشوهة أو المشبوهة هي التي أعطت الظل السلبي لكلمة الإيديولوجية؛ وإلا فأي موقف أو فكرة أو مؤسسة إذا تمّ تفريغها من الإيديولوجية بالمطلق، باتت بلا معنى. ولعل سر كراهية كثير منا لمصطلح " إيديولوجية - أو عقائدية_ هو إطلاق حزب البعث على نفسه لقب "الحزب العقائدي" أي الإيديولوجي.!! حزب وطني سوري لا يقصي ولا يستثني، وأود أن أقول ولا يشترط. فليس من حق سوري أن يشترط على آخر. وإنما القرار الوطني الديمقراطي الحر هو الذي يحق له أن يشترط على الجميع. فأنا كاتب هذه الكلمات كيف سأرحب بحزب يبشرني أنه سوف بنبذني ويقصيني؟؟ أو أنزل على شرطه. فكرة ربما أسيء التعبير عنها وتحتاج من قيادة الحزب إلى مراجعة حقيقة.

وكلمة إضافية أزيدها في هذا السياق: إن العمل السياسي في كل دول العالم الديمقراطي هو عمل حزبي منظم. ومن هنا تتكرر الدعوة للسوريين لينتظموا في أحزاب وهيئات سياسية . كل الظلال التي ترسخ في العقول والقلوب سوداوية العمل الحزبي، ذات منشأ مشبوه أو مغلوط .وقال تعالى : (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ) أي جماعة. وقال : (فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ) أي جماعة. ولأهل الدين خطابهم، ولأهل الدنيا خطابهم.

ولقد عقد حزب وعد منذ أيام في تركية مؤتمره الثالث...

فجدد فيه لأمينه العام المهندس زهير الخطيب ندعو الله له بالعون والتوفيق.

كما أعاد انتخاب كوادره ومؤسساته بطريقة ديمقراطية، وأفرزت الانتخابات قيادات وكوادر جديدة، حيث أصر بعض قيادات الصف الأول أن يأخذوا خطوة إلى الوراء, أظننا عندما كنا نتدرب على النظام المنضم، كنا نتدرب كثيرا على هذه الخطوات: خطوة إلى الأمام سر ، خطوة إلى الورء سر، خطوة إلى اليمين سر، خطوة إلى اليسار سر ..ولكنما قلما مارسنا هذا في الحياة العملية..وحاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم الطائف فلما استعصت عليه قام بخطوة إلى الوراء. وكذا فعل خالد في جيش مؤتة. فقط لنتعلم..

وفي خطوة جريئة مباركة قام الحزب بافتتاح مكتب له في ريف حلب، في محاولة لإيجاد مرتسم عملي على الأرض السورية، خطوة نرجو أن يكون لها ما بعدها. ولها ما يقي ويفي ..

من المبشرات التي علمتُ أن عدد منتسبي الحزب قد بلغ الخمس مائة مواطن سوري من الرجال والنساء. وهو عدد في واقع الثورة السورية لا يستهان به. ويدلل على سداد الرؤية ، وعملية الطرح ، وصوابية العاملين...

اللهم يسر العاملين لليسرى ...

(وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)

أقولها لكل الخيرين من السوريين.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 966