عقيدتنا في القرآن الكريم أنه كلام الله .. لا خالق ولا مخلوق

وأوقن أنه من العهد الذي أخذه الله على الناس، ان يعلم من علم من لا يعلم. وأن قضايا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في أمور الاعتقادات، أهم منه قي قضايا طول الثوب أو قصره.

وأحتسب عند الله هذا المقال وانا صائم في رمضان، فليس في نفسي فراغ لجدال ولا لمراء؛ ولكنه بعض الحق الذي يجب ان يقال، في بعض الباطل الذي لا يجوز ان يمر . وأحتسب عند الله.

وارسل إليّ بعض الاحباب على سبيل الإتحاف تسجيلا مصورا لصاحب فكر وعلم من المغرب الشقيق، يجري حوارا على الهواء مع الداعية الكويتي محمد العوضي، يتحدث فيه عن القرآن الكريم. ومع انني أقر للمفكر صاحب الحديث، بصوابية وجمالية الفكرة التي طرحها في صلب موضوعه. حول تعالي الاسلوب القرإني الرباني المعجز الفريد على شخصنة او ظرفنة القضايا الكبرى التي يعالجها القرآن الكريم، حتى وإن كانت القضايا في سياقها شخصية أو ظرفية، حيث يؤكد الرجل جزاه الله خيرا في صلب موضوعه ان الكلام الرباني في اسلوب القرآن الكريم اعتمد تعميم او تعويم القضايا، متكئا على الاسم الموصول بصيغه المتعددة، ليبقى المثل مفتوحا صالحا للزمان والمكان.

القرآن الكريم يقول مثلا (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا...) تقرأ الآية فتجد نفسك أمام أنموذج مفتوح على الزمان والمكان والأقوام. وحين يقول لك المفسر والمقصود بالمثل "ابن باعوراء" تجد ان القضية قد تحددت وتضاءلت إلى حد كبير.. وهذا المثل اضافي من عندي لشرح الفكرة الموحية الجميلة.

أقول لقد اجاد الاخ المقرئ الادريسي في منحاه هذا أيما إجادة، وهي إجادة يستحق عليها ومحاوره الشكر والتقدير والتجزية بالخير، فجزاه الله ومحاوره خيرا..

ولكن…

ما صدر عن صاحب هذا الكلام الجميل القويم في مقدمة هذا التسجيل من عبارات، يقفّ له شعر المسلم، ويقشعرّ له جلده؛نكارة. يستدعي من أهل الاسلام غيرة ونجدة ووضعا للحق في نصابه حتى لا يجوز مثل هذا الكلام على من "وراء الباب" الذين تحمل الامام احمد رحمه الله تعالى السجن والجلد والتعذيب حرصا عليهم وعلى عقيدتهم. وحتى لا يقال إن أهل الاسلام هم على مذهب القوم " إنه واحد منا" فنسارع للرد على محمد اركون ومحمد شحرور وعدنان إبراهيم، فإذا جاءت الطمسة من "واحد منا" تلوينا أو التوينا، ونحن أصحاب منهج "ولو على أنفسكم"!!

لن أعيد توزيع الفيديو مع إعجابي بحشوته وإنكاري الشديد لمقدمته. ومن شاء فليلتمسه، والحصول عليه ليس بعزيز.

سأسجل تقديري وشكري للداعية الكويتي محمد العوضي وهو يحاول كبح حالة الإغراق في عزل "إرادة الله" عن الموقف والحدث، وحتى عن الاعجاز القرآني، وبتدخله بكلمة "ارادة الله ثابت لا نقاش فيه" أو نحوها..

وأقول كذا فعل ارسطو صاحب نظرية العقل الاول، بتنزيه التعطيل، وأذكّر بأننا ، نحن المسلمين، نؤمن بعقيدة "الحي القيوم".

ويجب ان يكون مرفوضا ومستنكرا قول القائل: ما هي الآليات التي اعتمدها القرآن الكريم لتخليد ذاته ؟!! إسناد الفعل الى القرآن الكريم في هذا السياق ليس سليما، وعنوان "تخليد ذاته" عنوان مريب ومستنكر نكارات شرعية وعقلية ومنهجية؟؟

أو قوله: القرآن الكريم استحدث آليات مفاهيم مصطلحات أساليب طرقا لخلوده!!

ومرة أخرى إسناد فعل استحدث الى القرآن الكريم إسناد مريب، مستدع لإيحاءات شركية وثنية، لا يمكن لمسلم استقرت عقيدة التوحيد في قلبه، وعلم انه لا إله الا الله ان يقبله، وقوله "لخلوده" طامة أخرى نفكر بمعانيها الحقيقية والمجازية فلا نرى لها سواغا..،

يقول الاخ الفاضل الكريم صاحب التسجيل

في كل الظواهر الكونية نبحث عن اسبابها بعيدا عن التعليل بإرادة الله، وهذا منهج علمي لا يستنكر، المستنكر من قوله هذا الايحاء بأن القرآن الكريم ظاهرة كونية، وان البحث في أسباب تعالي وخلود هذه الظاهرة، كان بعيدا من كونها كلام الله..بل بصفات ذاتية حققها القرآن في ذاته لذاته بطريقة لا تفهم على وجه الحقيقة ولا على وجه المجاز. عوامل يحاول الباحث ان يكتشفها، وأعجب العجب محاولة الفصل بين ذاتية القرآن ومصدره الرباني، والادعاء ان البحث يجب ان يقوم على هذه القاعدة.

القرآن الكريم ليس نصا انفصل عن قائله في لحظة، كما نقول في عالم الادب!!

وكتب مالك بن نبي رحمه الله تعالى كتابه "الظاهرة القرآنية" ورفض بعض الناس التعبير، وسوغه بعض على مضض.

عقيدتنا في القرآن الكريم انه كلام الله القديم القائم في ذاته تعالى جد ربنا، وكان الامام احمد رضي الله عنه إذا سئل هل القرآن مخلوق؟؟ يقول ليس بخالق!!

نعم انه كلام الله المعجز ، وستسقط كل محاولات تأليه القرآن. القرآن ليس اقنوما لا متصلا ولا منفصلا ، وكما سقطت كل محاولات تشييء القرآن، تحت عنوان (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) فزعم من زعم ان القرآن الكريم مخلوق، ستسقط كل محاولات تأليه القرآن بخلود ذاتي!! وقول بعضهم آليات ومصطلحات وآساليب ومناهج!!

فيا أيها المسلمون احذروا…

ويا أيها الإعلاميون اتقوا الله..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 975